استشرف القطاع المصرفي، قبل عقد تقريباً، أهمية التحول الاستراتيجي والاستثمار المبكر بقوة في الخدمات الرقمية، وأفضت الظروف المحيطة كافة إلى اقتناع الجهات الرقابية والسوق والعملاء بجدوى هذه الخدمات، وأن التوجه إليها سيكون إلزامياً سواء اليوم أو غداً.في موازاة ذلك، أكدت جائحة كورونا، التي أجبرت العالم على الإغلاق القسري والكلي، صوابية رؤية البنوك وجدوى الملايين التي وجهتها للجانب التكنولوجي والتقني، ما يمكن القول معه، إن القطاع الخاص ومجتمع الأعمال جنى ثمار ذلك التحول خلال الأزمة، إذ أتاحت البنوك كافة خدماتها المصرفية للجميع بانسيابية تامة ومرونة وأنجز القطاع الخاص أعماله كما الأفراد، مما أتاح للسوق استدامة واستمرارية في العمل، وفي المقابل البديل هو التوقف والشلل التام ومزيد من الخسائر لأن الإغلاق كان إجبارياً، دون أي مجال لممارسة الأعمال التقليدية.
اليوم وبعد سنوات من التحول التكنولوجي يمكن القول، إن سنة الجائحة ستكون مفصلية، ونقطة انطلاقة جديدة على ما تم البناء عليه لمزيد من الاستثمار وصولاً إلى التحول الكامل إلى البنوك الرقمية التي أجمعت عليها مصادر مصرفية بأنها آتية لا محالة، ولن يكون بمقدور أحد المقاومة، وأن "موج" التكنولوجيا العالي سيغرق الجميع، إن لم تتم مواكبتها والسير في طريق الركب العالمي كأساس، مع الإبقاء على الخدمات التقليدية حسبما يشاء كل مصرف، لكن يبقى الأساس والخيار الأكثر نضوجاً ويحاكي المستقبل هي الخدمات الرقمية.الأرقام التي أظهرتها نتائج عمليات شركة "كي.نت" عن شهر ديسمبر 2020 تؤكد ما سبق، وأن تحول البنوك يقابلة تحول في سلوك الأفراد ومجتمع الأعمال عموماً بنهج يحاكي نجاح الاستراتيجية المصرفية التي انتهجتها البنوك قبل سنوات من جهة تطوير الأعمال الإلكترونية وتطويرها، والوصول بها إلى أبعد مدى في سد احتياجات العملاء دون الحاجة إلى الحضور الفعلي أو استخدام الكاش وأجهزة الصرف التقليدية.
بوابة الدفع الإلكتروني
يمكن الإشارة إلى أن الطفرة الأكثر نمواً إلكترونياً كانت من بوابة الدفع الإلكتروني التي نمت عملياتها بنسبة 96 في المئة وهي الأعلى على مستوى العمليات الأخرى، إذ قفزت قيمة تلك العمليات من 5.8 ملايين دينار إلى 11.3 مليوناً. * لكن ماذا تعني تلك الطفرة ونمو عمليات الدفع الإلكتروني بهذه النسبة؟ الجواب أنه بسبب أزمة جائحة كورونا اتجهت كل الشركات والمؤسسات العامة والخاصة إلى استحداث بوابات إلكترونية آمنة لتحصيل الأموال والعمولات مقابل ما تقدمه من خدمات ومنتجات عبر الإنترنت، الذي دعت الحاجة إليه خلال أزمة إغلاق الأسواق وتوقيف الأعمال.ويتضح من استمرار نمو عمليات الدفع عبر البوابات الإلكترونية استحسان الجمهور عموماً لتلك الخدمة عن الطرق التقليدية التي تفرض الحضور المباشر للدفع النقدي. وتقبل بوابة الدفع الخاصة "كي.نت" جميع بطاقات الخصم الصادرة من البنوك الأعضاء في دولة الكويت، في محاولة منها لخدمة العملاء والتجار المتعاملين مع تلك البنوك، ويتم توفير خدمة الدفع عبر الإنترنت لجميع الجهات الحكومية والخاصة من خلال عدة وسائل مثل:1- أجهزة الكمبيوتر.2- الهواتف الذكية بكل أنواعها.3- الأجهزة اللوحية بكل أنواعها.وما ساهم في نجاح تلك الخدمات هو التزام شركة الخدمات المصرفية الآلية "كي.نت" في تطبيق أحدث تقنيات المعلومات والتجارة الإلكترونية على بوابة الدفع الخاصة بها، إضافة إلى أن الشركة تسعى جاهدة إلى تطبيق أحدث تقنيات الأمان والسلامة على هذه البوابة لحماية جميع المستخدمين من الاختراقات أو غيرها من المشكلات، وحصلت "كي.نت" نظير تميزها في هذا الصدد على شهادات دولية مثل "PCI".مكاسب بوابة الدفع الإلكتروني
