صدف
بعد أيام قليلة، في يناير 2021، ستمضي ثلاث سنوات على نشر برنامج "رؤية الكويت 2035"، وهو تقرير بنتائج استطلاعات الرأي حول الرؤية ومشروع إقليم الحرير. أيضاً، قبل أيام ودَّعنا بحزن الوالد الروحي للبرنامج الشيخ ناصر صباح الأحمد. وفي التاريخين هناك صدفة ولادة حلم جميل، ثم صدفة رحيل صاحب الحلم.في الملخص التنفيذي للرؤية، يظهر أن الأغلبية ترى "... أن هذه الرؤية ستنقل الكويت إلى الأفضل، وتحسِّن الاقتصاد، عبر تنويع مصادر الدخل القومي، وتوفر فرص عمل للشباب...". وهناك الكثير من الآمال الكبيرة التي انطوت عليها الرؤية، تُشعرنا بالحسرة على ضياعها في دولة تميَّزت السُّلطة الحاكمة بها بسياسة تضييع الفرص، وحذف أجندات العمل؛ إما في أدراج بيروقراطية حكومية فاشلة، أو ترحيلها لمستقبل غير معلوم، مع تسويق وعود كلامية لا تتحقق عن الغد المأمول.
الآن، تكاد الدولة تختنق بثقل أحوالها الاقتصادية، وأخذت الحكومة تفتش في جيوبها المثقوبة من مخالب حرامية المال العام على أموال "كاش" تصرفها كرواتب ومعاشات على فيالق الموظفين، وهذا أقصى ما يمكن أن يسبِّب قلق السُّلطة اليوم. أما عن الغد، فهي - أي السُّلطة- مؤمنة تماماً بحكمة "لكل حادث حديث"، مع أنه حدث الكثير في عُمر البلد ولم نرَ إلا القليل.نفترض أنه في سنة الكورونا، أي من بداية فبراير الماضي وإلى يوم غير معلوم بالغد، انشغلت السُّلطة بتداعيات المرض، رغم أنه من المفترض في الدول العقلانية أن الكوارث لا تصرف السُّلطة عن تحسب مستقبلها، وإنما قد تؤجل طرحها بعضاً من الوقت. هنا، قرأنا أن الحكومة قررت صرف النظر عن بناء ميناء مبارك الكبير، الذي سيخدم الكويت وجيرانها في العراق وإيران، وبالأمس الأول طالعتنا الأخبار عن نية الحكومة العراقية بناء ميناء كبير في المنطقة القريبة من حلم ميناء مبارك الكبير. كذلك في السعودية لم يتوقف العمل والحديث معاً، حتى في عز أزمة أفول أسعار النفط، عن مشروع "نيوم" والاستثمار السياحي. أما في الإمارات، فلم يعد بيع النفط المصدر الأول للدخل القومي، فهناك السياحة وفتح عوالم الاستثمار، وإن تضررت كثيراً بسبب الوباء.ماذا فعلنا هنا، غير اجترار الكلام السياسي ذاته، وتناقل أخبار خاوية في وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن شيئاً لم يحدث قَط؟! كم نتمنى أن نسمع سؤالاً من بعض نواب اليوم يوجَّه لأصحاب البخاصة... يسألهم ماذا عملتم للغد؟ لا نريد سماع ثرثرة مملة عن برنامج الحكومة، وإنما نتمنى أن نسمع إجابة قاطعة، وليس وعوداً واهية، عن مصير "رؤية 2035"، يسألونهم: كيف كانت حلماً وأضحت، بفضلكم، كابوساً؟