قال "الشال" إن ما نشر في الصحافة الأسبوع الفائت يفترض أنه الورقة الثانية "للجمعية الاقتصادية الكويتية" بعنوان "رسالة إلى صناع القرار"، وكانت الجمعية قدمت ورقة أخرى ضمن مجموعة من الأوراق والآراء، شارك في تقديمها جهات اختصاص حكومية قبل أقل من شهر من نشر الورقة الثانية.الورقة الجديدة هي ثالثة الأوراق الجديدة التي شاركت نفس الركائز تقريبا خلال بضعة أسابيع من الزمن، أولاها كانت ورقة أساتذة الجامعة تحت عنوان "قبل فوات الأوان"، وثانيها ورقة "غرفة تجارة وصناعة الكويت" تحت عنوان "إن وطننا في خطر"، والركائز وإن اختلفت صيغة التعبير عنها، تتفق، ليس فقط على عدم استدامة الاقتصاد، وعدم استدامة المالية العامة، وعدم استدامة ميزان العمالة، وإنما استمرار اتساع فجوات تلك الاختلالات.
ورقة "الجمعية الاقتصادية" تتحدث عن خلل هيكلي إنتاجي ناتج عن هيمنة قطاع عام ضعيف الإنتاجية وعالي التكلفة، والأمر هنا ليست له علاقة بالملكية عامة كانت أو خاصة، وإنما بسوء الإدارة، لذلك هو قطاع بسبب سوء إدارته لا يمكن أن يخلق فرص عمل مواطنة مستدامة.والمالية العامة في تقدير الورقة غير مستدامة، فالإنفاق العام غير مرن، إذ تستقطع الرواتب والأجور والدعوم أكثر من 70 في المئة من حجمه، والحساب الختامي للسنة المالية الفائتة، أي ما قبل "كورونا"، لم يأت بجديد، فقد سجل عجزا كبيرا للموازنة العامة، وارتفاع العجز للسنة المالية الحالية أكد عدم الاستدامة الناتجة عن عمق التبعية للنفط، ومستقبل الطلب على النفط يضعف ومخالف لماضيه.والكارثة القادمة في تعريف الورقة هي أن كل المعلن من جانب الحكومة عــن الإصلاح، مجــرد إسطوانــة "مشروخـة"، وتحقـق الكارثة قضية وقت، فبعد جفاف سيولة الاحتياطي العام، سوف يتبعه استنزاف احتياطي الأجيال القادمة.لذلك، تعتقد الورقة أن المضي في السياسات الحالية، اقتصادية ومالية، سوف يعني عجزا مؤكدا عن استيعاب نحو 325 ألف خريج مواطن قادم إلى سوق العمل في السنوات العشرين القادمة.وإلى جانب الإساءة غير المستحقة للبلد، التي بات اسمها يتصدر الصحف العالمية بالعناوين الخطأ حول الفضائح والجرائم المالية، باتت البلد تفقد تصنيفاتها الائتمانية الجيدة، وذلك يظل تحصيل حاصل ناتجا عن سوء إدارة الاقتصاد.إنها لا مبالاة الإدارة العامة التي سيطرت على المشهد الاقتصادي، وأدخلته في دهاليز السياسة، في زمن لم يعد فيه ما يكفي من الموارد لاستمرار النهج القديم في توزيع الثروة على المواطنين من دون تنميتها، أو بمعنى آخر انه تعبير بديل لمصطلح الاصطدام بالحائط.ونعتقد بضرورة تطرق الورقة إلى أصل الإيرادات في علم المالية العامة، وهو الدخل الضريبي المرتبط بالنشاط الاقتصادي المستدام، ووفقا لما ذكرته الدراسات والأوراق السابقة، لابد من البدء بضريبة دخل على شرائح الدخل العليا، وذلك لن يمس دخل ما بين 90 و95 في المئة من المواطنين، ولكنها تمثل بداية الربط بين تمويل المالية العامة وازدهار الاقتصاد، كما أنها تعني بداية المقاومة الحقيقية للفساد والهدر، وتعني أيضاً ضمان واستقرار النهج الديمقراطي المرتبط بالضريبة في الديمقراطيات العريقة.وفي الختام، يكاد الاتفاق على استحالة استمرار النهج الاقتصادي والمالي والإداري يبلغ حد الإجماع، ويظل الاختلاف حول التفاصيل جائزا وقائما، ما لا يفترض الاختلاف عليه، هو مصير بلد تخلف في الماضي، ويكاد يضيع في المستقبل.والوقت حاسم في توافق الحد الأدنى على ضرورة إنقاذ وطن، وذلك يتطلب جراحة إدارية كبيرة، والاختلاف على كل ما عداها سمة من سمات الديمقراطية الحقة.
اقتصاد
ضرورة البدء بضريبة على شرائح الدخل العليا
17-01-2021