في أول تعليق على أزمته السياسية، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن مبادرة الديمقراطيين في الكونغرس لإطلاق عملية عزله «سخيفة تماماً» وحذر من أنها ستثير غضباً واسعاً، لكنه شدد على أنه لا يريد عنفاً.

ومع استمرار المسؤولين الفدراليين والمحليين في تبادل الاتهامات حول المسؤولية عن اقتحام مبنى الكابيتول هيل الأربعاء الماضي وفشل الشرطة في تأمينه، حذر مكتب التحقيقات الفدرالي «FBI» في وثيقة داخلية من أن أنصار الرئيس دونالد ترامب يخططون للقيام بتظاهرات مسلحة في الولايات الخمسين خلال الفترة الممتدة من نهاية الأسبوع إلى موعد أداء الرئيس المنتخب جو بايدن اليمين الدستورية.

Ad

ووفق معلومات نشرتها شبكة ABC أمس الأول، تحدث المكتب عن تحذير وجّهته مجموعة مسلحة بتنظيم انتفاضة ضخمة إذا وافق الكونغرس على تفعيل التعديل الـ 25 من الدستور لعزل ترامب قبل انتهاء ولايته في 20 الجاري، موضحاً أنها تخطط للتوجه إلى واشنطن يوم السبت وتحرّض على اقتحام المحاكم ومقارّ فدرالية قبل يوم من تنصيب بايدن.

وأكد «FBI» أن تلك المجموعة تخطط لتنظيم احتجاجات مسلحة أمام مقارّ المجالس التشريعية في الولايات الـ50، بدءاً من الـ16 من هذا الشهر وحتى يوم التنصيب.

وعلى الفور، أفاد البيت الأبيض، في بيان، بأن ترامب «أعلن حالة طوارئ في واشنطن وأمر بمساعدة فدرالية لمساندة جهود الاستجابة للظروف الطارئة الناتجة عن مراسم تنصيب الرئيس التاسع والأربعين من 11 يناير إلى 24 يناير 2021».

وجاء في البيان أن الأمر أعطى وزارة الأمن الداخلي الصلاحية للتحرك «من أجل إنقاذ أرواح وحماية الممتلكات والصحة والسلامة العامة وخفض أو تفادي مخاطر وقوع كارثة في قطاع كولومبيا».

الأمن والحرس

ومع إعلان وزير الأمن الداخلي بالوكالة تشاد وولف استقالته في خطوة مفاجئة، قال رئيس مكتب الحرس الوطني في وزارة الدفاع الجنرال دانيال هوكانسون أنه إضافة إلى 6200 عنصر ينتشرون حاليا في واشنطن، سيتم إرسال تعزيزات من عشرة آلاف عنصر بحلول نهاية الأسبوع، مبيناً أن من الممكن أن يؤازرهم خمسة آلاف عنصر من الجيش بحلول يوم التنصيب، ليصبح إجمالي عدد العناصر الذين سيؤمّنون هذه المراسم 15 ألف عسكري.

وأوضح أن هذه القوات ستجهز بمعدات واسلحة مكافحة الشغب، غير أنه لم يسمح لها حتى الآن بحمل أسلحة في شوارع العاصمة الفدرالية.

وقبل إعلان استقالته، أمر وولف بتسريع تحضيرات الجهاز السري، محذراً من «أحداث الأسبوع الماضي والمشهد الأمني المتبدل».

وفي وقت يكثف المسؤولون المحليون وقوات الأمن الجهود لمنع وقوع أعمال عنف جديدة، قرر وزير الأمن الداخلي بالوكالة مغادرة منصبه لأسباب إجرائية، وعين مدير الوكالة الفدرالية للأوضاع الطارئة بيت غاينور ليحل محله.

وإزاء مخاطر وقوع أعمال عنف وكذلك انتشار فيروس كورونا، دعت رئيسة بلدية واشنطن موريال باوزر سكان العاصمة وولايتي فرجينيا وميريلاند المحاذتين لتفادي القدوم يوم تنصيب بايدن والاكتفاء بالمشاركة عبر الإنترنت، موضحة أنّها طلبت من ترامب أن يعلن بصورة مسبقة حالة الطوارئ لتتمكّن من استخدام أموال فدرالية لتأمين الاحتياجات الأمنية.

وأضافت أنّها طلبت أيضاً من وزارة الأمن الداخلي تمديد فترة الطوارئ لما بعد أداء اليمين وإلغاء جميع تراخيص التجمعات خلال هذه الفترة.

وتتقدم التحضيرات للمراسم بوتيرة سريعة، لاسيما مع إقامة سياج أمني حول محيط مبنى الكابيتول، حيث سيؤدي بايدن اليمين الدستورية.

