العراق يتجه لتأجيل الانتخابات المبكرة
في حين تؤكد الحكومة العراقية على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة، في موعدها الثابت «في السادس من يونيو المقبل»، يشهد القصر الجمهوري في بغداد حراكاً محموماً لحسم الجدل حول موعد هذه الانتخابات التي تعتبر مطلباً أساسياً لحركة «تشرين» الاحتجاجية وسط تشكيك معظم الأطراف في إمكان الالتزام به، وتوقعات بمقاطعة واسعة للاقتراع، إذا جرى في فصل الصيف المعروف بقسوته في العراق.عملياً لا يمكن إجراء اقتراع في الربيع، لأن جائحة كورونا والانهيار الاقتصادي إلى جانب فوضى سلاح الفصائل، تشكل في مجملها عوامل تهدد مفهوم الانتخابات الناجحة، خصوصاً أنها تأتي بعد اقتراع قاطعه نحو 70 في المئة من العراقيين ربيع عام 2018.وإذ تفضل معظم الأطراف تأجيل الانتخابات، يبدو مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري الجهة الوحيدة المستعدة لتعبئة جمهورها العقائدي الواسع شتاء أو صيفاً، لذلك دعا إلى الالتزام بالموعد، إدراكاً منه بأنه في هذه اللحظة قادر على المنافسة القوية.
وعقد رئيس الجمهورية برهم صالح مع الرئاسات الأخرى، بمشاركة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت اجتماعاً حول الاقتراع المبكر، بعد أن دخل مجلس الأمن على الخط، بطلب من بغداد، وأيضاً بنداء سابق من مرجعية النجف التي تحظى باحترام واسع، حول حاجة الانتخابات إلى حماية ومراقبة من خبراء دوليين لمنع التلاعب الذي شهدته تجربة عام 2018، ولمساندة الحكومة في تأمين انتخابات عادلة وسط فوضى سلاح الفصائل والتهديد الذي يطال قوى «تشرين» الاحتجاجية التي يبدو أن الأحزاب تخشى من أن تحقق خرقاً يعيد صوغ الأوزان في البرلمان.وقال مستشار الحكومة حسين الهنداوي للوكالة الرسمية، إن مجلس الأمن بدأ فعلياً دراسة حالة الانتخابات العراقية بطلب من الحكومة، متوقعاً زيادة عدد الخبراء الدوليين إلى ألف خبير، وهو رقم لم تعهده أي انتخابات عراقية سابقة. لكن ذلك كله واقع تحت عين الفصائل المسلحة التي تمتلك كتلة نيابية مؤثرة في البرلمان، إذ صعّدت من حملات العنف والخطف والتهديد لخصومها خصوصاً نشطاء حركة «تشرين»، كما هددت بإطاحة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي المصنف على أنه صديق لحركة الاحتجاج ومعارض لنفوذ إيران.وعلى وقع التوتر الشديد بين واشنطن وطهران، تتصاعد المواجهة بين الكاظمي والفصائل إلى درجة أنها تفكر بالضغط أيضاً لتأجيل الانتخابات، وتحاول الحصول على مزيد من الوقت لجعل الكاظمي يصل هو وأنصاره إلى صناديق الاقتراع وهو خارج الحكومة عبر إطاحته في الفترة المقبلة.ويتردد في بغداد أن الكاظمي يدرس إعلان حال الطوارئ كبداية لدخول مواجهة عسكرية لإرساء القانون ووقف الفوضى، لكن ذلك يحتاج إلى موافقة ثلثي البرلمان، ويتطلب إجماع كل الأطراف الخارجة عن كتلة الميليشيات، وهو أمر يبدو صعباً جداً.ويرجح تأجيل الانتخابات مبدئياً من يونيو إلى أكتوبر المقبلين، لكن هناك من يذهب إلى إمكان تعرضها إلى تأجيل آخر حتى العام المقبل.