أصفار وطنية ‎

علمتنا حسابات الأخبار أن قيمة "المواطن البسيط" لا بد أن تساوي صفراً، وكل ما يضرب بصفر كما هو معلوم يساوي صفراً أيضاً، كما يقول ويقر المنطق الرياضي، ولذلك لا أهتم لأخبار تعنعن في حساب "تويتر" عن مشهور سناب بأن حكومة أو نوابا أو صحفا قالت إن برامج الإصلاح الاقتصادي وسد العجز لن تمس مطلقا، أو "متطلقا" كما قالت "نعيمة الصغير" يوماً الجيب المصون للمواطن الميمون.

الخبر المفرح مهما كان يحمل مليون بشارة ومليار أمل مع شوية خردة تفاؤل، لكنه سيضرب ضرباً مبرحاً في صفر المواطن البسيط إن وجد في المعادلة لتكون النتيجة صفراً طبعا، بالأخير سماء صفرك ممطرة وراتبك مسدود مسدود يا ولدي، فالقرض عليك هو المكتوب، فأنت مواطن بسيط تحول إلى صفر كجزء من الاختراعات العظيمة لخوارزميات تنمية بيض الصعو هنا، وبمعادلات صفرية بسيطة جداً، ومن شابه مواطنه البسيط فما ظلم.

وتنطبق عليك الأصفار في كل مناحي الحياة من إبرة "راجعنا بكرة" حتى صاروخ المركز المالي، ازهلها يا مواطننا البسيط سنصلح الحفر في شارعك، ولن يؤذيك حصاه والنتيجة صفر، ستنتهي الزحمة يا مواطننا الوردة، ولن تكابد بعد الآن شوك الدقائق والساعات والمحصلة صفر، سنطور تعليم أطفالك حتى تخر لهم جبابرة التعليم في العالم ساجدينا على الأيادي والركب، وحتى يتمنى طالب مدارس ميونخ في ألمانيا أن يشهد طابورا للصباح في مدارسنا، أيضا صفر.

مشروعاتنا الصحية وبرامجها التي ستجعل ذوي أبقراط في القارات الست يندى جبينهم خجلا، صفر، كبح الغلاء وكشطه وضبطه متلبسا بالفلس المشهود صفر، فترة انتظارك دور الإسكان ستكون قبل أن يرتد إليك طرف عقد إيجارك صفر، قروضك صارت من الماضي وأعطني صوتك فقط وسأكون سوطك بالمجلس الذي يمتطي سراج حلمك وينكل بإقصائك وبعد الصوت صفر، ثم صفر وبعدها صفر، وهلم جرا صفر يتبع صفرا ويعلوه صفر، ومن ورائه صفر، ويزحف تحته صفر حتى آخر هاوية أصفار في هذا العالم، وحتى نهاية صفير آخر بلبل من مجرتنا، حتى آخر مجرة في هذا الكون الممتد والكبير جدا.

ووراء كل صفر أصفر الوجه عظيم الذبول هناك صفر ذو كرش وخدود، يعيش مترمما يقتات ويتضخم ويلد الأصفار ذات اليمين بعد أن يلقم فمها بأصفارنا ذات الشمال، ومصائب أصفار عند أصفار فوائد.

فالح بن حجري