بعد مرور الذكرى السنوية الأولى لتصفية الجنرال الإيراني الأشهر قاسم سليماني بغارة أميركية على مطار بغداد بسلام وتراجع احتمالات حصول تصعيد عسكري بين واشنطن وطهران، لجأت الأخيرة إلى ثلاث خطوات تصعيدية، فقد أعلنت زيادة تخصيب اليورانيوم، كما احتجزت ناقلة نفط كورية في الخليج، بينما يناقش برلمانها مشروع قانون يلزم الحكومات بالقضاء على إسرائيل في 20 عاماً.

Ad

تصعيد نووي

في السياق، أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي أن بلاده استأنفت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة في منشأة فوردو النووية المقامة في قلب أحد الجبال، وهو مستوى كانت وصلت إليه قبل توقيع الاتفاق النووي مع القوى الكبرى.

ورداً على الخطوة التصعيدية التي يعتقد أنها ستعقد جهود الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي، قال المتحدث باسم مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، إن أوروبا تعتبر تحرك إيران "خروجاً واضحاً" على التزاماتها وفق "الاتفاق النووي" المبرم عام 2015، مضيفاً "إذا تم تطبيق ما أعلنوه، فسيكون لذلك عواقب وخيمة على عدم انتشار الأسلحة النووية".

وتعتبر تلك الخطوة الأحدث في العديد من الإعلانات التي أبلغت بها الجمهورية الإسلامية الوكالة الدولية للطاقة الذرية أخيراً، والتي شملت التخلي عن الالتزام بمزيد من بنود الاتفاق، وهي خطوات بدأتها في 2019 رداً على انسحاب ترامب من الاتفاق وإعادته فرض عقوبات أغرقت الاقتصادي الإيراني في الركود.

وتمثل الخطوة واحدة من عدة خطوات وردت في قانون أقره البرلمان الإيراني ديسمبر الماضي رداً على اغتيال فخري زادة أكبر عالم نووي في البلاد.

في المقابل، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتنياهو​ بأن إسرائيل لن تسمح لإيران بإنتاج أسلحة نووية. وقال إن "تعزيز تخصيب اليورانيوم في فوردو ينتهك الالتزامات السابقة، ويظهر النية لتطوير ​أسلحة​ نووية".

وتزامن ذلك مع دعوة وزير الدفاع بيني غانتس إلى شراء سرب ثالث من طائرات الشبح الأميركية "F35". وقال غانتس إنه يأمل في إمكانية أن تتم الصفقة قبل انتهاء ولاية ترامب في 20 من الشهر الجاري.

يأتي ذلك في وقت زعمت "قناة 12" الإسرائيلية، أمس، أن المخابرات الإماراتية اعتقلت خلية إيرانية يشتبه في أن أفرادها كانوا يخططون لاستهداف إسرائيليين في أبوظبي ودبي.

ناقلة

وفي حادث بحري تلجأ اليه إيران إلى تكراره دورياً عند أي توتر، احتجزت القوات البحرية التابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني، أمس، ناقلة نفط ترفع علم كوريا الجنوبية كانت متجهة إلى الإمارات.

ولم يحدد الحرس مكان توقيف الناقلة التي تحمل اسم "هانكوك تشيمي"، مشيراً إلى أنه كان على متنها 7200 طن من "المواد الكيميائية النفطية".

وتم توقيف طاقم السفينة المؤلف من كوريين وإندونيسيين وفيتناميين وآخرين من ميانمار، وفق البيان الذي لم يحدد عددهم أو تفاصيل بشأنهم.

وأوضح "الحرس" أن توقيف السفينة جاء بناء لطلب من المنظمة البحرية لمحافظة هرمزكان الواقعة في جنوب إيران والمطلة على مضيق هرمز، وبناء لإشارة من المدعي العام في المحافظة.

