تغيرت المنظومة الانتخابية في دولة الكويت بكل الاتجاهات، حيث بدأت بالدوائر العشر من مجلس 1963 إلى عام 1975 على أساس خمسة أعضاء لكل دائرة، ثم انتقلت في عام 1981 إلى نظام الخمس والعشرين دائرة، بواقع عضوين لكل دائرة، ثم إلى خمس دوائر في مجلس 2008 كل دائرة يمثلها عشرة أعضاء وأربعة مرشحين لكل ناخب، وأخيراً استقرت الحال عند عام 2012 على نظام الدوائر الخمس يمثلها عشرة نواب ومرشح واحد لكل ناخب. مع كل هذه التغيرات يظل السؤال قائماً حول أثر توزيع الدوائر الانتخابية على تطور الحياة الديمقراطية وعلى مواكبة الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقضاء على مظاهر الفساد الإداري والمالي والتقسيم الفئوي للمجتمع والمحسوبية وتطبيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
عند قراءة المسيرة التاريخية لمنظومة الدوائر الانتخابية تجدها عملت بشكل أو بآخر على الانحراف عن الأهداف السامية التي جاء عليها الدستور الكويتي وعن مسار العمل الحقيقي لمجلس الأمة، وانحرفت أكثر وأكثر بالمهام الوظيفية التي يؤديها عضو المجلس بحيث أصبح الشك في نزاهة النواب هو الأصل.الحقيقة الأخرى التي لا يمكن تجاوزها تعود إلى مزاج الناخب، فهو من يملك أدوات التغيير وهو صاحب القرار في التغيير، لكن تفاعله يظل محل تساؤل لعدم ثباته على المواقف وتغير مزاجه المستمد من حالة الأوضاع التي يمر بها البلد، فتارة تجده حاضراً وفاعلاً كما حدث في انتخابات المجلس المبطل 2012 وفِي المجلس الحالي، وتارة يغيب عن المشهد كما حدث مرات عديدة، ولعل أبرزها في مجلس 2016.التفاوت في الحضور لا يعني نسبة المشاركة بل في حسن الاختيار الذي يقودنا إلى حقيقة أخرى بأن ممارسة الديمقراطية لا يمكن تركها وتحميل مسؤوليتها على عاتق الناخب لوحده، ما لم تصاحبها معالجة أوجه القصور التي تظهر بالدستور وفي اللائحة الداخلية، وتفعيل أدوات الرقابة المالية والإدارية على مؤسسات الدولة ومتابعة التضخمات المالية للقياديين وممثلي الأمة.المشهد السياسي القادم إلى أين؟احتمالات حل مجلس الأمة لم تعد تكهنات بعد أن رمت نتائج انتخابات رئاسة المجلس بظلالها على علاقة النواب فيما بينهم من طرف وعلاقة كتلة المعارضة مع الحكومة من طرف آخر، فحالة الشك بعد انفراط سبحة انتخاب الرئيس ونائب الرئيس تزداد يوما بعد يوم، وقد يكون تصريح "مولانا" الدكتور عبدالرزاق الشايجي الأخير حول تصويت ثلاثة وزراء وخمسة وعشرين نائباً للسيد بدر الحميدي زاد الطين بلة.هذه الحالة لم تُبق أمام كتلة المعارضة سوى التصعيد نحو الحكومة ممثلة برئيسها لكشف حالات التسلل التي أحدثتها انتخابات الرئاسة على أمل حل مجلس الأمة بأسرع وقت قبل أن يتغير مزاج الشارع مرةً أخرى بهدف معاقبة من لم يلتزم منهم.قد تكون الاستقالة فرصة للحكومة نحو استمالة المزيد من النواب إلى كفتها، لكن هذه الاستمالة مشروطة بتقديم برنامج عمل حكومي يحاكي ويرتقي لتطلعات الشارع الكويتي، وأيضاً بتغيير بعض الحقائب الوزارية برجال على قدر كبير من الكفاءة.ودمتم سالمين.
مقالات
مازال البحث جارياً عن شماعة والحل يبحث عن الحل
19-01-2021