العراق: إطالة عمر حكومة الكاظمي تثير قلق الفصائل
الحراك الاحتجاجي ينجح بفرض معايير صارمة على الانتخابات
بدأت القوى السياسية في العراق تخضع لسيناريو تأجيل الانتخابات التشريعية حتى الخريف المقبل، رغم أن ذلك سيطيل عمر حكومة مصطفى الكاظمي ذات الطابع الانتقالي، نحو خمسة أشهر إضافية، مما يثير قلق أطراف عديدة خصوصاً المقربة من طهران.وتناقش الأوساط السياسية في بغداد انزعاج الفصائل المسلحة ذات التمثيل السياسي في البرلمان، والتي تستعد لتحقيق مكاسب في عهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن تعويضاً عن قسوة مكلفة شهدها عهد دونالد ترامب، لكن مسار السياسة في العراق بات يقيد نفوذها خصوصاً في ملف الانتخابات.وبينما طلبت مفوضية الانتخابات وقتاً أطول لتوفير انتخابات عادلة في أكتوبر المقبل، الذي يصادف ذكرى انطلاق أوسع احتجاجات شعبية عام 2019 ، قال رئيس الحكومة، إنه متمسك بالانتخابات المبكرة، لكنه لن يدعم اقتراعاً كيفما اتفق، بل لا بد من الإنصات لمطالب الشعب بانتخابات عادلة بضمانة عدم التلاعب، ورقابة دولية حقيقية، على حد تعبيره.
ونجحت حركة «تشرين» الاحتجاجية في إيصال صوتها بشأن اشتراط بصمات العين والأصابع في بطاقات التصويت، وهو ما كانت تعارضه الأحزاب الحليفة لإيران، لأن التنظيم الجديد سيمنعها من التلاعب الذي كان متاحاً مع نظام بدائي طبق عام 2018. ونقلت الحكومة مطابع خاصة للبطاقات الجديدة من إسبانيا إلى مكان شديد التحصين في بغداد تحت إشراف المخابرات والقضاء، كما استعانت بلندن وبرلين وباريس لتوفير استشارات فنية تحاصر الثغرات وتقلص فرص التزوير. ويُعتقد على نطاق واسع أن الفصائل المسلحة حصلت على كتلة نيابية كبيرة بفضل تزوير كبير استغل ثغرات حساسة، كما يمكن أن تتغير خريطة القوى في البرلمان المقبل لغير مصلحة حلفاء إيران إذا ضمنت انتخابات بشروط فنية صارمة ورقابة دولية.ونجح نشطاء حركة «تشرين» في إقناع أطراف دولية بتصميم قرار وشيك من مجلس الأمن يفرض رقابة فوق العادة على الاقتراع المقبل.لكن من المحتمل أن يطعن حلفاء إيران وأطراف أخرى بشكل حاد في أي نتائج تسلبهم نفوذهم الحالي في البرلمان، مما يعني أن على مجلس الأمن توفير حماية قانونية لشرعية الانتخابات.وواصلت الفصائل المسلحة وصف حركة الاحتجاج بأنها تتحالف مع حكومة الكاظمي لتنفيذ أجندة الغرب ضد ما يعرف بمحور المقاومة الذي ترعاه إيران، ويحذر كثيرون من احتمال نشوب اقتتال داخلي بسبب الانتخابات التي من شأنها إحداث تغيير واضح في خريطة تهيمن عليها الأحزاب الدينية منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003.لكن مرجعية النجف الدينية وهي طرف روحي مؤثر في البلاد وتحظى باحترام دولي، انحازت إلى المحتجين، وحذرت الأحزاب العراقية من ندم طويل إذا حصل تلاعب في الاقتراع المقبل وضيع على الجمهور فرصة التغيير السياسي.