بعد نحو 67 عاماً من التحكم والسيطرة على سوق إنتاج خام «البليت» المادة الرئيسية في صناعة الحديد والصلب، خرجت الحكومة المصرية من السوق بعد قرار تصفية شركة الحديد والصلب المصرية، لتستحوذ شركة واحدة على السوق.القصة التي أثارت الكثير من الجدل بين أوساط المحللين وانتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لا تتعلق بقيام الحكومة المصرية بمجرد تصفية الحكومة لإحدى الشركات الخاسرة، ولكن المشكلة أن الشركة مر على تأسيسها نحو 67 عاماً وساهمت بالشراكة مع الشركة القومية للأسمنت التي تمت تصفيتها قبل نحو 3 سنوات، في العديد من المشاريع القومية في مصر، وعلى رأسها بناء السد العالي في نهاية ستينيات القرن الماضي.
يقول المحلل المالي نادي عزام، في حديثه لـ «العربية.نت»، إن هذه السوق كانت قاصرة على شركتين، هما شركة الحديد والصلب المصرية التي تم الإعلان أخيراً عن تصفيتها، إضافة إلى شركة حديد الدخيلة التي استحوذت عليها شركة حديد عز بحصة تبلغ نسبتها 54.3 في المئة، ولم يتبق للحكومة المصرية سوى أقل من 50 في المئة، بالتالي فإن القرار أصبح في يد شركة حديد عز ولا تملك الحكومة السيطرة على القرار.
خسائر فادحة
وكانت الحكومة ومن خلال سيطرتها على شركة الحديد والصلب المصرية تتحكم في السوق، لكن مع تصفيتها، فإن شركة حديد أصبحت المسيطر والمتحكم الرئيسي في سوق إنتاج خام البليت المستخدم في صناعة الحديد، وبالتالي فإن آلية تدخل الحكومة في السيطرة على هذه السوق تتمثل فقط في فتح باب الاستيراد أمام الشركات حتى لا يحدث احتكار في هذه السوق.وتشير البيانات والأرقام المتاحة، إلى أن خسائر الشركة في ارتفاع مستمرة خلال السنوات الخمس الماضية، إذ بلغ إجمالي الخسائر خلال عام 2016 نحو 616 مليون جنيه، ثم ارتفع إلى نحو 750 مليون جنيه خلال عام 2017، ووصلت الارتفاع خلال عام 2018 لتسجل نحو 900 مليون جنيه.لكن خلال العام 2019 سجلت الشركة خسائر عنيفة تجاوزت المليار جنيه لتسجل نحو 1.526 مليار جنيه، ثم تراجعت خلال عام 2020 إلى نحو 982 مليون جنيه.وفيما تواجه الشركة خسائر متراكمة قيمتها 8.5 مليارات جنيه، فإنها تواجه أيضاً ديوناً متراكمة للموردين بقيمة 6.3 مليارات جنيه، منها 4.06 مليارات جنيه لشركة الغاز، و1.591 لشركة الكهرباء، و304 ملايين جنيه لشركة الكوك، و116 مليوناً لشركة حديد مصر، و 175 مليوناً لشركة مياه القاهرة. هذا إضافة إلى ديون تبلغ نحو 128.5 مليون جنيه لمصلحة الضرائب.ويرجع كل ذلك، وفق «عزام»، إلى عدم قيام إدارة الشركة بعمل الصيانات اللازمة للأجهزة والمعدات، إضافة إلى عدم قيام الحكومة المصرية بتخصيص مبالغ في الموازنات التخطيطية لتطوير الشركة، بالتالي فإنه لم يكن هناك أي بدائل أخرى في ظل هذه الظروف، سوى أن تسجل الشركة مثل هذه الخسائر العنيفة.وكشفت الشركة، أنه من المتوقع أن يتم انتهاء أعمال المصفى والانتهاء من أعمال التصفية خلال عام ونصف إلى عامين من تاريخ التأشير بالتصفية.وأكدت الشركة في بيان لبورصة مصر، رداً على استفساراتها، أنه لا توجد حالياً أيّ نية لدى المساهم الرئيسي بتقديم عرض شراء إجباري أو شطب أسهم الشركة اختيارياً من جداول القيد.وفيما يخص الجدول الزمني المتوقع لتعيين المصفى عن الشركة القاسمة، لفتت الشركة إلى أنه من المتوقع أن يتم هذا الإجراء والتأشير بالتصفية في السجل التجاري للشركة القاسمة خلال أسبوعين من تاريخ بدء تداول أسهم الشركة المنقسمة بالبورصة المصرية.هل كان قرار تصفية؟
وقالت الشركة إنه من المتوقع الحصول على موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية على إصدار أسهم الشركة المنقسمة خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع تقريباً اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ قرار الجمعية غير العادية بالموافقة على الانقسام.وأضافت الشركة أنه من المتوقع أن يتم التأشير في السجل التجاري للشركة القاسمة بالانقسام وتأسيس الشركة المنقسمة خلال أسبوع إلى 10 أيام من تاريخ إصدار أسهم الشركة المنقسمة.وفيما يخص الجدول الزمني المتوقع للتقدم للبورصة بطلب قيد أسهم الشركة المنقسمة والبدء في تداول أسهم الشركة، نوهت إلى أنه من المتوقع الانتهاء من هذا الإجراء وبدء تداول أسهم الشركة خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع اعتباراً من يوم العمل التالي لتاريخ التأشير في السجل التجاري للشركة المنقسمة.ونوهت الشركة بأن كافة التوقيتات الزمنية المعلنة هي توقيتات تقريبية قابلة للزيادة أو النقصان حسب الأحوال ومتطلبات الجهات الإدارية المعنية.ووافقت الجمعية العامة العادية لشركة الحديد والصلب المصرية على حل وتصفية الشركة فور الانتهاء من عملية التقسيم، وتفويض رئيس الجمعية في تعيين المصفيين وتحديد أتعابهم ومدة التصفية على أن يكون المركز المالي للشركة في 31 ديسمبر 2020 أساساً للتصفية.وأوضحت الشركة، أن قرار التصفية يأتي نظراً لتدني المؤشرات المالية والإنتاجية والاقتصادية للشركة وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير وأهمها توفير أجور العاملين وتوفير مستلزمات الإنتاج والتشغيل الاقتصادي، وتدهور اقتصاديات التشغيل والخلل في هيكلها المالي.