الخلاف الخليجي تسبب في تكاليف عالية وغير مستحقة
إنهاؤه جاء في وقت مناسب فالضغوط الاقتصادية والسياسية تتطلب جهداً جماعياً وصادقاً لمواجهتها
أشار «الشال» إلى أنه بعد 41 سنة على قيام مجلس التعاون الخليجي، لا يبدو أن في سجله قائمة إنجازات يمكن لمواطني دوله الإشادة بها، ومع تغير الظروف ومحاصرته بالعنف على الساحة الجيوسياسية، ومع حقبة متوقعة لتغيرات اقتصادية غير مواتية، لابد له من بداية، وربما ولادة جديدة.
ذكر تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي أنه وبعد مخاض طويل، التأم جمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في 5 يناير الجاري في منطقة العلا بالسعودية، القرار الأساس، والذي طال انتظاره، كان الإعلان عن نجاح وساطة الكويت للمصالحة بين الخصوم ضمن دول مجلس التعاون الخليجي.وبعد ثلاث سنوات ونصف السنة من القطيعة، تحققت المصالحة، وهي خطوة، وإن لم يكن الخلاف بالأصل مستحقاً، إلا أن تحققها يعني الكثير لدول مجلس التعاون الخليجي، وربما يتعداه إلى الإقليم العربي كله. وتسبب الخلاف بمجمله في تكاليف عالية وغير مستحقة، سواء جاءت بسبب خسارة منافع التبادل البيني التجاري والمالي والخدمي، أو بسبب تكثيف نفقات الأمن والدفاع، أو بسبب الاتاوات التي كان لابد من دفعها لشراء مواقف مؤيدة لدول أخرى، أو بسبب عقود غير ضرورية نتيجة ضعف الموقف التفاوضي لكل أطراف الخلاف.
إضافة إلى خسائر اجتماعية كابدتها شعوب المنطقة المرتبطة نسباً وقرابة ببعضها، أو تلك الخسائر السياسية والاستراتيجية التي نتجت عن تباعد بعضها البعض، ما أدى إلى عقد تحالفات مع أطراف يفترض التعامل معها في كل من حالتي الخلاف أو الاتفاق من زاوية تحقيق المصلحة المشتركة بشكل جماعي.رغم ذلك، جاء الصلح أو إنهاء الخلاف في وقت مناسب، فالضغوط الاقتصادية والمالية وحتى السياسية، تتطلب جهدا جماعيا وصادقا لمواجهتها، وبداية المنافع سوف تتحقق من عودة التبادل التجاري والخدمي البيني إلى سابق عهده. ويبقى المهم تطوير الاتفاق ليترجم إلى العودة لاتفاقات التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي بكل مكوناته، ولعل الأهم هو استخدام دول مجلس التعاون الخليجي قوتها التفاوضية المجمعة لتحقيق صلح على المستوى العربي، ففي ظروف اقتصادية ومالية صعبة، ولتمويل مشروعات استدارة اقتصادية كاملة والمنطقة على أبواب أفول عصر النفط، تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى العمل المشترك على تخفيف الأوضاع المزرية التي تعيشها دول الإقليم العربي، وذلك سينعكس عليها استقرارا ووفرا ماليا ضخما يتحول إلى تمويل مشروعاتها الاقتصادية. أقرب المواقع النازفة لكل الأطراف، هي اليمن، ولأسباب إنسانية وغيرها، يمكن للجهد المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي من تمكينها أن تضع ثقلها المشترك لدى الأطراف المتنازعة ودفع الجميع إلى التعاون لإيجاد مخرج لإنهاء حربها الأهلية.وما ينسحب على اليمن يظل صحيحا على العراق وسورية ولبنان وليبيا وحتى تونس، فالخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي، رتب مواقف متناقضة في الصراعات الداخلية لكل تلك الدول، ومواقف موحدة عاقلة جديدة، قد تؤدي إلى انعكاسات إيجابية على كل تلك الساحات، وفي ذلك انعكاسات إيجابية غير مباشرة على دول مجلس التعاون الخليجي، مالية وسياسية.وبعد 41 سنة على قيام مجلس التعاون الخليجي، لا يبدو أن في سجله قائمة إنجازات يمكن لمواطني دوله الإشادة بها، ومع تغير الظروف ومحاصرته بالعنف على الساحة الجيوسياسية، ومع حقبة متوقعة لتغيرات اقتصادية غير مواتية، لابد له من بداية، وربما ولادة جديدة.لعل أولى بداياته المقدرة، هي حالة الصلح الأخيرة، ولكنها تحتاج إلى رسملة متسارعة عليها تنقله إلى موقع مختلف ومتميز عن ماضيه التاريخي، وذلك لن يحدث سوى حال مواجهته المشتركة لتحديات المستقبل الجوهرية، حينها يكسب الكثير من المصداقية.