بغداد وطهران تحلان أزمة الغاز... وعقدة الميليشيات تستعصي

● حكومة روحاني تجدد رفضها للمغامرات
● السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي : ملف العراق بيد قآني

نشر في 30-12-2020
آخر تحديث 30-12-2020 | 00:05
مقاتلون في «الحشد الشعبي» خلال تأبين رمزي لقاسم سليماني في كربلاء  أمس (أ ف ب)
مقاتلون في «الحشد الشعبي» خلال تأبين رمزي لقاسم سليماني في كربلاء أمس (أ ف ب)
بعد أن وصل التوتر بينهما إلى مستوى عالٍ في الأيام الماضية توصلت بغداد وطهران إلى حل لمسألة ضخ الغاز الإيراني إلى بغداد بينما بقيت قضية الميليشيات العراقية الموالية لطهران من دون حل.
لا تزال محاولات تهدئة التوتر بين بغداد وطهران على محوري الفصائل المسلحة وإمدادات الغاز مستمرة. على المستوى الأمني يبدو أن زيارتي قائد "فيلق القدس" إسماعيل قآني للعاصمة العراقية وزيارة وفد عراقي حكومي لطهران، فشلتا في التوصل إلى حل لعقدة الميليشيات العراقية المسلحة المدعومة من طهران، والتي يتسبب سلاحها وأجنداتها في انفلات أمني وفوضى سياسية.

وحسب معلومات "الجريدة"، لم يرشح عن الاجتماعات أي اتفاق على تهدئة كتلك التي تم التوصل إليها قبل أشهر وأدت إلى توقف الصواريخ على المنطقة الخضراء في بغداد. ويقول مراقبون إنه من المستحيل قيام طهران وحلفائها بتعهد مماثل بينما تستعد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمغادرة السلطة.

لكن في المقابل، أثمرت زيارة وزير الطاقة الإيراني إلى بغداد التوصل إلى حلّ سريع لموضوع تخفيض طهران لإمدادات الغاز إلى العراق، إذ تقرر أن تعاود طهران ضخ الغاز بالمستوى السابق.

وربط مراقبون بين الملفين معتبرين أن قطع طهران إمدادات الغاز في هذا التوقيت جاء ردا على الحملة التي بدأها رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي ضد فصائل مسلحة متحالفة مع طهران، وكان آخرها الاعتقالات التي جرت بحق قياديين بهذه الفصائل بعد سقوط صواريخ على السفارة الأميركية ببغداد.

وتطالب الحكومة العراقية طهران بلجم ميليشياتها التي تهدد في بعض الاحيان باستهداف مقراتها، وهذا ما جرى مؤخرا عندما هددت حركة «عصائب اهل الحق» باستهداف مؤسسات رسمية احتجاجاً على اعتقال قائد كتيبتها الصاروخية، وآخرين بتهمة التورط في مهاجمة السفارة الأميركية.

وتربط طهران مسألة لعبها أي دور في تنظيم عمل الميليشيات بقضية انسحاب الجيش الأميركي الكامل من العراق.

ربيعي ومسجدي

في هذا السياق، أكدت الحكومة الإيرانية أمس، على لسان المتحدث باسمها علي ربيعي، حرصها على أمن العراق، ورفضها أي «مغامرات» تهدد استقراره، وكشفت في الوقت ذاته أنها بعثت رسائل غير مباشرة إلى أميركا بشأن تجنيب منطقة الخليج خطر الانجرار للحرب في الأيام الأخيرة من حقبة الرئيس دونالد ترامب.

بدوره، نفى السفير الإيراني لدى بغداد، إيرج مسجدي، المحسوب على «الحرس الثوري» مسؤولية بلاده عن القصف المتكرر للسفارة الأميركية في العراق، أو دعمها للجهات المنفذة لتلك الهجمات، لكنه شدد في مقابلة مع قناة «العهد» التابعة لـ «عصائب أهل الحق» على أن اللواء إسماعيل قآني هو من يمسك بالملف العراقي.

وكانت «الجريدة» أشارت قبل أيام الى خلافات إيرانية داخلية واسعة حول ملف العراق بين ثلاث جهات: الحرس الثوري الذي كان يمسك قائده الراحل قاسم سليماني بالملف، ووزارة الخارجية بقيادة محمد جواد ظريف التي تحاول أن تلعب دوراً أكبر من خلال فتح قنوات مباشرة مع الحكومة العراقية، والجهة الثالثة متمثلة بالأمين العام لمجلس الأمن القومي الأعلى الادميرال علي شمخاني الذي يرتبط بعلاقة خاصة مع الكاظمي.

