على وقع تأهب غير مسبوق في واشنطن، وتعبئة عسكرية شملت جميع الولايات الأميركية، سيوقع الرئيس المنتخب جو بايدن في اليوم الأول من توليه الرئاسة خلفاً للرئيس دونالد ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية، تتعلق بالتصدي لجائحة كوفيد- 19 وتدهور الاقتصاد واللامساواة العرقية والتغيّر المناخي، باعتباها «أزمات تستوجب تحركاً عاجلاً».وجاء في بيان أصدره رون كلاين، الذي اختاره بايدن لتولي منصب كبير موظفي البيت الأبيض، أن بايدن سيوقّع نحو «12» أمراً تنفيذياً الأربعاء عقب حفل التنصيب، الذي بدأ العمل بإجراءات هائلة في واشنطن وكذلك في عواصم عدة ولايات لتأمينه خشية من أعمال عنف، مبيناً أن أحد المراسيم يقضي برفع منع دخول مواطني عدة دول ذات أغلبية مسلمة، الذي فرضه ترامب بعد أيام فقط من توليه منصب عام 2017.
وإذ أشار إلى نية الرئيس الجديد العودة إلى اتفاق باريس للمناخ، قال كلاين إن «الأزمات الأربع تتطلّب تحرّكا عاجلاً. وبايدن سيتّخذ في الأيام العشرة الأولى من ولايته تدابير حاسمة للتصدي لها، ولتجنيب البلاد أضراراً طارئة لا يمكن إصلاحها، ولاستعادة أميركا مكانتها في العالم»، مشيراً إلى أنه «سيتحرك ليس فقط من أجل إصلاح الأضرار الأكثر خطورةً التي تسببت فيها حكومة ترامب، لكن أيضاً من أجل فتح المجال أمام البلاد للتقدم».ويعتزم بايدن تمديد المهل النهائية للطرد من البيوت أو وضع اليد عليها بسبب الأزمة المرتبطة بالوباء.ومن أجل زيادة تحصين الأميركيين ضد الوباء، يريد بايدن إنشاء مراكز تلقيح محلية وتعزيز التعاون بين السلطة الفدرالية والولايات وزيادة حملات الوقاية.وسيصدر الرئيس الـ46 للولايات المتحدة مرسوماً يجعل من وضع الكمامة في المقرات والأماكن التابعة للدولة الفدرالية أمراً إلزامياً وكذلك عند التنقل بين الولايات.وتبني هذه الاجراءات الأولى عبر مراسيم يسمح للرئيس الجديد بتفادي المرور عبر الكونغرس ولا سيما مجلس الشيوخ، الذي قد يكون عليه تكريس نفسه لإجراءات عزل ترامب.وأنهى بايدن أمس الأول تشكيل فريقه الدبلوماسي الذي يجسّد الرغبة في إحداث قطيعة مع النهج الأحادي لإدارة ترامب، كما يهدف إلى «تصحيح مسار» السياسة الخارجية الأميركية.وبعد اختياره أنتوني بلينكن لمنصب وزير الخارجية وويندي شيرمان نائبة له، سمى بايدن أيضاً براين ماكيون مساعداً لشؤون الإدارة والموارد وثلاثة وكلاء في وزارة الخارجية جميعهم نساء، مؤكداً، في بيان، أن الوجوه الجديدة للخارجية «تجسّد اقتناعا عميقا بأن أميركا تكون الأقوى حين تتعاون مع حلفائها».
تأهب أمني
ومع تجديد مكتب التحقيقات الاتحادي FBI تحذيراته من الانتفاضة المسلحة المحتملة، كثفت جميع الولايات وواشنطن تعبئتها الأمنية ورفعت مستوى التأهب لتأمين تنصيب بايدن.وفي استعراض للقوة لم يسبق له مثيل، نشرت قوات الحرس الوطني آلاف الجنود لمنع أي محاولات للإخلال بالأمن، على غرار الاقتحام التاريخي لمبنى الكابيتول قبل نحو 10 أيام. وأغلقت العاصمة بالحواجز وعدد من الجسور المؤدية لها، فضلا عن عشرات الطرق ومنعت الزيارات لعدد من المعالم الشهيرة بجميع الأنحاء حتى الأسبوع المقبل.ومن بين الولايات التي قامت بتعبئة حرسها الوطني لتعزيز الأمن، ميشيغان وفرجينيا وويسكونسن وبنسلفانيا وواشنطن، بينما قامت تكساس بإغلاق مبنى كونغرس الولاية اعتبارا من اليوم وحتى يوم التنصيب.وأعلنت وزارة الأمن الداخلي استعدادها لضمان أمن المجال الجوي خلال تنصيب بايدن، بينما أوقفت شرطة واشنطن الجمعة رجلا مسلّحا ومدجّجا بالذخيرة خلال محاولته عبور إحدى نقاط التفتيش الكثيرة المقامة في محيط مبنى الكابيتول حيث ستقام مراسم التنصيب، وعثرت معه على مسدس محشو وأكثر من 500 طلقة ذخيرة وملصقات عدة على شاحنته تدافع عن الحق في حيازة الأسلحة.الاستعداد للمحاكمة
في الأثناء، بدأت فعلياً الاستعدادات لمحاكمة ترامب بتهمة التحريض على العنف والتسبب في مقتل أميركيين في حادثة اقتحام الكونغرس، ودعا النائب الديمقراطي بريندان بويل إلى اعتقال ترامب ووضعه في السجن.ورغم أن ترامب سيكون رئيسا سابقا عند بدء المحاكمة، فإن هذا الحدث سيكتسي زخما كبيرا لأنه إذا اعتُبر مذنبا يمكن أن يجري تصويت ثان يمنعه من الترشح مجددا للرئاسة.وخلافا للمحاكمة التي استهدفته قبل سنة في القضية الأوكرانية، تبدو وحدة الجمهوريين اليوم غير قائمة، وبالتالي فإن إدانة ترامب ليست مستحيلة.وأفاد محاميه رودي جولياني، بأنه يشارك في «إعداد حجج الدفاع عنه أمام محاكمة العزل في الكونغرس«، لافتاً إلى أنه «سيدفع بأن ترامب لم يحرض على العنف، لأن حديثه عن تزوير الانتخابات كان صحيحاً ووجهة نظر مشروعة».وشدد جولياني، خلال حديث صحافي، على أنه «لا يستبعد إمكانية أن يدلي ترامب بشهادته خلال محاكمته الثانية»، معرباً عن اعتقاده بأن «الأمر مبرر تماما فيما يتعلق بإمكانية إصدار ترامب عفوا لمصلحة نفسه». وبينما رأى جولياني أن ترامب بإمكانه إصدار عفو عن نفسه، شدد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ ستيني هوير على أن استقالات مسؤولي إدارته الكبار لن تنقذ سمعتهم.