ما أشبه الليلة بالبارحة وحاجتنا للمصالحة
في عام 2013 كانت الأوضاع السياسية لا تختلف كثيرا عن المشهد السياسي الحالي حين تحولت أنظار النواب من الصراع على الرئاسة إلى حالة استهداف للوزراء ومحاصرتهم بالاستجوابات والأسئلة البرلمانية، وذلك لامتصاص حالة الاحتقان الشعبي التي شهدتها الساحة الكويتية، خصوصاً بعد إدانة المحكمة لرموز الحراك واستغلال البعض تلك الظروف. هذا الجو العام يعود ليرمي بظلاله اليوم بعد أن فقدت كتلة المعارضة تماسكها قبيل معركة الرئاسة وأثناءها هي وانتخابات اللجان، مما أدى إلى خسارتها معظم ساحات المنازلة، وبذلك لم يتبقَّ لها الكثير سوى التوجه إلى أسوار الحكومة.الحكمة تقتضي التفكير بصوت عال ولغة جامعة مظلتها الدستور، من خلال تمهيد الأرضية الخصبة للاستحقاقات الوطنية القادمة بدلًا من الاجتهادات الفردية التي نشاهدها اليوم من خلال كم الاقتراحات المقدمة من الإخوة النواب، والتي وإن كانت مستحقة لكن يغلب عليها عدم التنسيق وغياب الأولويات.
كشعب لا نريد الناطور بل نريد العنب، والأولويات واضحة وضوح الشمس يعرفها القاصي والداني، لا تحتاج سوى ترتيبها وتحديد الفترة الزمنية لتنفيذها، والتنسيق حولها دون التشكيك في النوايا، ودون الحاجة إلى تكوين فريق معارضة وفريق مولاة، فقد سئم الشارع الكويتي تلك الأسطوانة المشروخة التي لم يجن منها شيئا.نريد مجلساً لا يزايد على وطنية أحد، مجلساً قوياً أميناً يتوافق مع الحكومة في إقرار المشاريع التي تصب في مصلحة المواطن، ويحاسبها متى ما قصرت في واجباتها، ونريد حكومة قادة على الإنجاز لديها برنامج عمل ووزراء قادرين على التنفيذ. مقومات النجاح الحكومي لا تقاس بقدرتها على المواجهة وصعود المنصة، بل في مدى التزامها بتطبيق القانون، ومقومات نجاح المجلس تأتي بالبعد عن المكابرة وتصفية الحسابات وإدراكهم المهام المنوطة بهم كممثلين للأمة، وعدم الاندفاع وراء المعارك الجانبية التي يدفع ثمنها المواطن.الحاجة اليوم إلى المصالحة والعفو الشامل تتطلب صفاء النيات والقبول بالاختلاف، فأنت لك حق وغيرك له الحق ذاته أيضا، وفوق هذا وذاك هناك أمهات وآباء وإخوان وأخوات وزوجات وأبناء يتنظرون الفرج من الله عز وجل، ومن والد الجميع سمو الشيخ نواف الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، فلا أحد يزايد على معاناتهم.قال تعالى: "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ". وقال عز وجل: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".ودمتم سالمين.