نظمت رابطة الاجتماعيين الكويتية ندوة افتراضية بعنوان "هل حاصر الخطاب السياسي والديني المرشحة الكويتية في انتخابات 2020؟"، شارك فيها أستاذة الفلسفة بجامعة الكويت ومرشحة انتخابات 2020 د. شيخة الجاسم، ورئيس مركز رواسخ الفكري د. محمد العوضي، والباحث السياسي د. صالح السعيدي، وعضوة رابطة الاجتماعيين ومرشحة انتخابات 2020 د. بيبي عاشور.

وأدار الندوة أستاذ مشارك بقسم الدراسات الاجتماعية بكلية التربية الأساسية عضو رابطة الاجتماعيين د. محمد العجمي.

Ad

انتكاسة

في البداية قال د. العجمي: "عنوان الندوة هل حاصر الخطاب السياسي والديني المرشحة الكويتية في انتخابات 2020؟ هذا التساؤل يأتي قبل أن يسدل ستار عام 2020 على إخفاق المرأة المرشحة للوصول إلى البرلمان في الكويت، إذ لم تتمكن من ذلك امرأة واحدة رغم أن عدد الناخبات يشكل نحو 52 في المئة من الناخبين البالغ عددهم 576 ألفا"، مشيراً إلى أن "ما حدث في انتخابات 5 ديسمبر 2020 وصفه البعض بالانتكاسة في مسيرة الحقوق السياسية للمرأة الكويتية".

وأوضح د. العجمي أن رابطة الاجتماعيين تفتح النقاش مع عدد من المتخصصين، وأصحاب التجربة والخبرة لتوضيح الإشكالات وحقيقتها، وماهية المعوقات والتحديات.

رأي عام

وسأل العجمي، الدكتور العوضي عن مدى اعتبار المرأة عورة في المجالس النيابية ليجيب: "حتى يعرف رأي الإنسان يجب أن يؤخذ في إطاره الكلي، وفكرته المجملة لكي يعطي رأيه في هذه الفرعية الحساسة والضرورية والمهمة، أنا ربما لدي رأي عام حتى يعرف المتلقي، رأيي في سياسة الانتخاب والعملية الديمقراطية في الكويت، أنا أنتمي في تصنيفي لنفسي إلى مدرسة المثالية الواقعية، وليست المثالية الخيالية غير القابلة للتحقق".

وأضاف د. العوضي أن "الديمقراطية عندنا خلاصتها مقولة أدعك تقول ما تريد، وأفعل ما أشاء، بمعنى أن الديمقراطيات كرتونية، تُوَنِّسْ ما تغير، فنحن نعرف المقولة الماركسية المشهورة، والتي هي حقيقة، فالذي يملك هو الذي يحكم، وإذا حكم كرس ملكيته".

وأوضح أن الدستور ملكية للدولة، ومن ثم إذا ملكت الدولة الدستور تفرغ العملية الديمقراطية من محتواها وتكون الديمقراطية شكلية، وتعرف في الدول النامية الديمقراطيات الصورية من خلال الإقبال على صناديق الاقتراع.

وتساءل "لماذا ديمقراطية صورية؟ وأيضا أين الإشكالية الكبيرة أن نناقش فيها المرأة في جزئية فرعية؟ ليجيب: "لأن أول مبدأ يجب أن يلتفت له أن هذا النظام السياسي يستطيع أن يعطل الدستور والعمل به بأمر أميري، ونحن لدينا سابقة في عام 1976، مشهودة، وتلك الصورة تعطيك قناعة بأن هذه الديمقراطية شكلية، ويزيد هذه القناعة أن الإشكالية الثانية أن في الديمقراطيات الحقيقية البرلمان هو الذي يعين الحكومة، ولدينا لا يتم تعيين الحكومة من البرلمان، فبالتالي منذ 60 سنة، 100 في المئة من مشاكلنا تعود إلى هذه الإشكالية".

وتابع "اليوم حتى لو كان البرلمان قويا، والحكومة حتى لو كانت اختياراتها قوية، العبرة ليست في القوة ولكن في الانسجام".

وذكر "وأختصر رأيي في قضية المرأة بأن الإصلاح السياسي يجب أن يغير الجذر ولا ينشغل بقضايا شكلية مستحقة مثل تقسيم المناطق، وعدد الأصوات 1 أو 4 وغيرها".

وعن دور الخطاب الديني في مسألة ترشيح المرأة ووصولها إلى البرلمان، قال د. العوضي: "أتوقع أن الخطاب الديني في البداية كان منقسما في هذا الموضوع ثم تجاوزه، وفي المستقبل الخطاب الديني سيدعم وينزل مرشحة لاعتبارات".

إشكالية سياسية

من جانبه، قال الباحث السياسي د. صالح السعيدي: "اشكالية تطور المرأة سياسيا مركبة وتتداخل فيها عدة عناصر وعوامل متعددة، كالفهم الديني والخلفية الاجتماعية والوعي الثقافي لدى فئات المجتمع الذي يشكل النظرة لطبيعة مكانة المرأة في المجتمع وما يتصل بذلك من أدوارها في الإدارة الحكومية العليا او المجالس المنتخبة، ويكفي ان نعرف انه في مجلس 1981، عندما طرح مشروع قانون يعطي المرأة حقها في الترشح والانتخاب، لم تقتصر معارضة تصويت المرأة على الرجال، بل انضم إلى جبهة رفض المشروع كتلة نسائية، عندما قامت 800 امرأة كويتية بتوقيع عريضة ترفض منح المرأة حقها السياسي".