فرضت الأزمة إجبارياً على الشريحة الأوسع من القطاع الخاص، لاسيما للوحدات الخدمة الأكثر ارتباطاً بحاجات الجمهور، الاعتماد على التكنولوجيا المالية الحديثة التي وفرتها البنوك وشركة "كي.نت" وسارع القطاع الخاص إلى مواكبتها وامتلاك بوابات الدفع الإلكتروني لتضيق فجوة خسائر الإغلاق والاستمرار بتقديم الخدمات للجمهور.ولعل من أهم وأفضل المكاسب والإيجابيات من تلك الطفرة مايلي: * تسهيل معاملات التجارة الإلكترونية في دولة الكويت.* ربط ودمج القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمستخدمين والبنوك بمعاملات التجارة الإلكترونية في دولة الكويت.* ضمان السرعة والدقة والأمان في إجراء المعاملات المالية الإلكترونية مع جميع القطاعات (الحكومية والخاصة).* خدمة الاقتصاد الوطني من خلال توفير "بوابة الدفع" التي تعزز استخدام البطاقات المصرفية للدفع بدلاً من الاستخدام التقليدي للنقود.بنك بوبيان
بداية، كشف نائب الرئيس التنفيذي في بنك بوبيان عبدالله التويجري أن المتابع لتطور الخدمات الإلكترونية يلحظ نمواً كبيراً ومتسارعاً لها، وفي المقابل يلحظ إقبالاً كبيراً عليها يحفز البنوك لمزيد من الإبداع وتطوير الخدمات التي تلبي كل الرغبات والخدمات. وأضاف التويجري، أن الجميع يلحظون حالياً أن أغلبية قطاع التجزئة باتوا يعتمدون على خدمة الدفع عبر الرابط سواء من الشركات الصغيرة أو المتوسطة والكبرى، إذ سهّلت تلك الخدمة التي ابتكرها وقدمها بنك بوبيان في السوق منذ عام 2015، على القطاع الخاص والمستفيدين من خدماته التلاقي عند نقطة سهلة تقضي بالاستفادة من الخدمة والدفع بسرعة ومرونة وبأقل مجهود ممكن وفق قاعدة "اختر، ادفع، استلم" من خلال خدمة الدفع والتحويل عن طريق الرابط PayMe وخدمة الدفع بالبطاقة باللمس على جهاز نقاط البيع دون إدخال البطاقة NFC contactless، إذ يتم تضمين البطاقة غير التلامسية مع شريحة معينة تسمح بالاتصال بالحقل القريب (NFC) وهي تقنية تمكن قارئات البطاقات المتوافقة من مصادقة المعاملات عن طريق تقريبها من البطاقة ودون رقم سري.وحققت تلك الخدمات طفرة هائلة في السوق من جهة المنافسة ومن ناحية تسهيل بيئة الأعمال للقطاع الخاص، وحتى تسهيل عمليات الدفع على العميل وبالتبعية يقل استخدام الكاش بالمستوى الذي وصل إليه السوق حالياً.وقدر التويحري أن ما بين 70 و80 في المئة من صفقات أو سداد القيمة باتت تتم من دون الحاجة إلى إدخال الكارت في الجهاز سواء نقطة البيع أو حتى عمليات السحب إذ تتم بنظام KTAP أي نظام التلامس عبر تمرير البطاقة بمرونة هائلة ومن دون رقم سري لهامش محدد من القيمة. ولفت إلى أن بنك بوبيان طرح هذه الخدمة للمرة الأولى في الكويت عام 2015 وبعدها بدأت بقية البنوك تقديم هذه الخدمات، وهو ما غيّر أساليب الدفع والبيع بصورة جذرية بالكويت، وتم تعزيز ذلك بقوة خلال أزمة كورونا بسبب متطلبات التباعد الاجتماعي والبيع الإلكتروني. وبين أن "بوبيان" أحد البنوك الرائدة في الخدمات التنكولوجية والرقمية الذي يتصدر ريادة المصارف الذكية، إذ واكب طموحات وتطلعات الجيل الشاب والواعد الباحث عن الخدمات المرنة والآمنة فضلاً عن أنه سهل بيئة الأعمال للقطاع الخاص من خلال تسهيل البيع والدفع.