اقتحام الكونغرس... من المسؤول؟
هناك أسباب لما حدث في السادس من يناير، وهناك أكثر من شخص مسؤول عنه، ولفهم جذور هذه الأزمة يتعين على الرئيس المنتخب جو بايدن والكونغرس تشكيل لجنة قومية، مثل «لجنة كيرنر»، فلن نستطيع تقييم «الأبوة» وتصحيح المسار المطلوب للمضي قدما إلا بالفحص الكامل لما أدى بنا إلى هذه الحالة المأساوية.
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
لقد كان لديه داعمون لمزاعمه، وربما صدق البعض وجهة نظره، لكن كثيرين آخرين تصرفوا بناء على حساب سياسي فج مفاده أن محاباة أنصار الرئيس المخلصين قد يمثل حجة لأن يصبحوا ورثته السياسيين، فهناك أكثر من 100 عضو «جمهوري» في الكونغرس أيدوا شكوى ترامب بأن الانتخابات شابها التزوير وتعهدوا بأن يحولوا جلسة التصديق على النتيجة في الكونغرس في السادس من يناير إلى قتال محتدم، وسكب مضيفو البرامج الحوارية في الراديو وفي «فوكس نيوز» الوقود على النار بتكرارهم كل نظرية مؤامرة واتهامات التزوير الباطلة، التي رفضتها المحاكم بالفعل عبر البلاد. وهناك أقرب المقربين للرئيس، بدءا بنائبه مايك بنس والوزراء وصولاً إلى الموالين له من فريق العمل في البيت الأبيض، وهؤلاء يتحملون «أبوة» ما حدث في السادس من يناير. فعلى مدار سنوات، رأوا ما يكفي من الأدلة على الخطر القادم، وكانت هناك علامات تحذير تتضح في مجرد الإنصات لتحريض ترامب ضد خصومه في اجتماعاته الانتخابية. وربما كان هناك مؤمنون صادقون في حاشية ترامب، من بينهم بعض زعماء الحزب «الجمهوري» في الكونغرس، لكن معظمهم أبرموا «صفقة فاوستية». لقد كانوا محافظين في قلوبهم ولم يثقوا بالرجل، لكن ما داموا يتمتعون بتقليص الضرائب واللوائح ويحصلون على القضاة «المحافظين» الذين يريدون، كانوا مستعدين لالتزام الصمت، لكن المزعج بشدة هو أنه بعد الدمار الذي حدث نتيجة صمتهم، عبر هؤلاء الصامتون عن حالة رعب، فبعد مشاهد اقتحام مقر الكونغرس، أصدر أعضاء «جمهوريون» في الكونغرس بيانات أدانوا فيها العنف، واستقال أعضاء من فريق إدارة ترامب، وحتى الرئيس نفسه سعى، في تعليقاته في السابع من يناير، لأن ينأى بنفسه عن الذين وصفهم بالبلطجية ودعا إلى اعتقالهم ومحاكمتهم. لكن هذا لا يمكن أن يكون نهاية القصة لسببين: فأولا، لا تكفي معاقبة المخربين، فالذين أوقدوا النيران وأذكوها وسكبوا الوقود عليها يجب عليهم تقبل المسؤولية، ودون مساءلة، ستصبح هناك حصانة تهدد حياة ديمقراطيتنا نفسها. وثانيا، من الضروري فهم أن الضرر الدائم قد وقع، وقد يعتقد أعضاء من الكونغرس وآخرون أنهم في حل من المسؤولية بسبب «الهدى»، الذي وجدوه في الآونة الأخيرة. لكن هناك في الواقع ملايين الاتباع من الجماعات المسلحة والمتشددة مازالوا لا يشعرون بندم بل يشعرون الآن بكرب أكبر، ولن يختفي هؤلاء بسهولة، فقد ثار غضب جماعات القوميين البيض والجماعات المسلحة وجماعات اليمين المتطرف لما يرون أنه إهانة لزعيمهم وسيظلون يمثلون تحديا للبلاد. ولا يمكن الادعاء بأن الأزمة قد انتهت الآن أو الاعتقاد بأن الطريق إلى الأمام يمكن العثور عليه بتوجيه الاتهام للرئيس أو استخدام التعديل الخامس والعشرين في الدستور لإزاحته من السلطة، فهذا لن يجدي، فهناك أسباب لما حدث في السادس من يناير، وهناك أكثر من شخص مسؤول عنه، ولفهم جذور هذه الأزمة يتعين على الرئيس بايدن والكونغرس تشكيل لجنة قومية، مثل «لجنة كيرنر» التي تشكلت لفهم جذور الاضطرابات المدنية في ستينيات القرن الماضي، فلن نستطيع تقييم «الأبوة» وتصحيح المسار المطلوب للمضي قدما إلا بالفحص الكامل لما أدى بنا إلى هذه الحالة المأساوية.* جيمس زغبي: رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن.
جيمس زغبي
حصار المشاغبين مقر الكونغرس وتدمير النوافذ واقتحام قاعتي النواب والشيوخ وتخريب المكاتب لم يحدث من تلقاء نفسه