بالتزامن مع احتدام الخلافات بينه وبين الفصائل المسلحة الموالية لإيران على خلفية تجدد استهداف المصالح الأميركية قبيل حلول الذكرى الأولى لاغتيال قاسم سليماني وأبومهدي المهندس، أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عدم السماح للسلاح المنفلت بالتحرك وتهديد حرية العراقيين.

وقال الكاظمي، في تصريحات خلال اجتماع ضم كبار قادة الأجهزة الأمنية واللجنة الانتخابية أمس: "إن المهمة المركزية لحكومتنا هي إجراء انتخابات مبكرة باعتبارها حكومة استثنائية بكل المقاييس. حكومتنا نتاج لحراك شعبي من جهة ومطلب للمرجعية والقوى السياسية التي تنشد التغيير من جهة أخرى".

Ad

وشدد الكاظمي على أنه رئيس وزراء مستقل ولا ينتمي لأي كتلة سياسية، وأن العراق على مفترق طرق ومستعد لإنجاز المهمة التاريخية، ومؤكداً: "لدينا فرصة في النجاح واستعادة ثقة الشعب بالدولة".

دعا رئيس الوزراء، المنفتح على محيط العراق العربي والمدعوم من واشنطن، القوى السياسية والبرلمان إلى حسم موضوع المحكمة الاتحادية لاستكمال متطلبات العملية الانتخابية.

هرب وإحراج

ويأتي ذلك وسط تصاعد جديد للأزمة بين الحكومة العراقية والميليشيات المدعومة من إيران، بعد إصدار الكاظمي مذكرة اعتقال بحق المتحدث بسم "كتائب حزب الله العراقية" أبوعلي العسكري أمس الأول.

ورغم تهديد الفصيل القوي المرتبط بطهران للكاظمي، رجحت مصادر هرب العسكري خارج البلاد خوفاً من استهدافه أمس.

وجاءت مذكرة الاعتقال بعد وصف العسكري لرئيس الوزراء بـ"الغادر" وتهديده بشكل مباشر وصريح بأن الاستخبارات الإيرانية "لن تحميه"، في إشارة على ما يبدو إلى استناد الأخير لمعارضة الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجية محمد جواد ظريف لمعالجة "الحرس الثوري" الملف الأمني بالعراق.

وقال مصدر قضائي، إن القضاء أصدر 4 مذكرات توقيف لشخصيات عسكرية ومدنية لها علاقة بالمجموعات التي تطلق الصواريخ على المباني الدبلوماسية والعسكرية في المنطقة الخضراء بوسط بغداد حيث تقع السفارة الأميركية.

وفي خطوة تبدو أنها تهدف لإحراج رئيس الوزراء، بثت قناة تابعة لـ"عصائب أهل الحق" فيلماً وثائقياً، روى فيه رئيس الوزراء السابق، عادل عبدالمهدي، تفاصيل الليلة التي نفذت فيها عملية اغتيال سليماني والمهندس، مشيراً إلى أنه نهض على اتصال من الكاظمي الذي كان حينها رئيس جهاز المخابرات، حيث أخبره بـ"وقوع أمر ما بغارة جوية أميركية على الإيرانيين قرب مطار بغداد"، حتى تأكدَ بنفسه من وجود القائد الإيراني ضمن القتلى إثر انتشار صورة ليد مقطوعة عليها الخاتم الذي عرف به قائد "فيلق القدس".

وفي وقت سابق، نفى عادل عبدالمهدي، تصريحات نظيره الأسبق حيدر العبادي، التي ادعى فيها منح موافقة عراقية لطائرات أميركية لاغتيال سليماني والمهندس، حيث تتهم أطراف في الفصائل العراقية الموالية لإيران الكاظمي بالتواطؤ بضربة المطار.

تحريك واستهداف

في هذه الأثناء، كشفت مصادر أمنية أنها رصدت معلومات عن قيام مجموعة مسلحة بعملية نقل صواريخ نوع غراد إلى منطقة حي المعامل شرقي العاصمة، بغية استهداف المنطقة الخضراء في ليلة رأس السنة.

وأضافت أنه "تم إصدار توجيهات أمنية لمراقبة وتفتيش المناطق التي يحتمل وصول الصواريخ إليها".

في غضون ذلك، ذكرت الشرطة أن رتلاً لقوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن تعرض لانفجار بعبوة ناسفة لدى مروره على الطريق السريع قرب محافظة الديوانية جنوبي البلاد أمس.

وعاودت الجماعات المسلحة، التي يعتقد أنها مرتبطة بإيران، خلال الأيام الماضية عملياتها لاستهداف أرتال قوات التحالف المنسحبة من العراق لدى مرورها في المحافظات الجنوبية رغم الإجراءات الأمنية المشددة.

رد والتباس

من جانب آخر، رد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة على تصريحات الزعيم العراقي مقتدى الصدر الذي دعا فيها طهران إلى إبعاد صراعها مع واشنطن عن بلاده، مجدداً رفض طهران أي هجمات ضد المقار الدبلوماسية والسكنية.

لكن المتحدث ذكر بتعرض مقار دبلوماسية إيرانية في العراق لهجمات، وقال إن تصريحات الرئيس الأميركي المنتهي ولايته ووزير الخارجية مايك بومبيو التي اتهمت طهران بالتورط في الهجوم الأخير على السفارة الأميركية ببغداد جاءت في توقيت "مشبوه ومضلل".

وشدد المسؤول الإيراني على أن بلاده لا تسعى إلى التوتر لكنها ستدافع بكل قوتها عن مصالحها و"الولايات المتحدة مسؤولة عن أي تدهور".

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن "إيران لن تسمح بأن يذهب دم سليماني هدراً وأن تمر الجريمة بلا معاقبة الضالعين فيها".

وتسبب رد زادة على الصدر في التباس حيث وصفه البعض بالهجوم على الصدر الذي دعا خلال مناشدة لإيران إلى فرض حالة الطوارئ في بغداد لمنع الهجمات على المنطقة الخضراء التي تهدد أمن البلاد في ظل تلويح واشنطن بإغلاق سفارتها وتوجيه رد عسكري صارم.

زيارة وتوتر

وأشار زادة إلى قيام وفد عراقي بتكليف من الكاظمي، بزيارة إلى طهران، أمس الأول لنقل رسالة عراقية إلى الجانب الإيراني.

وقال إن الوفد جاء بدعوة من طهران في إطار التنسيق الطبيعي بين البلدين بعد تقارير عن أن الزيارة سرية.

من جانب آخر، حذرت إيران من تجاوز "خطوط حمر" متعلقة بأمنها في الخليج بعد تقارير عن تحركات لغواصة إسرائيلية باتجاه المنطقة، وشددت على أنها ستدافع عن نفسها ضد أي مغامرة قد تقدم عليها إدارة ترامب في أيامها الأخيرة.

وفي جانب آخر من التوتر المتشعب بين طهران وبغداد بعدة ملفات، أفادت وزارة الكهرباء العراقية، بأنها فقدت 7 آلاف ميغاوات من الكهرباء، جراء خفض إيران لواردات الغاز المغذي لمحطات إنتاج الطاقة، فيما بدأت تركيا تصدير الكهرباء إلى العراق لمدة 11 شهراً أمس.