الاتفاق النووي والرأي العام الإيراني
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
فحين أُعلن الاتفاق النووي عام 2015، كانت غالبية الدول العربية تعارضه، لكن في سنوات التدخل، زاد الدعم للاتفاق مع تزايد الثقة بأنه قد يقيد قدرة إيران على تطوير قنبلة نووية، وبحلول عام 2018، أيدت أغلبيات في هذه الدول نفسها الاتفاق، لكن مع تصاعد المخاوف من تحركات إيران الإقليمية، أيدت أغلبيات قوية في كل بلد عربي، بما في ذلك لبنان والعراق، انسحاب ترامب من الاتفاق، معبرين عن أملهم في التوصل إلى اتفاق جديد يعالج دور إيران في الصراعات الإقليمية. وفي إيران، شهد الرأي العام تحولاً كبيراً، ففي عام 2015 كان 80% من الإيرانيين يؤيدون الاتفاق، وبعد الانسحاب الأميركي، انخفض التأييد إلى 60%، وفي عام 2014، عبرت أغلبيات كبيرة من الإيرانيين- بين 60% و90% - عن دعمهم لتورط حكومتهم في العراق وسورية ولبنان واليمن، لكن في عام 2015، بعد إعلان الاتفاق، بدأت هذه النسبة تنخفض وبحلول عام 2016، انخفض الدعم لهذه التدخلات الأجنبية، أقل من 50% في العراق وسورية ولبنان، وإلى 20% فقط في اليمن، وبحلول عام 2017، وبعد انسحاب الولايات المتحدة وفرض عقوبات جديدة على إيران، ارتفع تأييد الجمهور الإيراني لهذه التدخلات الخارجية إلى أكثر من 60%. فالإيرانيون يؤيدون فيما يبدو حكومتهم حين تتعرض لتهديد. وبقراءة هذا المسح للرأي العام العربي والإيراني، ربما تسلك إدارة بايدن المسار الصحيح، فالإدارة تبتغي التواصل مع إيران لا الصراع معها، وتسعى الإدارة إلى إعادة الاتفاق النووي، لكن مع إضافة عنصر معالجة تورط إيران في الصراعات الإقليمية. ومثل هذا النهج، قد يكون من الصعب تحقيقه لعدة أسباب، فقد أصبح الرأي العام الإيراني أكثر تشدداً، والعقويات الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب أضرت بالشعب الإيراني والانتخابات قادمة في يونيو 2021، ومتشددو البلاد في صعود، والتوجهات نحو إيران أصبحت أكثر حدة في الولايات المتحدة أيضاً، خصوصا وسط «الجمهوريين»، وأي تحرك لتخفيف العقوبات أو العودة إلى الاتفاق النووي قد يواجه معارضة قوية في الكونغرس، والرأي العام نحو إيران تشدد أيضاً وسط العرب في ظل دور إيران العدواني المستمر في المنطقة. لكن رغم كل هذا، يظل التواصل نهجاً أفضل، ومساعي التفاوض لإعادة الاتفاق النووي مع معالجة تدخلات إيران الإقليمية قد يفتح الباب لتغيير الرأي العام في إيران والعالم العربي، وهذا ليس يسيراً، لكن أي شيء أفضل من المسار الحالي الذي يؤدي إلى طريق مسدود من صراع واسع ليس فيه فائز.* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن.