قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إنه على الرغم من تزايد حالة عدم اليقين والتقلبات الشديدة التي شهدناها خلال عام 2020 على خلفية تفشي جائحة كورونا، فإن أداء أسواق الأسهم العالمية كان جيداً بعد أن نجحت في تعويض الخسائر الفادحة، التي سجلتها خلال شهري مارس وأبريل، كما تمكنت في العديد من الحالات من تحقيق مكاسب سنوية جيدة. وحسب التقرير، وصلت المؤشرات الأميركية الرئيسية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في الربع الرابع بفضل المكاسب القوية التي حققتها الأسهم، والتي ترجع إلى الأخبار الإيجابية على صعيد اللقاحات والتفاؤل لناحية برامج التحفيز المالي الإضافية في الولايات المتحدة، وانخفاض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها التاريخية.
لكن هذا الأداء الجيد شابه بعض التقلبات الشديدة، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا وتجدد عمليات الإغلاق في العديد من الدول. وفي الوقت نفسه، كان أداء أسواق الأسهم الإقليمية أضعف من مثيلاتها العالمية في الربع الرابع من العام، لكنها تمكنت من تحقيق مكاسب جيدة بدعم من ارتفاع أسعار النفط وتحسن المشهد الجيوسياسي.ومستقبلياً، يتوقف استمرار ارتفاع الأسهم على توقعات الانتعاش الاقتصادي، التي تعتمد بدورها إلى حد كبير على إقرار المزيد من تدابير التحفيز ومواصلة البنوك المركزية اتباع سياسات تيسيرية واحتواء الجائحة بنجاح، خصوصاً وسط طرح العديد من اللقاحات أخيراً.
التفاؤل بالتعافي
وجاء الأداء الإيجابي بالربع الرابع من عام 2020 على الرغم من إعادة فرض تدابير الإغلاق في أوروبا والمملكة المتحدة وبعض الولايات الأميركية الكبرى. لكن معنويات المستثمرين ظلت قوية بدعم من التعافي الاقتصادي وآمال إقرار حزم التحفيز المالي، هذا إلى جانب بوادر التحسن التي طرأت على بيانات الاقتصاد الكلي.وسجل مؤشر مورغان ستانلي العالمي ارتفاعاً قوياً بنسبة 12 في المئة مقارنة بالربع السابق بدعم من الأداء القوي للأسواق الناشئة (مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة: +15.7 في المئة) الذي ربما يرجع إلى ضعف الدولار الأميركي، والذي تزامن مع تحسن آفاق نمو الاقتصاد العالمي. وأدى ذلك التحسن إلى الحد من جاذبية الدولار الأميركي كملاذ آمن وزاد من جاذبية محافظ الأسواق الناشئة بسبب إمكانية ارتفاع عملات تلك الأسواق مقابل الدولار.كما ارتفعت الأسواق الأميركية بقوة، إذ ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 11.7 في المئة محققاً مكاسب للربع الثالث على التوالي بدعم من إقرار حزمة تحفيز مالي بقيمة 900 مليار دولار في ديسمبر لمواجهة تداعيات الجائحة (إضافة إلى إقرار سلسلة من حزم الإنفاق بقيمة 1.4 تريليون دولار للحفاظ على تمويل الإنفاق الحكومي حتى نهاية عام 2021 تقريباً) مما ساهم في الحد من مخاوف السوق المتعلقة بحدوث ركود اقتصادي آخر بسبب زيادة حالات الإصابة بالفيروس.من جهة أخرى، جاء معدل ارتفاع الأسواق الأوروبية وأسواق المملكة المتحدة أقل من نظيراتها الأميركية، إذ ساهم في تعزيزها التوصل أخيراً إلى صفقة تجارية لمرحلة ما بعد انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، وهو ما كان يعد من أبرز عوامل عدم اليقين وضعف المعنويات خلال العام.وكما يبدو الوضع الآن، سيكون عام 2021 واعداً للأسهم العالمية وسط تضاؤل مخاطر انتشار الفيروس تدريجياً واستمرار السياسات النقدية التيسيرية وتطبيق برنامج التحفيز المالي الإضافي في الولايات المتحدة بفضل فوز الحزب الديمقراطي أخيراً بجولة الإعادة لانتخابات مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا مما أدى إلى سيطرة الديمقراطيين فعلياً على مجلس الشيوخ. لكن على الرغم من تلك المؤشرات الواعدة، يبقى هناك العديد من المخاطر بما في ذلك التقييمات المرتفعة للأسهم وخصوصاً في الولايات المتحدة. وكذلك إمكانية ارتفاع معدلات التضخم أو توقعات ارتفاعه على خلفية تزايد مستويات السيولة وعودة انتعاش الطلب ما قد يؤدي إلى زيادة عائدات السندات والذي يمكن أن يثقل كاهل الأسواق. كما قد ينجم عن استمرار تفشي الجائحة العديد من التأثيرات المعاكسة، وأخيراً، فإن إمكانية عودة التوترات التجارية، خصوصاً بين الولايات المتحدة والصين، سيكون لها أثر سلبي على الأسواق.