تعرضت مواقع لقوات الحكومة السورية والميليشيات المرتبطة بإيران، فجر أمس، لأكبر قصف جوي منذ أشهر من طيران إسرائيلي وبتنسيق أميركي.ووصف معارضون سوريون ومصادر من المخابرات الغربية الغارة بأنها من أشد هجمات إسرائيل كثافة في الأشهر الأخيرة.
وذكرت مصادر أن الطيران الحربي قصف قرابة عشرين هدفاً، ابتداءً من أطراف مدينة دير الزور مروراً ببادية الميادين، وصولاً إلى مدينة البوكمال، مستهدفاً أهم طريق بري لنقل الأسلحة الإيرانية والمقاتلين إلى سورية.وأفادت بأن مخازن أسلحة ومعسكرات تدريب لقوات الحكومة وميليشيات "زينبيون" الباكستانية و"فاطميون" الأفغانية و"كتائب حزب الله ـ العراق" التابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني أصيبت. وأوقعت الغارات الإسرائيلية على مخازن أسلحة ومواقع عسكرية في شرق سورية، 57 قتيلاً من المجموعات الموالية لطهران، في حصيلة تُعدّ الأعلى منذ نحو عامين.وتسبّب القصف وفق حصيلة لـ"المرصد السوري"، بمقتل 9 عناصر من قوات النظام.ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن مسؤول استخباراتي أميركي أن "الغارات الإسرائيلية التي نُفِّذت بناء على معلومات استخبارية قدمتها الولايات المتحدة، استهدفت مستودعات كانت بمثابة خط أنابيب لمكونات تدعم البرنامج النووي الإيراني"، مضيفاً أن "وزير الخارجية مايك بومبيو ناقش الغارة الجوية، أمس الأول، مع يوسي كوهين رئيس الموساد" الذي كان في واشنطن.وجاء ذلك مع تزايد المخاوف من صدام عسكري محتمل مع الولايات المتحدة قبيل مغادرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير، وبالتزامن مع إطلاق إيران مناورات بحرية صاروخية في بحر عُمان وشمال المحيط الهندي مع عرض سفينتين حربيتين جديدتين واستخدامهما في التدريبات. وجاءت المناورات، التي تعد الرابعة من نوعها في غضون أسبوع، في سياق الاستعدادات الإيرانية لمواجهة أي حرب محتملة بعد تلقيها والجماعات المتحالفة معها في المنطقة سلسلة ضربات اتهم إسرائيل بشنها بالتواطؤ مع إدارة ترامب.وشارك في المناورات التي تختتم اليوم، رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال محمد باقري والقائد العام للجيش عبدالرحيم موسوي. ونظم حفل بجزيرة كنارك لتسليم السفينتين الجديدتين "مكران" و"زره" إلى القوات البحرية. وذكر "الحرس الثوري" أنه أطلق خلال المناورات التي تشارك بها غواصات "عدة صواريخ متطورة ودقيقة منها صواريخ ذات مدى بعيد"، فيما حذر خبراء وناشطون من تكرار الأخطاء القاتلة على غرار ما حدث في مايو الماضي، عندما قتل 19 ضابطاً وجندياً بحرياً خلال إصابة فرقاطة "كنارك" بصاروخ قيل إنه أطلق "عن طريق الخطأ" من مدمرة للجيش أثناء تدريبات بنفس المنطقة.
