لم يكن عام 2020 بالنسبة للقطاع العقاري كغيره من الأعوام السابقة، فقد شهد العديد من المحطات التي لم يشهدها من قبل، إذ إنه مع وجود جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات احترازية وإغلاقات، تغير مسار القطاع العقاري وخططه وتوقعاته السابقة.

ومع اقتراب نهاية العام والانتقال الى العام الجديد، سألت «الجريدة» عددا من العقاريين عن توقعاتهم بشأن القطاع العقاري بكل أنواعه، وعن مساره السعري، وذلك في ظل وجود العديد من العوامل الإيجابية والسلبية.

Ad

وأشار العقاريون الى أن الأزمة الصحية ساهمت في ارتفاع أسعار بعض القطاعات العقارية، وانخفاض البعض الآخر، موضحين أن هناك العديد من العوامل المؤثرة على القطاع خلال العام المقبل، وتوقّعوا أن يستقر القطاع السكني، وذلك بسبب شُح العرض وارتفاع الطلب من قبل المواطنين الراغبين في السكن أو بالاستثمار، موضحين أن أسعار العقارات ارتفعت بشكل كبير خلال فترة وجيزة من العام الماضي، وذلك لأسباب عديدة. وبينوا أن التوجه نحو تعديل التركيبة السكانية سيؤثر على القطاع العقاري، وستكون العمارات الاستثمارية القطاع الأكثر تضررا، مشيرين الى أن العقارات الاستثمارية السليمة وغير المخالفة ستحافظ على مستوياتها السعرية، أما المخالفة، فهي التي ستتضرر، وفيما يلي التفاصيل:

بداية، ذكر رئيس الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار، عبدالعزيز الدغيشم، أن القطاع العقاري كغيره من القطاعات الاستثمارية الأخرى، فهو يتأثر بالعديد من العوامل أو بالأحداث السياسية والاقتصادية وغيرها.

وتابع الدغيشم قائلا إن تأثر القطاع العقاري بالأحداث يكون بطيئا، ويعتبر آخر القطاعات تأثرا بالأزمات، وذلك لأنه يعتبر مدرّا جيدا للدخل وحاجة أساسية بالنسبة للسكن.

وتوقّع أن يستقر القطاع السكني خلال الفترة المقبلة، وقد يميل الى الانخفاض بنسب بسيطة، وذلك بسبب شح المعروض وارتفاع الطلب، سواء من المواطنين أو المستثمرين.

وعن العقار الاستثماري، أوضح أن مؤشرات هذا القطاع تشير الى انخفاضه خلال العام المقبل بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المئة، بسبب الأحداث الصحية وما صاحبها من رحيل عدد من الوافدين، إضافة الى توجه الحكومة نحو تعديل التركيبة السكانية.

وبيّن أن العقارات الاستثمارية السليمة وغير المخالفة ستحافظ على مستوياتها السعرية، أما المخالفة، فهي الأكثر تأثرا بالتوجه نحو تعديل التركيبة السكانية، موضحا أن الطلب لا يزال مرتفعا على العقارات المميزة وغير المخالفة.

أما بالنسبة للقطاع التجاري، فقال الدغيشم إنه يعدّ من أكثر القطاعات تأثرا بالأزمة الصحية التي شهدها العالم وما صاحبها من إغلاقات، والتي أدت الى نهج جديد بالنسبة لأصحاب الأنشطة التجارية ومستأجري المحال والمكاتب الإدارية.

وأفاد بأن الأزمة الصحية جعلت أصحاب الأنشطة التجارية يتجهون نحو تقديم جزء من خدماتهم عن طريق "أونلاين" وتقليص عدد عمالتها، وهناك أيضا أنشطة أغلقت عدد كبير من أفرعها، مما أدى الى ارتفاع الشواغر في هذا القطاع، ومن المتوقع أن يستمر هذا التأثير حتى العام المقبل.

وأضاف أن هناك عددا من العوامل وعلى رأسها الأزمة الصحية لا تزال تتحكم بنفسيات وقرارات المستثمرين، وجميع المؤشرات قد تتغير بتغير الحالة الصحية وما يصاحبها من إجراءات.

الحظر الكلي

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية، إبراهيم العوضي، إن هناك 3 عوامل رئيسية تتحكم بأسعار العقارات خلال الفترة المقبلة، أولها الحالة الصحية المرتبطة بأزمة كورونا، أما العامل الثاني فمرتبط بأسعار النفط وتأثيراتها على نفسية المستثمرين، والعامل الثالث هو توجّه الحكومة نحو تعديل التركيبة السكانية.

وأشار العوضي الى أن العقار السكني شهد ارتفاعات فوق المعتادة، وذلك بعد فترة الحظر الكلي، وهناك مناطق شهدت ارتفاعات ضخمة، مثل مناطق كجنوب السرة والمسايل وأبو فطيرة والفنيطيس، وهذا الارتفاع انعكس على بقية المناطق.