ومباشرة بعد اليمين أمام «ناشيونال مول»، سيحيط بايدن نفسه بأسلافه باراك أوباما وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش لتوجيه دعوة إلى الوحدة في أميركا المقسومة ثم يتوجه معهم لمقبرة آرلينغتون الوطنية ليضع إكليلاً من الزهر على قبر الجندي المجهول.

وقالت لجنة تنظيم حفل أداء اليمين، إن «أميركا الموحدة» سيكون شعار حفل تنصيب الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، الذي سيتحمل مسؤولية كبرى من أجل تضميد جراح أميركا التي تشهد أزمات اقتصادية وصحية وتعاني انقساماً حاداً بعد الانتخابات الرئاسية وتوتراً عرقياً شديداً.

عزل ترامب

وفي وقت يسعى الديمقراطيون لعزله بتهمة الوقوف خلف «حركة التمرد» و»محاولة الانقلاب»، كشفت قناة فوكس نيوز أن ترامب، أقر في محادثة مع زعيم الجمهوريين بمجلس النواب، كيفين مكارثي، بأنه «يشعر ببعض الذنب» في أحداث اقتحام الكونغرس، لكنه ألقى باللوم على حركة «أنتيفا» اليسارية خلافاً لاستنتجات السلطات الفدرالية.

وبينما لبّى أنصاره دعوة للتظاهر أمام مقرّ تويتر في سان فرانسيسكو للاحتجاج على إغلاق حساب ترامب، شدد رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف، على أنه لا يمكن الانتظار إلى أن ينهي ولايته لأنه قد يحدث أضراراً خلال الأيام المتبقية من ولايته.

ورغم تأكده أنه ليس قلقاً من مراسم التنصيب، اعتبر بايدن أنه يجب على ترامب ألا يبقى في منصبه، مشيراً إلى أنه تحدث يوم الاثنين مع بعض أعضاء مجلس الشيوخ بشأن عزله ومساءلة من تسببوا في اقتحام الكونغرس.

وفي مواجهة عرقلة الجمهوريين طرح تشريع بمجلس النواب يحثّ نائب الرئيس مايك بنس على البدء بعملية تفعيل التعديل الـ25 من الدستور لعزل ترامب، طرح الديمقراطيون مشروع القرار مجدداً أمس لتبنّيه بأغلبية الأصوات.

وفيما قدم 3 مشرعين ديمقراطيين رسمياً مشروع قانون يتهم ترامب بـ«التحريض على التمرد». أكدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أن الجمهوريين «يعرّضون أميركا للخطر» عبر «التواطؤ» مع ترامب، مبدية أسفها لمعارضتهم تفعيل التعديل الـ25 للدستور.

توبيخ واستقالة

في المقابل، قرر النائب الجمهوري توم ريد الانضمام لغيره من النواب لطرح قرار يوبخ ترامب لضمان تحقق المحاسبة دون تأخير على أحداث السادس من يناير، مؤكداً أنه سيعمل أيضاً لإيجاد سبيل يتيح للكونغرس منعه من السعي لتولي أي منصب اتحادي في المستقبل.

وفي خطو تعكس نيتهما تشكيل جبهة موحدة في مواجهة الديمقراطيين، الذين يطالبون برحيله فوراً، التقى ترامب نائبه بنس مساء الاثنين لأول مرة منذ خلافاتهما وأعمال العنف في مبنى الكابيتول، وأجريا «محادثة جيدة».

وعشية توجهه الى تكساس، عقد ترامب اجتماعه مع بنس بعيداً عن الكاميرات وتعهدا مواصلة عملهما حتى نهاية ولايتهما، وجدّدا التأكيد على أنّ مقتحمي الكابيتول لا يمثّلون حركة أميركا أولاً المدعومة من 75 مليون ناخب».

ويعني اللقاء عملياً أن ترامب لا ينوي الاستقالة وبنس لا يعتزم استخدام التعديل الخامس والعشرين للدستور الذي يجيز له بالاتفاق مع أغلبية أعضاء الحكومة تنحيته.

وفي تطور تسبب في إرباك كبير، لاسيماً على مواقع التواصل التي افترضت أن الرئيس استقال أو بصدد الاستقالة، نقل موقع بازفيد أن موظفاً ساخطاً يقف وراء تغييرٍ ظَهَر على صفحة في موقع وزارة الخارجية، أفاد بأن ولاية ترامب ونائبه تنتهي يوم الاثنين في تمام الساعة 18:50 بتوقيت واشنطن.