النجم الصاعد وحسن الطالع
تمضي سنة وتحل سنة وتختلف طقوس الشعوب والأفراد في توديع العام السابق بالاحتفال والابتهاج بالسنة الجديدة، إلا أن التهافت على سماع التوقعات والتنبؤات عن السنة المقبلة وأي الأشخاص صاحب النجم الصاعد فيها ومن سيمتاز بحسن الطالع أو سوئه أصبح سائدا. إن رؤية التوقعات والسماع لها ولأصحابها تتصدر مواقع البحث الإلكترونية والقنوات الإعلامية المختلفة لا سيما في بداية كل سنة، وخصوصا هذه السنة تحديدا مع غياب مظاهر الاحتفالات المختلفة في العالم بسبب الإجراءات الصحية لكوفيد19، وإن الذين يتوقعون المستقبل كل يوم في تزايد بشكل يصل أحيانا إلى صيغة اليقين، وأحيانا بأسلوب التخبط في العبارات وذكر الأضداد من الأحداث بصيغ مختلفة، وذكر عبارات مثل: «كأن، أو شبه، أو لا أعلم كيف يحدث، ومتى خلال السنة إلا أنه لابد أن يحدث الأمر المتوقع». إن الثابت أن هذه الأمور ليست علوما ثابتة الدقة والقياس، وإن بنيت على بعض الحقائق التي ربما يعتبر جزء منها علميا كحركة الأفلاك والكواكب وتأثيراتها، فهي ليست من الأمور الثابتة في الدقة العلمية والقياس على الأفراد كافة.
كثر لا يؤمنون بتوقعات المستقبل إلا أن قلة يستمعون لها لمجرد التسلية رغم إيمانهم بالقضاء والقدر خيره وشره، وأن الغيب لا يعلمه إلا الخالق؛ لذا فالإنسان دائما بحاجة للتذكرة، بأن جهد الإنسان، بعد مشيئة الله والتوكل عليه، هو الميسر والمقدر للقضاء والقدر. إن إيمان الشخص وجهده وتوكله على ربه وثقته بخالقه هو الأمان النفسي والسكينة الروحية التي تبعد الإنسان عن حالة القلق والترقب للقادم والمجهول؛ فيصاب بحالة الإحباط أو الاكتئاب للاستماع لمن يزعمون معرفة الأحداث المستقبلية التي قد تحدث، أو التقاعس عن العمل والإنجاز لنشوة الفرح والسعادة الوهمية بتوقعاتهم بحظ الفلك السعيد. والعمل هو من يصعد بالمرء، والجد يجعله نجما، وتوكله على الله يجعله يمتاز برضا الله وبركة الخالق، فيحسن طالعه ويوفق لطالع السعد، ويبقى التحلي بخلق الرسول الكريم الذي كان يعجبه الفأل الحسن والكلمة الطيبة؛ فكل عام وكل بداية ونهاية سنة وأعمالنا وأمورنا بخير وبركة، وتوكل على الله عز وجل.