الصين تسمح بتدخل جيشها في الخارج ابتداء من 2021

قانون الدفاع الوطني المعدَّل يتيح لبكين تحريك قواتها إذا تعرضت مصالحها التنموية للتهديد

نشر في 29-12-2020
آخر تحديث 29-12-2020 | 00:03
مقاتلتان صينيتان خلال طلعة جوية (موقع الجيش الصيني)
مقاتلتان صينيتان خلال طلعة جوية (موقع الجيش الصيني)
يسري بعد أيام، قانون صيني للدفاع الوطني، ادخلت عليه تعديلات تسمح لبكين بتحريك قواتها خارج البلاد لحفظ مصالحها، في خطوة تتزامن مع قرب تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن السلطة، وسط ترقب لسياسته تجاه بكين، وتأتي الخطوة بعد تقرير اقتصادي مرموق توقع أن تصبح الصين الاقتصاد الأول في العالم في وقت أبكر مما كان متوقعاً.
يدخل قانون الدفاع الوطني الصيني المعدل، الذي يسمح للصين بلعب دور عسكري خارج حدودها، حيز التنفيذ مع أول أيام العام الجديد، بعد مصادقة اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب الوطني، أعلى هيئة تشريعية في الصين، عليه يوم السبت الماضي.

وكانت تقارير قالت إن التعديلات على قانون الدفاع الوطني، وهي الأولى منذ 11 عاماً، تنص على أن الصين ربما تحرك قواتها العسكرية إذا تعرضت «المصالح التنموية» أو السيادة أو وحدة أراضي البلاد للتهديد.

ولم يتم إيضاح ماذا تعني المصالح التنموية، ولكن ينظر إليها على نطاق واسع على أنها الأنشطة الاقتصادية في الخارج، وابرزها مشروع «الطريق والحزام» (طريق الحرير) العملاق، والذي بدأ بالفعل يثير توترات سياسية في عدة بلدان يمر بها.

ووفق التعديلات، أضيف الفضاء الخارجي والفضاء الإلكتروني إلى مجالات الأنشطة العسكرية.

ونقلت صحيفة «غلوبل تايمز» الصينية عن خبراء صينيين قولهم إن القانون الجديد يفتح المجال لبلادهم لأن تقول كلمتها ميدانياً فيما يتعلق بالأمن والسلام في العالم، وحمايته في مواجهة «قوى الشر التي تسعى لتدميره».

وعند تقديم التعديل الأخير للقانون، شدد مسؤول في المكتب التشريعي التابع للجنة العسكرية المركزية الصينية حسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) على أن بكين تتبع سياسة دفاعية وطنية ذات طبيعة دفاعية وأنها ستدفع بنشاط من أجل التبادلات والتعاون العسكري الدولي، مضيفا ان بلاده تحمي السلم العالمي وتعارض أفعال التوسع والغزو.

وقال المسؤول إن «القانون المعدل يجسد أيضًا مفهوم مشاركة الجميع في الدفاع الوطني»، مضيفاً أنه يتعين على جميع المنظمات الوطنية والقوات المسلحة والأحزاب السياسية والجماعات المدنية والشركات والمنظمات الاجتماعية والمنظمات الأخرى أن تدعم وتشارك في تطوير الدفاع الوطني والوفاء بواجباته ومهامه وفقا للقانون».

كما تنص التعديلات على أن الصين تشجع وتدعم المواطنين والشركات المؤهلة للقيام باستثمارات في قطاع الدفاع الوطني، وتضمن حقوقهم ومصالحهم المشروعة، وتوفر لهم سياسات تفضيلية وفقا للقانون. وتتهم واشنطن عدة شركات صينية منها «هواوي» العملاقة بالعمل لمصلحة الجيش الصيني.

وتتضمن التعديلات كذلك تعزيز جهود استكمال مهام وأهداف بناء القوات المسلحة الصينية، ومعالجة الاحتياجات الدفاعية في المناطق الأمنية الجديدة، وتوضيح السياسات الدفاعية في المناطق الأمنية الرئيسة، وتعزيز حماية حقوق الأفراد العسكريين.

ونقلت «غوبال تايمز» عن سونغ تشونغ بينغ، الخبير العسكري والمعلق التلفزيوني الصيني، قوله إن «السياسة العسكرية الصينية دفاعية وليست عدوانية، وتقف مع السلام وضد الحرب، ومع العدالة في الصين وفي العالم في وقت تتآمر فيه قوى الهيمنة الأنانية مهددة السلم والاستقرار».