وكشفت أزمة كورنا قيمة هذه الخدمات والتطورات الرقمية التي تحققت في القطاع المصرفي الطامح الىمزيد من التطور وعم الاكتفاء بما وصلت اليه.وكشف التويجري أن سقف بنك بوبيان في هذا الجانب عالٍ وطموحه كبير، و"نتطلع إلى أن يكون الفرع بالكامل بكل خدماته على الأجهزة الذكية وهو طموح ليس ببعيد".وأكد قوة اهتمام بنك بوبيان المطلق بهذه الاستراتيجية بأن نحو 15 في المئة من المصروفات موجهة إلى استثمارات التكنولوجيا مما يعكس اهتمام البنك بالمستقبل وجيل الشاب.مزيد من الخدمات تحت الاختبار
في هذا السياق، قال الرئيس التنفيذي لشركة الخدمات المصرفية الآلية "كي.نت" عبدالله العجمي، إن لدى الشركة خططاً استراتيجية تعمل عليها تتعلق باختبارات على مزيد من الخدمات الرقمية المتطورة بالتعاون مع البنوك والجهات الرقابية.وأضاف العجمي أن الشركة مستمرة في تطوير خدماتها لتسهيل عمليات الدفع بأعلى درجات المرونة، ومساعدة القطاع الخاص والعملاء عموماً في إنجاز أعمالهم وتلبية متطلباتهم بمرونة فائقة. وذكر أن كل استثمار في مضمار الخدمات التقنية المصرفية سينقل بالسوق نقلة نوعية جديدة تصب في مصلحة كل أطراف المنظومة من مزود الخدمة والمتلقين لها من العملاء.جهاز نقطة البيع الذكية
وأفاد بأن من جديد "كي نت" الذي يعكس استمراريتها في إطلاق خدمات حديثة متجددة هو جهاز نقطة البيع الذكية، ويطلق على هذا الجهاز الجديد متعدد الاستخدامات اسم "Smart Point of Sale" أي جهاز نقطة البيع الذكية، وهو متاح حالياً للطلب والاستخدام بالفعل. وذكر أن جهاز نقطة البيع الذكية يعتبر البديل الأمثل لجهاز التسجيل النقدي العادي لأنه عبارة عن جهاز 3 في 1، أي أنه جهاز يتكون من شاشة عرض تحتوي على تطبيق تم تطويره بدقة وأمان ليصبح بإمكان التاجر الحصول على قائمة خاصة تتضمن جميع منتجاته وسلعه التي يرغب بعرضها، إضافة إلى أسعارها، ونقطة بيع تمكن العميل من تمرير أو إدخال البطاقة البنكية أثناء القيام بعملية الشراء، كما أن جهاز إصدار الفاتورة الشرائية يكون جزءاً مسانداً لهما. وأوضح أن جهاز نقطة البيع الذكية يوفر السرعة أثناء القيام بعمليتي البيع والشراء نتيجةً لسرعة أدائه، وزيادة على ذلك، فإن جهاز نقطة البيع الذكية يتيح للتجار خاصية إدارة المخزون والتحكم بمهام الموظفين المعنيين باستخدام الجهاز، إضافة إلى العديد من الخاصيات الأخرى.جهاز الــ«MPOS»
وذكر أيضاً، أنه تم الانتهاء من تطوير الخدمة الجديدة التي تحمل اسم "نقطة البيع المتنقلة" (إم بوس) وتتكون هذه الخدمة من جهاز نقطة بيع صغير في الحجم مقارنةً بنقاط البيع المعتادة والمتوفرة حالياً في الأسواق ومرتبط كلياً بتطبيق خاص تم تطويره بدقة وأمان ليتماشى مع احتياجات أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إذ تمكن هذه الخدمة التجار من الحصول على قائمة خاصة تحتوي على منتجاتهم وسلعهم بأسعارها ويتم تعديلها بكل سهولة من خلال تطبيق الهاتف، حيث يمكن تحميل التطبيق على الأجهزة التي تعمل بنظام الـ" آي أو إس" و"الآندرويد".جهاز الــ «VPOS»
وأشار العجمي إلى أن "كي نت" وصلت إلى جهاز نقطة الدفع الافتراضية VPOS عبارة عن جهاز دفع "لا يحتاج موظفاً لتشغيله" متعدد الإمكانات يمكن استخدامه داخل الأبنية أو في الأماكن المفتوحة، كما هو الحال في أكشاك بيع التذاكر وآلات البيع وآلات مواقف السيارات.البنوك الرقمية مسألة وقت
