بينما تراهن أغلبية الحكومات في العالم على تلقيح ما يزيد على 70 في المئة من شعوبها، من أجل بلوغ ما يعرف بـ «المناعة الجماعية» أو «مناعة القطيع»، كي تعود الحياة إلى طبيعتها، بعد فترة عصيبة من جرّاء تفشي وباء «كورونا»، سجّلت الولايات المتّحدة أسوأ يوم من الوباء مع وفاة 3 أميركيين كل دقيقة، في حين اتخذت الصين خطوات حاسمة لوقف انتشار طفيف للفيروس.ويجري الرهان على التطعيم كي يكتسب الناس أجساماً مضادة للمرض، وسط تساؤلات عن الوضع الذي سيصبح عليه الفيروس عندما يكون معظم الناس محصنين ضد العدوى.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن الأمر المؤكد هو أن «الفيروس باقٍ معنا، ولن يختفي نهائياً مهما تقدمت حملات التلقيح».لكن هذا الفيروس لن يظل بمنزلة تهديد خطير عندما يكون أغلب الأشخاص البالغين محصنين ضد مرض «كوفيد 19»، لأنه سيصبح شبيها بنزلة البرد العادية، وفق مجلة «ساينس».ويثير الفيروس المستجد هلعاً، في الوقت الحالي، لأنه مسبب مرضي غير مألوف، ولأن أجسامنا لم تتدرب بعد على التعامل معه أو حتى مقاومته.وأوضح الخبراء أن الوضع الصحي لن يظل بهذه الخطورة والتأهب، عندما يكون عدد كبير من الناس أصيبوا بالفيروس ثم تعافوا منه، أي إن شراسة المرض ستتراجع بشكل ملحوظ. في غضون ذلك، سيشكل الفيروس، تحدياً للأطفال الصغار الذين لم يصابوا به من قبل.ويعني هذا الأمر أن العدوى ستشكل تحدياً مقلقاً فقط في حالة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات.بمعنى آخر، سيصبح الفيروس «مستوطناً»، ينتشر بمستويات منخفضة، ونادراً ما يسبب مرضاً خطيراً.وفي حين أن جميع هذه الفيروسات التاجية تنتج استجابة مناعية مماثلة، فإن الفيروس الجديد يشبه إلى حد كبير فيروسات «كورونا» الباردة الشائعة، كما افترضت جيني لافين التي قادت دراسة في جامعة إيموري في أتلانتا.وبعد إعادة تحليل البيانات من أبحاث سابقة، وجدت الدراسة أن العدوى الأولى بـ»فيروس الزكام» تكون خطيرة في المتوسط في عمر 3 إلى 5 سنوات، وبعد هذا العمر، قد يصاب الناس مراراً وتكراراً، لكن مناعتهم تكون بالمرصاد.إلى ذلك، أظهرت نتائج التجارب السريرية المتأخرة من لقاح «كورونا فاك» الذي تنتجه شركة «سينوفاك» الصينية تبايناً في الأرقام المعلنة بين الدول التي جرت فيها هذه التجارب.ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن «كورونا فاك» الذي تسعى الصين من خلال تصديره للدول النامية لتعزيز صورتها بعد الوباء، أظهر معدل فعالية لا تتجاوز 50 في المئة بالتجارب التي أجريت في البرازيل.في المقابل، أعلنت تركيا سابقاً عن فعالية اللقاح الصيني ذاته بنسبة 91 في المئة، في حين كان معدل الفعالية يبلغ 63.3 في المئة خلال التجارب التي أقيمت في إندونيسيا.و«سينوفاك» هو واحد من 5 لقاحات صينية مضادة لفيروس «كورونا» ، لكنه لم يحصل على الموافقة لاستخدامه على نطاق واسع في الصين حتى الآن.ولجأت الصين إلى هذه الدول لإجراء التجارب السريرية للقاحاتها فيها بعد سيطرتها على الوباء للحصول على نتائج دقيقة، لكن النتائج المتباينة لـ«كورونا فاك» في البرازيل وإندونيسيا وتركيا يثير التساؤلات بشأن مدى نجاحه.في غضون ذلك، أعلنت سلطات إقليم هيلونغجيانغ الصيني البالغ عدد سكانه 37.5 مليون نسمة «حالة طوارئ» أمس، وطلبت من المواطنين عدم مغادرة الإقليم إلا للضرورة القصوى، وإلغاء المؤتمرات والتجمعات.وجاءت التدابير بعد رصد 28 إصابة للقضاء على عدد محدود من الإصابات بـ«كوفيد 19». ويخضع أكثر من 200 مليون شخص حالياً لنوع من تدابير الإغلاق في المناطق الشمالية.والاثنين، تم إغلاق مدينة سويهوا في هيلونغجيانغ والبالغ عدد سكانها أكثر من 5.2 ملايين نسمة. وأكدت السلطات أمس، أنها ستغلق مدناً صغيرة أخرى قرب سويهوا أو ستفرض عليها قيود تنقل.وفي الولايات المتّحدة التي سجّلت وفاة 4500 شخص وإصابة أكثر من 235 ألفاً آخرين بالفيروس خلال 24 ساعة، في حصيلة يومية قياسية جديدة، قال مسؤول في فريق الرئيس المنتخب جو بايدن، إن منصف السلاوي كبير مستشاري عملية «وارب سبيد» لتوزيع اللقاحات استقال من منصبه لكنه سيكون متاحاً للعمل مستشاراً لإدارة بايدن لنحو أربعة أسابيع.وعملية «وارب سبيد» هي برنامج الحكومة الخاص بتوزيع لقاحات، وعُين السلاوي في الربيع الماضي لقيادة جهود تطوير لقاح وفقا لجدول زمني معجل.وأعلن مدير «المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها»CDC روبرت ريدفيلد، أنّ المسافرين الراغبين بالتوجّه إلى الولايات المتّحدة جواً سيضطرون اعتباراً من 26 يناير الجاري لإبراز نتيجة فحص سلبية لـ«كوفيد 19» للسماح لهم بالصعود على متن الطائرة.وفي باريس، أعلن كبير المستشارين العلميين للحكومة الفرنسية جان فرانسوا ديلفريسي، أمس، إنه لا داعي لإغلاق المدارس في البلاد لكن يتعين اتخاذ تدابير جديدة مشددة لإبطاء انتشار «السلالة البريطانية».أما وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، فصرّح أمس، إن المرضى الذين لا يحتاجون للرعاية بالمستشفيات يمكن نقلهم إلى الفنادق في إطار خطة بديلة لاستيعاب مرضى «كورونا» لم تطبقها الحكومة بعد. وبينما أطلقت إندونيسيا أمس، حملتها الجماعية للتطعيم، باستخدام اللقاح الصيني «كورونا فاك»، أعلنت السلطات الصحية في تونس، أن البلاد ستشهد حجراً صحياً شاملاً مدة 4 أيام لاحتواء التفشي الذي بلغ مستويات قياسية، معتبرة أن الوضع الوبائي في البلاد «خطير ودقيق جداً».وفي سانتياغو، دخل رئيس رئيس تشيلي سيباستيان بينيرا حجراً صحياً وقائياً بعد اتصال وثيق بشخص مصاب بالفيروس ويعمل في منزله، بينما أفاد بيان صدر عن مكتب الرئيس البوليفي السابق إيفو موراليس، أن الأخير «ثبتت إصابته بالفيروس وحالته مستقرة حالياً ويتلقى رعاية طبية».
دوليات
ما مصير «كورونا» بعد بلوغ «مناعة القطيع»؟
14-01-2021