وتوقّع أن يستمر القطاع السكني خلال عام 2021 في الارتفاع، لكن بنسب محدودة مع نظرة مستقبلية مستقرة، حيث إن الطلب لا يزال مرتفعا، سواء من المواطنين الراغبين في السكن أو من المستثمرين، خاصة أن عوائد القطاع السكني أصبحت تنافس عوائد "الاستثماري"، إذ تتراوح بين 6 و7.5 في المئة.

وبالنسبة للعقار الاستثماري، أوضح العوضي أنه يعاني رحيل الوافدين؛ المشغّل الرئيسي لهذا القطاع، وتوجه عدد كبير منهم لترحيل أسرهم الى بلدانهم، وبالتالي بدء البحث عن الشقق الصغيرة أو المشاركة مع مجموعة أخرى في السكن الواحد.

وأردف: كذلك هناك ضغط كبير على ملّاك العقارات الاستثمارية، في موضوع دفع الإيجارات، وذلك بسبب توقف الأعمال خلال الفترة الماضية، إذ من المتوقع أن يشهد انخفاضات محدودة خلال العام المقبل.

وعن القطاع التجاري ذكر العوضي أن جميع التوقعات تشير الى استقرار هذا القطاع خلال الفترة المقبلة، إذ لا تزال نسب الإشغال مقبولة ولا يزال يدر عوائد جيدة.

العقار الصناعي

أما فيما يخص القطاع الصناعي، فقد أشار العوضي الى أنه كان من القطاعات المستفيدة من أزمة كورونا، حيث إن الأزمة خلقت العديد من الفرص فيه.

وبين أن القطاع حافظ على اتجاهه التصاعدي خلال الفترة المقبلة، وأن الطلب على الوحدات التأجيرية مستمر ونسب الإشغال عالية، ومن المتوقع أن يستمر بهذا الاتجاه خلال العام القادم، إذ إن القطاع أصبح يحقق عوائد لا تقل عن 9 في المئة، وهي عوائد لم نشهدها من قبل.

وعن التركيبة السكانية، ذكر أن تعديلها من الطبيعي أنه سيؤثر على القطاع العقاري، وستكون العمارات الاستثمارية القطاع الأكثر تضررا، إذ كلما انخفض عدد الوافدين تدنى الطلب على الشقق، وبالتالي سترتفع نسبة الشواغر وتقل الإيرادات.

وتابع: إن تضرر القطاع الاستثماري سينتج عنه توجّه مستثمري هذا القطاع للبحث عن بدائل وفرص أخرى، وسيتجهون للقطاع السكني، وهذه من الأسباب التي أدت الى ارتفاع العقارات السكنية.

موجة ارتفاع

بدوره، قال نائب رئيس الاتحاد الكويتي لمقيّمي العقار، عبدالعزيز الشداد، إن العقار السكني شهد موجة ارتفاع كبيرة وغير متوقعة خلال فترة وجيزة، وذلك بفعل شح العرض وارتفاع الطلب بشكل مفاجئ.

وأضاف الشداد أن ارتفاع الطلب بعد فترة الحظر الكلي جاء لأسباب عديدة، منها تغيّر الفكر النمطي للمواطنين الراغبين في الاستثمار بالقطاع العقاري، حيث إنه في ظل الإغلاقات والأزمة الصحية التي شهدها العالم، فضّلوا الاستثمار بالعقار السكني بدلا من الاتجاه نحو العقارات الخارجية.

وذكر أنه من بين الأسباب أيضا انخفاض أسعار الفائدة على القروض والودائع، إذ ساهم هذا العامل في زيادة الطلب على العقارات السكنية، سواء من المواطنين الراغبين في السكن أو بالاستثمار.

وتوقع أن يستمر العقار السكني في الارتفاع أو على الأقل أن يستقر خلال العام المقبل، اذ ستعمل البنوك على خلق منتجات مغرية للاقتراض، وهذا سيرفع الطلب على العقارات السكنية في ظل انعدام الفرص الاستثمارية الأخرى.

العقارات الاستثمارية

وعن العقارات الاستثمارية، بيّن أن الطلب لا يزال مرتفعا على العقارات غير المخالفة، وسيستمر على نفس الوتيرة، وأن المتأثر من الأزمة الصحية أو التوجه نحو تعديل التركيبة السكانية هي العقارات المخالفة.

أما بالنسبة للعقارات التجارية، فأفاد الشداد بأن القطاع التجاري يعتمد اعتمادا مباشرا على النشاط المجتمعي، إذ كلما ارتفع الخوف وارتفعت الإجراءات الاحترازية، تأثر هذا القطاع، والعكس صحيح، فهو من القطاعات المرتبطة بالأزمة الصحية.

وبيّن أنه يجب على الجهات المعنية في الدولة أن تشرّع قرارات وقوانين للقطاع التجاري، لتفادي أي أزمة مستقبلية، ومن بين الحلول أن يتم إعادة جدولة القروض أو تمديدها لفترة معيّنة لحين استقرار الأوضاع.

وعن القيم الإيجارية، لفت الشداد الى أن كل القطاعات العقارية ستشهد عمليات تفاوض بين الملّاك والمستأجرين، وسينتج عنها انخفاض في الإيجارات، إذ يجب على الملّاك أن يحافظوا على مستأجريهم، خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة.

سند الشمري