وسبق للقوات البحرية التابعة للجمهورية الإسلامية أن اعترضت أو أوقفت سفناً كانت تعبر في الخليج. وكان من أبرز هذه الأحداث احتجاز الناقلة "ستينا إمبيرو" التي ترفع علم المملكة المتحدة في يوليو 2019. وأوقفت السفينة لاتهامها بصدم مركب صيد، وتم تركها بعد نحو شهرين.

الحاملة الأميركية

ورغم تحاشي إيران والفصائل المتحالفة معها للدخول في تصعيد عسكري خلال إحياء الذكرى الأولى لمقتل سليماني، تراجعت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، عن قرار سحب حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" من منطقة الخليج.

وقال القائم بأعمال وزير الدفاع كريس ميلر، في بيان، مساء أمس الأول، إنّ حاملة الطائرات ستبقي في الخليج "بسبب التهديدات الأخيرة التي أصدرها القادة الإيرانيون ضد الرئيس الأميركي المنتهي ولايته دونالد ترامب ومسؤولين حكوميين أميركيين آخرين".

وأضاف ميلر أنه "لا ينبغي لأحد أن يشكك في عزيمة الولايات المتحدة".

وتجري حاملة "نيميتز" دوريات في مياه الخليج منذ أواخر نوفمبر الماضي، بهدف توفير الدعم القتالي والغطاء الجوي مع انسحاب المزيد من القوات الأميركية من العراق وأفغانستان.

وكانت تقارير أميركية كشفت أن ميلر أمر حاملة الطائرات بالعودة إلى قاعدتها في الولايات المتحدة "تجنباً لحدوث صدام في الأيام الأخيرة للرئيس ترامب"، متحدثة عن وجود انقسامات داخل "البنتاغون" بشأن مستوى التهديد الحالي من طهران.

رد على سوليفان

في المقابل، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، تعقيباً على تراجع "البنتاغون" عن سحب حاملة الطائرات أنّ "المؤسسات العسكرية والأمنية الإيرانية ترصد بدقة التحركات الأميركية في المنطقة"، قائلاً إنّ "الأعمال المشيطنة والتصرفات الأميركية لا تخفى عن أعيننا".

غير أنه كشف أن بلاده بعثت "رسائل شفافة" حول عدم التصعيد إلى واشنطن عبر سويسرا راعية المصالح الأميركية في طهران، نافياً "وجود أي رسائل سرية أخرى".

وقال زادة، إنّ طهران أكدت لواشنطن أنها "تتحمل عواقب أي مغامرة"، مبلغة إياها "أننا لا نسعى إلى التوتر والصدام لكننا سنرد بكل قوة وبشكل صريح على أي تحرك ضدنا".

كما أشار إلى رسائل لدول خليجية بـ"توخي الحذر لعدم الوقوع في الفخ الأميركي"، مضيفاً أن "دول الجوار تعي جيداً ما تفعله أميركا في المنطقة من مؤامرات".

وتعليقاً على تصريحات جاك سوليفان الذي رشحه الرئيس الأميركي المنتخب لتولي منصب مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية المقبلة، حول ضرورة إخضاع البرنامج الصاروخي الإيراني للتفاوض، شدد زادة على أنه "لم ولن نجري أي تفاوض في أي وقت حول قدراتنا الدفاعية".

وأكد المسؤول الإيراني أن بلاده "جاهزة لجميع السيناريوهات، سواء تلك الاستعراضية أو تلك التي يقومون بها سراً. فنحن مطمئنون من ردنا"، معرباً عن أمله في ألا تقوم الإدارة الأميركية الراهنة بـ"إثارة توترات في الأيام المقبلة لترك تركة مشؤومة تتحمل الأجيال الأميركية المقبلة عواقبها".

وفي معرض الرد على سؤال عما إذا كانت طهران قد حولت العراق إلى ساحة لتسوية الحسابات مع واشنطن، أكد المتحدث الإيراني أن سياسة بلاده تجاه دول الجوار تعتمد على "الاحترام".