وتطرق د. السعيدي إلى ثلاثة عوامل؛ أولها النظرة للدور السياسي للمرأة، وقال "صحيح ان المجتمع الآن يتقبل دورها في الوظيفة والإدارة، ورغم أنها نجحت في عدة مجالات بل وتفوقت على الرجل في بعضها مثل مجالات الطب والتعليم والهندسة، لكنها تعثرت في العملية السياسية، ولكن حتى اليوم لا تزال كتلة معتبرة في المجتمع من الرجال والنساء متحفظة تجاه تطور حضور المرأة في العمل السياسي والنيابي، وتعتبرها غير مؤهلة للتصدي لشروط العمل السياسي نتيجة ضعف انخراطها عموما في السياسة، ومحدودية تفاعلها وتعاطيها مع الشأن السياسي العام، مقارنة بما هو حاصل عند الرجال وما تبينه الارقام المنخفضة للنساء المرشحات".

الحملات الانتخابية

وذكر د. السعيدي أن العامل الثاني يتمثل في تعامل المرشحات مع متطلبات الحملات الانتخابية، موضحا أن ذلك "يتعلق بإمكانيات وقدرات المرأة المرشحة لاسيما في انتخابات السنوات الاخيرة، فهي لم تتمكن من اقناع المرأة قبل الرجل بجدارتها بالتمثيل البرلماني، وهو ما يتضح من ضآلة اصوات النساء التي تذهب للمرشحات، رغم ان النساء يشكلن 53 في المئة من اجمالي الكتلة الناخبة، ويتصل بذلك مدى إلمام وإمساك المرأة المرشحة بأدوات الحملات الانتخابية، وما يتطلبه ذلك من تواصل جماهيري مستمر مع الناخبين وزيارات مكوكية للدواوين والتجمعات، وهو ما لا يمكن للمرأة المرشحة فعله كالرجال نتيجة لطبيعة المجتمع".

المساندة الحكومية

وعن العامل الثالث وهو محدودية المساندة الحكومية، قال السعيدي: "رغم ان موقف الحكومة كان حاسما في اقرار منح المرأة حقوقها السياسية 2005 فإن ذلك يعود إلى عوامل خارجية أكثر منها محلية، فتعاظم دور وتأثير العامل الخارجي لدى الحكومة، لا سيما بعد الموقف الدولي والغربي من قضية الغزو العراقي، الذي عزز علاقات الكويت ووثق تحالفها مع العالم الغربي، ومع توثيق هذه العلاقة أصبحت قضية حقوق المرأة السياسية تطرح بشكل مستمر في اللقاءات الخارجية".

وأضاف أن "الحكومة اكتفت بإنفاذ وتمرير القانون، لكن ذلك لم يتبع بمبادرات حكومية لتعزيز دور المرأة السياسي، ويكفي أن نعرف انه بعد مرور 15 عاما على نيل المرأة حقها السياسي ودخولها للحكومة، فقد بلغت حصة المرأة في آخر حكومة كويتية وزيرة واحدة بنسبة 6.2 في المئة من الوزراء مقابل 93.8 في المئة للرجل".

تهميش المرأة

من جانبها، قالت د. شيخة الجاسم "عنوان الندوة يحمل افتراضا أن الخطاب الديني والسياسي مهمش للمرأة، وهذا الافتراض من جانبه الثاني صحيح تماما، والشواهد عليه كثيرة، كاعتبار ولاية المرأة محرمة او اعتبارها عاطفية والرجوع إلى نصوص تفسر بطرق متحيزة من أجل تدعيم هذه النظرة المهمشة للمرأة".

وتابعت د. الجاسم: "أما سياسياً فالخطاب السياسي لا جنس له، ولكن المجتمع التقليدي والثقافة السائدة تصعب ولوج المرأة لعالم السياسة. أما الانتخابات الماضية فقد لعب المزاج الشعبي الدور الرئيسي في ابعاد المرأة عن البرلمان بتدافعه للتصويت للرجل، وقد ساهم في ذلك عدم رضا الشارع عن تجربة النائبة الوحيدة السابقة في السنوات الأربع الماضية. كما أن المزاج العام كان يميل لموضوعين فقط، وهما موقف المرشح من رئاسة المجلس والعفو العام، والآن اعتقد أن الشارع فهم أن كل هذا الضغط والوعود ذابت تماماً على الكرسي الأخضر. هذا الخطاب لم يكن مناسباً للمرشحات، وكان هدفه جمع أكبر عدد من النواب المؤيدين لطرف دون آخر. بالنهاية العمل السياسي بالبلد مازال بدائياً وإن ارتدى لباس التحضر".

الخطاب السياسي

وبدورها، قالت بيبي عاشور: "لا يمكن للخطاب السياسي والديني أن يتجاوز دستور الدولة، خصوصاً أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، والاشكالية التي تحدث في عمل المرأة السياسي هي اعتبار أن هذا العمل خروجا عن التعاليم والموروثات الاجتماعية، ولكن الدين الاسلامي كرم المرأة وأعطاها منزلة عالية، وضمن لها كل الحقوق الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وفي التاريخ الاسلامي شواهد عديدة لأدوار النساء في المجتمع والأسرة والدولة".

وأكدت عاشور "لذلك يجب أن تهتم القيادة الحكومية والقوى السياسية كافة بإبراز دور المرأة ودعم وجودها دون تمييز أو اقصاء، خصوصا أن الدستور صمام أمان للتطور والحداثة التي تسعى لها الدولة وتنطلق منه نحو تعديل القوانين والتشريعات التي تعيد دولة الكويت إلى مسار التنمية، وتحقق أحد أهم أهدافها في بناء رأسمال اجتماعي والمساواة بين الجنسين، وكون المرأة هي نصف المجتمع وقوة عاملة للدولة فمن الأولى تذليل كل الصعوبات والعقبات التي تقف أمامها".

فضة المعيلي