يحقق مسلسل "طيف إسطنبول"، الذي تعرضه منصة "نتفليكس"، نجاحا كبيرا في تركيا والعالم، إذ تعكس شخصياته المتباعدة ثقافيا الفروق الحادة في المجتمع الذي يشهد انقسامات عمودية.

وتدور قصة العمل حول شخصيتي عاملة تنظيف محجبة تقيم في إحدى الضواحي النائية في إسطنبول، واختصاصية نفسية برجوازية تعيش نمط حياة مترفا، وتمضي إجازاتها في الخارج، وتبدي عداء شديدا للمحافظين.

Ad

وأثار هذا العمل، الذي تبثه "نتفليكس" للجمهور العالمي باسم "إتوس"، اهتماما كبيرا حول العالم، في تجسيد للنجاح المتنامي للإنتاجات الدرامية التركية التي تُعرض في عشرات البلدان بالشرق الأوسط وآسيا وأميركا اللاتينية.

ويتمايز المسلسل، المؤلف من ثماني حلقات، تحمل توقيع المخرج والكاتب بيركون أويا، بمقاربة اجتماعية لم يسبقه إليها أي من الأعمال التركية، ليقدم إلى الجمهور العريض صورة واقعية عن الهوة الاجتماعية والعائلية في البلاد.

ويقول المؤرخ في جامعة إسطنبول التقنية دوغان غوربينار إن "المسلسل نجح في إيجاد توازن بين الإنتاج الشعبي ومستلزمات العمل العميق".

ويستند نجاح المسلسل، الذي بدأ عرضه أواسط نوفمبر، بجزء كبير منه إلى موهبة الممثلة أويكو كارايل، التي تجسد شخصية مريم، وهي عاملة تنظيف شابة تعيش تحت رحمة أخيها المستبد.

وتستمر الحال على هذا النحو إلى أن تلتقي مريم الاختصاصية النفسية بيري (تؤدي دورها الممثلة دفنه كايالار) التي تجسد النقيض لها، إذ إنها متحدرة من عائلة ميسورة، كما أنها تحمل إجازات علمية عدة وتجاهر بآرائها المناهضة للمنحى المحافظ الذي تسلكه تركيا.

وأثار المسلسل جدلا واسعا في تركيا بعد البدء بعرضه، خصوصا لأنه يقارب مسائل حساسة في بلد تظهر استطلاعات للرأي فيه تعمق الهوة الاجتماعية والاقتصادية فيه على مر السنوات الأخيرة.

وقالت الممثلة أويكو كارايل إن مريم "تشعر بأنها تعيش في دوامة. لكن هل الذنب ذنبها؟ كلا، السبب هو الحياة والبيئة الاجتماعية التي تخنقها وتدفعها إلى إيجاد متنفس بطريقتها الساذجة".

وفي "طيف اسطنبول"، يتجلى التباعد بين مريم والاختصاصية النفسية في طريقة تعبير كل منهما، والتي لا تعكس مستواهما التعليمي وانتماءهما الطبقي فحسب، بل تكشف أيضا أمورا أكثر عمقا.