تحولت ذكرى مقتل الجنرال الإيراني الأشهر قاسم سليماني، قبل عام على يد القوات الأميركية في مطار بغداد، إلى مناسبة لتقسيم العراقيين واستفزاز اللبنانيين، في وقت تراجعت احتمالات حصول تماسّ ميداني بين إيران من جهة وواشنطن وتل أبيب من الجهة الأخرى.

وفي حين وجه أنصار الفصائل المسلحة العراقية غضبهم إلى رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، متفادين حتى الاقتراب من السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء المحصنة بقلب بغداد، وجد الرئيس اللبناني ميشال عون، حليف حزب الله، نفسه مضطراً إلى انتقاد تصريحات لأحد قادة "الحرس الثوري" التي قال فيها إن صواريخ لبنان وغزة جاهزة للدفاع عن طهران.

Ad

وشارك الآلاف من أنصار الفصائل "الولائية" المنضوية ضمن "الحشد الشعبي" العراقي، أمس، في تظاهرة حاشدة لإحياء ذكرى مقتل سليماني والقيادي في الحشد أبومهدي المهندس، وسط استنفار أمني وحكومي في بغداد قرب المنطقة الخضراء.

وهيمنت على خطابات قادة الميليشيات التي شاركت في "التظاهرة المنضبطة"، بساحة التحرير، كلمات ركزت على مهاجمة الكاظمي، الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات عندما أمر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب بقتل سليماني والمهندس بضربة جوية من طائرة مسيرة قرب مطار بغداد في الثالث من يناير 2020.

وركزت الهتافات على تخوين الكاظمي، والمطالبة بتنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية، في مشهد حمل دلالات على رغبة الفصائل الموالية لطهران في تفادي "ضربة أخيرة" من ترامب الذي يستعد لمغادرة البيت الأبيض في 20 الجاري.

وشاركت عدة ميليشيات عراقية في التظاهرات، أبرزها "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"البدلاء"، و"عصائب أهل الحق"، و"بدر"، وجماعات أخرى تعرف عادة بـ"الميليشيات الولائية"، في إشارة إلى ارتباطها بـ"الحرس الثوري" الإيراني، ولتمييزها عن فصائل مسلحة أخرى ضمن "الحشد الشعبي" مرتبطة بمرجعية النجف.

وبينما أكد رئيس هيئة الحشد فالح الفياض حرصه على أن يشمل القصاص "كل من نفذ جريمة المطار وتطاول على رمز الشعب"، برز بيان لكتائب "حزب الله" العراقية حمل تصعيداً ضد الكاظمي بموازاة إعلانها الإحجام عن أي خطوات ضد السفارة الأميركية.

وذكر أبوحسين الحميداوي الأمين العام للكتائب التي تتهم بتنفيذ الهجمات الصاروخية ضد السفارة الأميركية: "لن يكون هناك اقتحام للسفارة الأميركية هذا اليوم، ولن تتم إطاحة هذه الحكومة، فمازال في الوقت متسع".

وفي رد ضمني على إعلان حكومة الكاظمي، أمس، أنها شرعت في حملة لنزع السلاح المنفلت غير المرخص، شدد الحميداوي على عدم السماح بـ"العبث بسلاحها".

كما دعا رئيس "تحالف" الفتح البرلماني، هادي العامري، الكاظمي إلى جدولة إخراج القوات الأميركية والأجنبية، معتبراً أنه لا مساومة على تطبيق القرار ولا استقرار إلا بتنفيذه.

وفي جانب آخر من الصراع بين الفصائل الموالية لطهران والكاظمي، طالب العامري الحكومة بتميكن بكين، المنافس الرئيسي لنفوذ واشنطن، وحثها على العودة للاتفاقية الصينية التي تعطلت لـ"أسباب مجهولة".

وقبل ساعات من انطلاق التظاهرة، شدد رئيس الوزراء، الذي دخل في صدام مع الميليشيات بعد توقيفه لقيادات بتهمة استهداف السفارة الأميركية، على أن الجيش العراقي منسجم ومستعد في أي لحظة لحماية الشعب، مؤكداً أن كل الجيران ودول العالم مستعدون لدعم العراق ونهضته.

في موازاة ذلك حذر رجل الدين البارز مقتدى الصدر من استهداف البعثات الدبلوماسية واتهم بعض الدول والجهات بمحاولة إدخال العراق بساحة لتصفية الحسابات الإقليمية.

وفي طهران، كان لافتاً أن السلطات، التي تراهن على "تحسن الأجواء" خلال عهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن اكتفت بكلمات رثاء ودعوات حذرة للثأر وسط قيام واشنطن بحشد قطع بحرية وقاذفات استراتيجية بالمنطقة أخيراً.

وهدد قائد سلاح الجو الإيراني أمير علي حاجي زاده، بأن "كل الصواريخ الموجودة في غزة ولبنان تمت بدعم إيراني"، مؤكداً أنها الخط الأمامي لمواجهة إسرائيل.