القوة الأميركية «الناعمة» ستصمد رغم عهد ترامب
![ناشيونال إنترست](https://www.aljarida.com/uploads/authors/809_1687281767.jpg)
زاد الانقسام السياسي في آخر عشرين سنة واستغل ترامب هذا الوضع لاستعمال الشعبوية كسلاح سياسي للسيطرة على الحزب الجمهوري، ورضخ له عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ والكونغرس بسبب التهديدات التي تطرحها عليهم قاعدة ترامب، حيث يتمسك بعضهم بهذا الموقف حتى الآن، لكن في النظام الفدرالي الأميركي، تولى المسؤولون المحليون (جمهوريون، ديمقراطيون، مستقلون) إجراء الانتخابات رغم تفشي الوباء، وأنتجت الثقافة السياسية الديمقراطية في هذا البلد عدداً كبيراً من الأبطال المحليين، منهم أمناء ومشرّعون تصدّوا لترامب حين حاول ترهيبهم لتغيير خياراتهم الانتخابية.ينعى الكثيرون الديمقراطية الأميركية منذ الآن، لكن يجب أن يتذكر هؤلاء أن انتخابات 2020 شهدت نسبة مشاركة غير مسبوقة لإسقاط حاكم ديماغوجي، فصمدت النتائج في أكثر من ستين محكمة تخضع لإشراف نظام قضائي مستقل يشمل عناصر عيّنهم ترامب بنفسه، وتأكدت نتيجة الانتخابات منذ أيام مجدداً في الكونغرس وصادق عليها أيضاً نائب الرئيس الجمهوري وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ. لا يعني ذلك أن الديمقراطية الأميركية لا تزال مثالية، فلا شك أن ترامب استنزف عدداً من المعايير الديمقراطية ولا بد من إعادة ترسيخها، كذلك، تستمر الانقسامات الداخلية ويصدّق جزء كبير من مناصري ترامب أكاذيبه بشأن تزوير الانتخابات بدل تصديق الأدلة التي تقدّمها المحاكم. أثبت ثمانية أعضاء في مجلس الشيوخ وأكثر من مئة نائب جُبنهم أو انتهازيتهم السياسية، وترتكز نماذج العمل في مواقع التواصل الاجتماعي حتى الآن على أنظمة حلول حسابية تستفيد من التطرف، وبدأت الشركات تتجاوب ببطء مع هذه الألاعيب عن طريق ناشري نظريات المؤامرة.قد يكون تاريخ 6 يناير 2021 يوماً مخزياً بقدر 7 ديسمبر 1941، أو قد يصبح نقطة تحوّل تاريخية حيث تبلغ ظاهرة "الترامبية" ذروتها ويبدأ السياسيون بتحمّل مسؤولية خطاباتهم. حتى اليوم، لا يزال جو بايدن يمثّل صوت العقل والهدوء، ولا يمكن أن نتوقع منذ الآن مدى قدرته على كبح الوباء وإعادة إحياء الاقتصاد وطرح ركيزة سياسية قادرة على تخفيف الانقسامات السائدة، لكننا قد نشهد على نهاية (لا بداية) حقبة سياسية خطيرة. في هذه الحالة، ستُمهّد صلابة الولايات المتحدة مجدداً لتعافي القوة الأميركية الناعمة.