منذ سنة استطاع فيروس كورونا وقف عقارب الساعة لدى دول ومنظمات وهيئات ومليارات البشر حول العالم، فلا فضائية ولا إذاعة ولا صحيفة إلكترونية ولا غيرها إلا يبدأ الحديث فيها عن الفيروس، لكن بعد اكتشاف العديد من اللقاحات المضادة للفيروس وبدء حملة التطعيمات بدأ العالم يتنفس الصعداء، وبدأ أيضا الحديث عما بعد كورونا.الحكومات والمجالس المنتخبة ستنشغل في إعادة اقتصاداتها والتجهيز للفيروس القادم وأمور كثيرة، أما كاتب هذه السطور فسيطرح خطته لما بعد التقاعد، مع أنني انضممت إلى ناديه في منتصف العام الماضي، مما يعني أن الجائحة أوقفت عقارب ساعتي أيضا مع أنني لا أستخدم ساعة.
أعتقد أننا، خصوصاً في منطقة الخليج، مقصرون تجاه أنفسنا في حياة ما بعد التقاعد، ففي الغرب مثلاً يضع من ينوي أو تنوي التقاعد خطة، تشتمل على زيارة البلدان التي لم يقوموا بزيارتها، ويعيشون الحياة كاملة بما فيها مسائل الحب والزواج لدرجة أنه يمكنك أن تشاهد "عريساً" في السبعين من عمره يتزوج امرأة من سنه أو تصغره قليلاً حتى يكملا ما تبقى من عمرهما سوياً.في دولنا ما إن تنضم إلى نادي المتقاعدين حتى تبدأ بالجلوس في البيت وتتابع ما يفعله الخدم، وهو أمر طبيعي، لكن أن تصل بك الحال إلى أن تأخذ جولة يومية في البيت للتأكد من الثلاجات إن كانت مغلقة أم لا، وإضاءة الأسوار الداخلية والخارجية للمنزل، فهذا إهدار لأجمل مراحل ما تبقى من حياتك كمتقاعد.السيدات حديثات التقاعد لسن بأفضل حال، فالقصة لديهن تبدأ وتنتهي بحضور المناسبات الاجتماعية، وخصوصاً "الأعراس" وليس لدينا اعتراض على ذلك، لكن هذا الحضور يتبعه حفل نميمة لا يقل عن حجم المناسبة، وفي النهاية العروس دائماً "جيكرة" والمعرس أجمل منها، مع أن الأولى ملكة جمال والثاني "غلام الكلفس" أحلى منه.ما أدعو إليه أن نحب الحياة من بدايتها إلى نهايتها، فقد خلقنا الله لذلك، لأن بعضنا يتصرف بالعكس، فبمجرد أن تحدثه عن أي شيء يرد عليك بالقول: ما بقي بالعمر شي!علينا خلق ثقافة جديدة في هذا المكان من العالم معنية بحياة ما بعد التقاعد، عمادها حب الحياة والتمسك بها حتى الرمق الأخير، وهذا يشمل السيدات، فالإنسان ليس علبة سردين سُجل عليها تاريخ صلاحية، بل هو كائن حي عليه أن يستمتع بحياته حتى خروج الروح منها شريطة نشر المحبة بدل الكراهية.فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك!
مقالات
حياة ما بعد التقاعد
29-12-2020