من ناحيته، قال د. وليد الحساوي أحد رواد تطوير الخدمات التكنولوجية والرقمية في القطاع المصرفي، إن السوق المصرفي الكويتي قطع نحو 50 في المئة من مشوار التحول الإلكتروني في الخدمات المالية الإلكترونية مشيراً إلى أن 50 في المئة من إجمالي العمليات على مستوى السوق باتت تتم إلكترونياً بفضل الخدمات المتطورة التي وفرتها بعض البنوك المتقدمة في هذا الجانب.وقال الحساوي، إن السوق الكويتي نشيط ومتطور ويحوي شريحة كبيرة تقبل على هذه الخدمات وتفضلها وخصوصاً جيل الشباب. وأضاف أن أهمية التطورات التكنولوجية والخدمات الرقمية ظهرت بقوة خلال أزمة كورونا، مبيناً أن السوق فيه بنوك متطورة ومتقدمة على غيرها في هذا الجانب، فالتحول الرقمي عملية ليست سهلة وتحتاج إلى إمكانات وتغيرات وفلسفة ورؤية غير تقليدية.وذكر أن أي بنك يقرر التحول نحو رقمنة الخدمات ومواكبتها بالشكل التنافسي السليم يحتاج إلى أنماط تفكير مختلفة وتغيرات كبيرة في الإجراءات الداخلية وبنية تكنولوجية متطورة وإمكانات ضخمة وفريق عمل مبدع وخلاّق بالمحصلة الأخيرة يحتاج إلى قدرات خاصة.وأفاد بأن الثورة الرقمية والتطورات المتلاحقة وظروف الأزمات ستدفع نحو تسريع التحول الكامل للمصرف التقليدي، مشيراً إلى أن الموافقات على هذه الخدمات تبقى في يد الجهات الرقابية وهذا مشوار آخر ليس بالأمر السهل.وأضاف أن ثمة مرونة نسبية في هذا الملف مدعمة بأسباب ووجهة نظر تبرر هذا التباطؤ وجميعها تأتي من التخوف من عمليات الاحتيال او الخروقات، لكن البنوك الكويتية السبّاقة في هذا التطور تتمتع بإجراءات ودرجات أمان عالية وتواكب كل التطورات في هذا الجانب.وتوقع الحساوي من واقع الخبرة الطويلة في هذا المجال والسرعات المتلاحقة وظروف السوق التنافسية أن يتم فرض الإحلال الكامل للخدمات المصرفية قياساً إلى المفهوم التقليدي للبنك الحالي. وقال إن عملية التحول تأخذ وقتاً للوصول إلى القمة في هذا المجال كما هو الحال بالنسبة للتفوق الذي حققته البنوك في خدماتها المصرفية التقليدية التي أخذت عقوداً حتى وصلت إلى القمة. وزاد أن الخدمة الرقمية عملية ليست سهلة بدءاً من مشوار الموافقة عليها وإقرارها والتي تتطلب ما بين ثلاثة إلى أربعة أشهر تقريباً.أرقام ودلالات
- تراجع إقبال العملاء على أجهزة الصراف الآلي في ديسمبر من العام الماضي 2020 مقارنة مع نفس الشهر في 2019 بما نسبته 16 في المئة، إذ كانت عمليات ديسمبر 2019 تبلغ 5.556 ملايين عملية في حين بلغت عمليات ديسمبر العام الماضي 4.678 ملايين عملية.- ارتفعت عمليات بوابة الدفع الإلكتروني بما نسبته 96 في المئة إذ قفزت عمليات ديسمبر2019 من مستوى 5.805 ملايين عملية إلى 11.358 مليون عملية في ديسمبر 2020 مما يعكس إقبال العملاء على الخدمات الرقمية والأهم هو استيعاب هذا التحول والإقبال بأعلى درجات من المرونة والأمان. - ارتفعت عمليات السداد الآلية عبر نقاط البيع في ديسمبر الماضي بنسبة 24 في المئة، إذ كانت عمليات ديسمبر 2019 تبلغ 22.661 مليون عملية في حين بلغت عمليات ديسمبر 2020 إلى 28.033 مليون عملية. - 76 في المئة من عمليات نقاط البيع تمت بنظام KTAP وهو نظام تمرير البطاقة المصرفية عن بعد المعروف بنظام التلامس والتي سهلت مرونة عمليات الدفع والسداد واختصار الوقت، إذ بلغت العمليات التي مرت وفق هذا النظام 21.273 مليون عملية من إجمالي عدد عمليات نقاط البيع التي بلغت 28.033 في ديسمبر الماضي.