وسط زخم متصاعد في العلاقات المصرية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية المتحالفة مع تركيا، وليدها علاقات قوية مع إيطاليا، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية في حكومة "الوفاق" محمد الطاهر سيالة.

وكان لافتاً عدم صدور بيان رسمي من قبل الخارجية المصرية عن الاتصال الهاتفي حتى عصر أمس، لكن المتحدث باسم خارجية "الوفاق" محمد القبلاوي، صرح بأن شكري أثنى على استقبال الوفد الأمني المصري في العاصمة طرابلس أمس الأول، كما أكد استمرار التعاون بين الجانبين، متمنيًا أن تكون الزيارة خطوة جدية في هذا الاتجاه.

Ad

وعزز الاتصال الهاتفي من حالة الانفتاح المتبادل بين القاهرة وحكومة "الوفاق"، التي توشك أن تنهي فترة من الجمود المشوب بالتوتر بين الجانبين منذ 2014، إذ زار وفد مصري طرابلس أمس الأول، للمرة الأولى منذ 6 سنوات، وهي زيارة تأتي في أعقاب استقبال القاهرة لكبار المسؤولين في "الوفاق" على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.

أجواء إيجابية

والتقى الوفد المصري، الذي ترأسه نائب رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة، اللواء أيمن بديع، بوزير الخارجية في حكومة "الوفاق"، ثم وزير الداخلية فتحي باشاغا، ورئيس جهاز المخابرات عماد الطرابلسي، لبحث التحديات الأمنية المشتركة، وسبل تعزيز التعاون الأمني، ومناقشة سبل دعم اتفاق وقف إطلاق النار، ومناقشة مخرجات لجنة (5+5)، وسط أجواء إيجابية من الطرفين.

وكشف القبلاوي، عن بعض ما دار في الاجتماعات، إذ أكد عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، أن "الوفد المصري وعد الجانب الليبي بإعادة عمل السفارة المصرية في طرابلس في القريب العاجل، كما تم الاتفاق على ضرورة وضع حلول عاجلة لاستئناف الرحلات الجوية الليبية للعاصمة المصرية القاهرة.

من ناحيته، وصف وزير الداخلية باشاغا اللقاء مع الوفد المصري بـ"اللقاءات المثمرة والبنّاءة"، وأكد في تغريدة له على "تويتر": "علاقتنا مع القاهرة مهمة"، وأشار إلى أن اللقاءات استعرضت "سبل تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي المشترك، بما يحفظ مصالح الدولتين والمنطقة من خطر الإرهاب والجريمة المنظمة".

رؤية مصرية

مصادر مصرية مطلعة قالت لـ"الجريدة"، إن الجولة نجحت بكل المقاييس في إعادة القاهرة إلى قلب المشهد الليبي، في إطار الرؤية المصرية القائمة على الانفتاح على جميع فرقاء المشهد دون الانحياز لطرف على حساب طرف آخر، في ضوء الهدف المصري الاستراتيجي بإنهاء الأزمة الليبية، وعودة الليبيين إلى حكم أنفسهم دون تدخل من أي طرف.

وأشارت المصادر إلى أن الوفد المصري ناقش ملف إعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس، وهو ما سيتم فتحها قريبا، واستعادة النشاط الدبلوماسي المباشر، فضلا عن طرح رؤية مصر المتكاملة لحل الأزمة الليبية، والتي تركز ابتداء على رفض وجود الميليشيات المسلحة في ليبيا، مع ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية، ورفض وجود أي قواعد لأي قوى إقليمية على الأراضي الليبية، كما طالب الوفد المصري جميع الأطراف الليبية بالالتزام بمخرجات لجنة (5+5) العسكرية، ومخرجات برلين.

خطوة تصحيحية

من جهته، قيّم عضو مجلس "النواب" المصري والمحلل الاستراتيجي، سمير غطاس، زيارة الوفد المصري إلى ليبيا، قائلا لـ"الجريدة": "الزيارة جهد طيب من قبل مصر، وخطوة متقدمة في الاتجاه الصحيح، للانفتاح على أحد المكونات الأساسية في المشهد الليبي، خصوصا أن الزيارة المصرية تزامنت مع زيارة وفد عسكري تركي لطرابلس، ما أكسبها أهمية مضاعفة".

وتابع غطاس: "التحرك المصري جاء ليصحح المسار، وينهي حالة من القطيعة استمرت سنوات، وشهدت توترا كبيرا في العلاقات بين القاهرة وما يسمى بحكومة الوفاق، لكن الآن تمضي مصر في مسار أفضل يقوم على تبني مقاربة تنفتح على جميع الفاعلين في المشهد الليبي، للوصول إلى حل السياسي الذي ينهي الأزمة الليبية، ويحمي الأمن القومي المصري".

القاهرة - حسن حافظ