وقال سونغ إنه «في ظل مؤامرات الهيمنة واللجوء الى إجراءات آحادية وتزايد الإرهاب ونزعات الانفصال والقومية، فإن عالم اليوم ليس سلميًا ويحتاج إلى أن تلعب الصين دورًا فريدًا في تحقيق العدالة السليمة» مضيفاً أنه «أصبح من الضروري أن تعزز الصين قدراتها الدفاعية الوطنية بما في ذلك القدرات على استخدامها في الخارج لأسباب عادلة»، وذلك «سيمكن الصين من تحمل مسؤوليتها الضرورية في الأمن الإقليمي والعالمي».

بايدن والاقتصاد الأول

وسيتزامن سريان القانون مع تسلم الرئيس الديمقراطي الاميركي المنتخب جو بايدن، السلطة في واشنطن في 20 يناير المقبل. ورغم اجماع اميركي على ان الصين هي الخطر الاستراتيجي الوحيد الذي يمكن أن يهدد الولايات المتحدة، يعتقد مراقبون ان بايدن سيعتمد سياسة أقل تصادمية مع بكين مقابل العودة الى السياسة التقليدية في تشديد الضغوط على روسيا. لكن العلاقة بين البلدين ستبقى متوترة، وسيرث بايدن، الذي عمل مع الرئيس السابق باراك اوباما على تحويل الاهتمام الأميركي من الشرق الاوسط الى جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ، ملفات ثقيلة دبوماسية وتجارية.

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (سي إي بي آر)، ومقره في بريطانيا، في تقرير سنوي، أن الصين ستصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2028، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة، قبل خمس سنوات مما كان متوقعا في السابق.

ورأى المركز أن وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية كانت لصالح الصين، مضيفاً أن إدارة بكين الماهرة للأزمة ستجعلها الاقتصاد العالمي الرئيسي الذي سيتوسع العام المقبل.

محاكمة ناشطين

الى ذلك، وبعد ستة أشهر من اعتماد قانون مشدد للامن القومي في هونغ كونغ، بدأت أمس محاكمة مجموعة من الناشطين من هونغ كونغ اعتقلوا في اغسطس الماضي أثناء محاولتهم الفرار من المدينة الى تايوان على متن قارب، في قضية اثارت توتراً بين واشنطن وبكين.

ودعت السفارة الأميركية في بكين الى الافراج عن الموقوفين، حيث اعتبرت أن «جريمتهم الوحيدة هي الفرار من الاستبداد»، متهمة «الصين الشيوعية بأنها لا تتوقف أمام أي شيء لمنع مواطنيها من الذهاب للبحث عن الحرية في مكان آخر»، لكن الخارجية الصينية ردت بدعوة واشنطن الى وقف التدخل في الشؤون الداخلية الصينية واتهمتها بتجاهل الحقائق.

ومنع الصحافيون الأجانب من الوصول الى المحكمة، وكذلك 10 دبلوماسيين من عدة دول بينها المانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وهولندا والبرتغال وبريطانيا، طلبوا حضور المحاكمة.

التبت

كما عبرت الخارجية الصينية عن رفضها القاطع لتشريع أميركي جديد وقعه الرئيس دونالد ترامب هذا الأسبوع ينص على إنشاء قنصلية أميركية في مدينة لاسا وهي عاصمة التبت، وعلى حق سكان التيبت المطلق في اختيار خليفة للدالاي لاما الزعيم الروحي للطائفة البوذية التبتية. وقال تشاو ليجيان المتحدث باسم الوزارة إن القضايا المتعلقة بالتبت هي شأن داخلي.

بومبيو

من ناحيته، واصل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس هجماته اللذاعة على بكين، وقال في تغريدة: «حرب الحزب الشيوعي الصيني على الأديان تستهدف المسيحيين والمسلمين والبوذيين وأنصار الفالون غونغ على حد سواء. الحزب الشيوعي الصيني لم يستثن أحدًا».

وعلق وزير الخارجية الأميركي في وقت سابق، على بناء شبكة الجيل الخامس من قبل شركة «هواوي» الصينية: «نحن نخطط لحماية الأمن القومي الأميركي، لا نريد أن ينتهي الأمر بالبيانات الخاصة بالأميركيين في أيدي الطرف الصيني الشيوعي»، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف بومبيو: «نريد أن نرى جميع الدول تتفهم الحرية والديمقراطية وتقدرها، وأن تعلم أنه من المهم لشعبها وقيادتها فهم هذا التهديد الذي يشكله الحزب الشيوعي الصيني، يجب العمل على حد سواء وبشكل جماعي لاستعادة ما هو حق لنا».

back to top