في خطوة تهدف إلى مساندة جهود رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي اطلق حملة ضد فصائل مسلحة موالية لإيران على خلفية استهدافها المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأميركية وعدة مقار دبلوماسية، زودت الولايات الولايات المتحدة الجيش العراقي بـ30 سيارة مدرعة للمساعدة في تأمين المنطقة الدولية.

ووسط توتر متصاعد بعد توقيف حكومة الكاظمي عناصر من فصائل مسلحة في مقدمتها «عصائب أهل الحق» و«حزب الله العراقي» على خلفية القصف الصاروخي الأخير على «المنطقة الخضراء»، أعلنت السفارة الأميركية في بغداد عبر «تويتر» أمس أنه تم تقديم المركبات الاثنين الماضي لفرقة القيادة الخاصة والكائنة في «قاعدة الأسد» الجوية، كي يستخدمها الجيش العراقي في دورياته بمحيط المنطقة.

Ad

ولفتت السفارة إلى أن المساهمة تأتي باعتبارها جزءاً من خطة أكبر لمكتب التعاون الأمني التابع للجيش الأميركي ـ العراق لدعم فرقة القيادة الخاصة في تأمين مركز بغداد.

وشددت على أن واشنطن مُلتزمة بمساعدة الجيش العراقي في الحفاظ على أمنِ البلاد وبغداد.

وجاء الدعم العسكري للكاظمي الذي يسعى جاهداً لتمرير الذكرى الأولى لاغتيال القائد الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، التي تحل الأحد المقبل، بعد تعرض السفارة الأميركية لقصف صاروخي وصف بالأكبر منذ سنوات الخميس قبل الماضي. وأعقب القصف مواجهة كادت أن تتحول إلى اشتباك مسلح بين «العصائب» بزعامة قيس الخزعلي وقوات تابعة للاستخبارات العراقية على خلفية توقيف الأخيرة لأحد عناصر الأولى بتهمة التورط في الاعتداء.

دفاع الحكيم

ومع احتدام المواجهة التي يخوضها الكاظمي لتحييد العراق عن الصراع بين واشنطن وطهران بعد انتشار تهديدات مصورة لقادة بالمليشيات تتوعده بالويل والثبور، أبدى رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، أمس، رفضه إزاء ما وصفه بـ«هتك وتخوين» رئيس الوزراء. ودعا الحكيم خصوم رئيس الوزراء المنتفتح على المحيط العربي والخليجي للعراق إلى الاكتفاء بـ«نقده ومحاسبته».

وقال الحكيم، في كلمة ألقاها بمحافظة الديوانية، أمس، إن «من حق الجميع نقد رئيس الوزراء ومحاسبته لكن لا يجوز هتكه وكسره وتخوينه والتقليل من قيمته أمام الآخرين، لأن منصب رئيس الحكومة رمز الدولة والأشخاص تذهب والدولة باقية».

انتقام رمزي

في غضون ذلك، جدد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمله في أن تتحسن الأمور مع رحيل نظيره الأميركي دونالد ترامب الذي أمر باغتيال اللواء قاسم سليماني والمهندس بضربة من طائرة مسيرة قرب مطار بغداد 3 يناير الماضي.

وخاطب روحاني، في تصريحات خلال اجتماع الحكومة، أمس، الولايات المتحدة، قائلاً «لقد قطعتم يد لوائنا وسنقطع أرجلكم عن المنطقة وحينئذ نكون قد نفذنا الانتقام النهائي». وعبّر روحاني عن سعادته البالغة لرحيل ترامب عن الإدارة الأميركية. وقال إنه «مطمئن أن كل المنطقة ستشهد ظروفاً أفضل بكثير في استقرارها وأمنها بعد ترامب».

وتشير تصريحات الرئيس الإيراني المعتدل إلى رغبته في «انتقام رمزي» يجنب بلاده تصعيداً عسكرياً مع واشنطن وسط مراهنته على عودة الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه سلفه ورفعه للعقوبات التي أغرقت الاقتصاد الإيراني في الركود.