مهمة وقاعدة
ووسط تصعيد للتهديدات الإقليمية، ذكرت مصادر إيرانية إن السفينة "مكران" التي قالت طهران إنها أكبر وأحدث سفينة حربية يتم تصنيعها محلياً سترسل في مهمة من خليج عُمان إلى البحر الأحمر مروراً ببحر العرب وخليج عدن قبالة اليمن، حيث توجد جماعة "أنصار الله" الحوثية المتمردة والمدعومة من طهران. ولفتت المصادر إلى أن السفينة تملك القدرة على تخزين كميات كبيرة من الصواريخ والعتاد العسكري وتضم معدات للحرب الإلكترونية والرصد ومن مهامها تقديم خدمات للسفن العسكرية والمدنية.وأشارت إلى وجود مهبط على سطح السفينة قادر على استقبال أضخم مروحية لدى القوات الإيرانية.وكشفت المصادر أن المرشد الأعلى علي خامنئي أمر بصناعة 4 سفن مماثلة لـ"مكران" ضمن مخطط لإنشاء قاعدة بحرية في شمال المحيط الهندي.وكان القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، قد أزاح الجمعة، الستار عن قاعدة صاروخية بحرية تحت الأرض على شواطئ الخليج، وصفت بأنها استراتيجية". إلى ذلك، استمرت انقطاعات الكهرباء في طهران وبعض المدن حتى صباح أمس، في مشهد أغضب الإيرانيين الذين عبروا عن استيائهم على مواقع التواصل الاجتماعي.وأكد مصدر رفيع في قسم الدفاع السيبراني للدفاع المدني الإيراني "المعروفة بمؤسسة الدفاع غير العسكري" بأن إيران واجهت، أمس الأول، هجوماً سيبرانياً عنيفاً أدى إلى اختراق انظمة الكمبيوتر التي تدير شبكات الكهرباء.وقال المصدر، إن أنظمة الدفاع السيبرانية الإيرانية تواجه هجمات عنيفة ومتكررة منذ حوالي أسبوع تركزت على مولدات الطاقة الأم التي تقوم بتأمين الكهرباء للمراكز العسكرية والنووية مثل نطنز وفوردو وأراك وبارشين، لكن أمس الأول، نجح المهاجمون في اختراق أنظمة السيطرة على توزيع الكهرباء في كل البلاد.وأضاف المصدر أن الهجوم أدى إلى انقطاع الكهرباء عن بعض المراكز العسكرية التي كانت تعمل فيها أنظمة الرادارات للصواريخ وأنظمة تشغيل الدفاعات الجوية الإيرانية لمدة ساعتين على الأقل في حين أن كل هذه الأنظمة يجب أن تعمل على الفور بنظام التشغيل الاحتياطي خلال عشرين ثانية كحد أقصى، وتبين أنه تم فصل أنظمة التشغيل الاضطراري لهذه الأنظمة أو تعطيلها حيث إن قسماً من البلاد كان مكشوفاً أمام الهجمات ساعتين. في السياق نفسه، أكد مصدر في وزارة الطاقة الإيرانية، أن البلاد تواجه بالفعل شحاً كبيراً في إنتاج الطاقة بعد زيادة تصدير الطاقة إلى العراق عقب الاتفاق الأخير الذي توصل إليه وزير الطاقة خلال زيارته إلى بغداد لدفع ثمن الكهرباء نقداً إلى إيران وقيام الولايات المتحدة بتمديد إعفاء العراقيين من العقوبات لـ 3 أشهر أخرى.وقال المصدر، إنه بعد هذا الاتفاق ضغطت الحكومة على وزارة الطاقة بشدة لبيع كل ما تستطيعه من الكهرباء للعراق واستيفاء ثمنه بسبب الشح المالي الذي يواجه صندوق الحكومة من العملة الأجنبية وعليه فلم تعد وزارة الطاقة الإيرانية تستطيع تأمين ما يكفي من حاجة البلاد من الطاقة.وأضاف المصدر أنه بسبب ارتفاع سعر العملة الرقمية خصوصاً صعود البتكوين في البورصات العالمية في الأيام الماضية، فإن مراكز تعدين العملة الرقمية زادت من عملها وارتفع الضغط على الشبكة الكهربائية، واوقفت الحكومة قراراً سابقاً بقطع الكهرباء عن هذه المراكز للاستفادة من ارتفاع البتكوين. وقال المصدر، إن وزارة الطاقة أعادت استخدام معامل الكهرباء التي تعمل على المازوت، لكن بسبب ازدياد التلوث في المدن الكبرى إلى ما يزيد على 200 درجة باتت تواجه أيضاً ضغوطاً لوقف عمل هذه المعامل أيضاً. وأضاف أنه في الظروف الحالية والضغوط التي تواجهها وزارة الطاقة لتامين كهرباء مراكز التنقيب وتصدير الكهرباء إضافة إلى الطلب المتزايد في الداخل فمن الأرجح أن تضطر هذه الوزارة لاستمرار تقنين الكهرباء عن المواطنين حتى حل هذه الأزمة.