وهذه الخلافات مضاف اليها فشل قآني في ملء الفراغ الذي تركه سليماني، وافتقاره للكاريزما انعكس فوضى في صفوف الفصائل العراقية، التي يتخوف بعضها من ان تكون هناك تسوية ايرانية على حسابه.

صالح والصدر

من ناحيته، قالت الرئاسة العراقية في بيان أمس، ان الرئيس العراقي برهم صالح بحث مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت «التطورات السياسية والأمنية في العراق والمنطقة، وأكدا ضرورة تعزيز سلطة الدولة والأجهزة الأمنية في تحقيق الأمن والاستقرار في العراق، وتأمين سلامة المباني الحكومية، والبعثات الدبلوماسية وأفرادها من الاعتداءات» .

وأضاف البيان أنه «تم بحث ملف الانتخابات النيابية المبكرة المقرر إجراؤها في العراق في السادس من يونيو المقبل، والسبل الكفيلة بضمان نزاهتها بعيداً عن سطوة السلاح والضغوط».

من ناحيته، وبعد انتقادات نادرة من الخارجية الايرانية لرجل الدين مقتدى الصدر، الذي دعا طهران وواشنطن إلى إبعاد العراق عن خلافتهما، جدد صلاح العبيدي المتحدث باسم الصدر، أمس التحذير من أن «التصعيد في المنطقة يضر بالعراقيين»، مشدداً على ضرورة «منع الانفلات الأمني الذي تسعى إليه العديد من الجهات».

الغاز

إلى ذلك، أجرى وزير الطاقة الإيراني، رضا اردكانيان، وهو رئيس الجانب الإيراني في اللجنة الاقتصادية الإيرانية - العراقية المشتركة، لقاءات مع عدة مسؤولين في بغداد. وجاءت الزيارة بعد إعلان وزارة الكهرباء العراقية، أن إيران قررت تخفيض تجهيز العراق بوقود الغاز من

5 ملايين إلى 3 ملايين متر مكعب لعدم تسديد الديون، محذرةً من أن هذا سيجعل تجهيز الكهرباء شبه معدوم في بغداد والفرات الأوسط. ويأتي قرار تخفيض نسبة تجهيز الغاز الإيراني بعد أسبوعين من اتخاذ قرار مماثل لخَفض نسبة التجهيز من 50 مليون متر مكعب إلى 5 ملايين متر مكعب.

وقالت شركة الغاز الوطنية الإيرانية، في بيان، إن وزارة الكهرباء العراقية مدينة لها "بأكثر من ستة مليارات دولار متأخرة".

وبحسب الشركة، فإن "وزارة الكهرباء العراقية مدينة بأكثر من ملياري دولار من الفواتير غير المسددة ومليار غرامات تعاقدية، بينما ثلاثة مليارات محجوبة ولا يمكن الوصول إليها في مصرف التجارة العراقي"، وهو المصرف العام الحكومي.

وتعرض الحكومة العراقية دفع الديون بالدينار العراقي لكن طهران تصر على تلقيها بالدولار الأميركي على أساس أن العقود وقعت بالدولار أو اليورو. وتتخوف الحكومة العراقية من مخالفة العقوبات الأميركية في حال دفعت بالعملة الصعبة. وقالت مصادر في طهران، إن إيران رفضت عرضاً عراقياً جديداً بهذا الشأن وهي تهدد بوقف كامل للإمدادات في حال لم تفرج بغداد عن الأرصدة الإيرانية.

والتقى اردكانيان وزير الكهرباء العراقي ماجد حنتوش، ورئيس البنك المركزي مصطفى مخيف، وختتم زيارته بلقاء مع رئيس الوزراء.

وقال موقع "ناس نيوز" العراقي، إن اردكاني نقل "تعهدات الحكومة الإيرانية باستئناف ضخ الغاز الإيراني بشكل عاجل، والذي تم قطعه مؤخراً لأسباب فنية".

وأكدت مصادر في طهران التوصل إلى حل دون أن توضح إذا كان الدفع سيجري بالدولار أو باليورو.

صالح وبلاسخارت أكدا ضرورة تعزيز سلطة الأجهزة الأمنية في تحقيق الأمن وتأمين سلامة المباني الحكومية والبعثات الدبلوماسية
back to top