ووسط تباين بين أجنحة النظام الإيراني حول الاستراتيجية التي يجب اتباعها مع قرب استلام بايدن السلطة في 20 يناير، عقد البرلمان اجتماعاً غير معلن، بحضور إسماعيل قآني الذي خلف سليماني بقيادة «فيلق القدس» التابع لـ»الحرس الثوري». ولم يتسرب من الاجتماع شيء بعد، غير أن تقارير ذكرت أن قآني قدم تقريراً عن آخر الأوضاع في المنطقة للبرلمانيين.

تورط المطار

وتزامن ذلك مع اتهام المدعي العام في طهران، علي القاصي مهر، شركة «G4S» البريطانية، المسؤولة عن أمن الطيران في مطار بغداد بالتورط في اغتيال سليماني.

وقال المدعي العام خلال جلسة متابعة قانونية وقضائية لملف الاغتيال، عقدت بحضور رئيس القضاء إبراهيم رئيسي، إن الشركة البريطانية زودت الجيش الأميركي في العراق بموعد وصول الطائرة، التي كانت تقل سليماني.

وأفاد المدعي الإيراني بأن «التحقيقات تشير إلى تورط ألمانيا في الضربة». وأوضح أن قاعدة القوات الجوية الأميركية في ألمانيا مسؤولة عن توجيه الطائرة المسيرة «الدرون»، التي استهدفت موكب سليماني وتقديم معلومات وبيانات الطيران للقوات الأميركية. وأكد أن السلطات الإيرانية تعمل على ملاحقة الشركة البريطانية المسؤولة عن أمن مطار بغداد.

وأضاف: «تم التعرف على هوية 45 شخصية أميركية مسؤولة عن الاغتيال وقدمنا أمر استدعائها إلى الشرطة الدولية الإنتربول».

وأشار إلى أن إيران «منحت 6 دول هي العراق وسورية وقطر والكويت ولبنان والأردن، تمثيلاً قضائياً للتحقيق في اغتيال سليماني، وتسلمنا أخيراً نتيجة التمثيل القضائي من العراق».

وتأتي الهجمات المتكررة من الرئيس الإيراني على ترامب وحديثه عن «ظروف أفضل» في عهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، فيما يرى محافظون في إيران ألا فرقَ بين ترامب وبايدن، معتبرين أن روحاني يحاول عبر هذه التلميحات حول المرحلة المقبلة، التحضير لعودة التفاوض مع الإدارة الأميركية المقبلة، وسط توقعات بعودة واشنطن إلى «الاتفاق النووي» المبرم مع طهران عام 2015، والذي انسحبت منه الإدارة الأميركية الراهنة.

تعويض إيراني

في سياق متصل، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن حكومة روحاني خصصت 150 ألف دولار لأسرة كل ضحية من ضحايا طائرة ركاب أوكرانية كانت تقل 176 شخصاً أُسقطها «الحرس الثوري» في المجال الجوي الإيراني في يناير الماضي عقب توجيه الجمهورية الإسلامية ضربات صاروخية لقاعدتين تستخدمها القوات الأميركية في العراق رداً على ضربة المطار.

ولم يسفر القصف على القاعدتين عن سقوط أي قتلى لكنه تسبب في إصابة جنود أميركيين بحالات ارتجاج بالرأس.

أموال العراق لـ «تطعيم» الإيرانيين

ذكر وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان، أمس، أن بلاده تهدف لشراء لقاحات ضد فيروس كورونا، بأموالها من مبيعات الغاز الطبيعي إلى العراق، التي لا يمكنها تحويلها بسبب العقوبات الأميركية على المصارف الإيرانية.

وأضاف أردكانيان، في تصريح لوكالة أنباء «إرنا» الرسمية، أنه توصل لاتفاق مع المسؤولين العراقيين حول سحب الأموال الإيرانية المحتجزة في العراق بسبب العقوبات. وأكد أنه اتفق مع المسؤولين خلال زيارته إلى العراق، أمس الأول، على استخدام تلك الأموال لشراء لقاحات كورونا من شركة أوروبية.