في هجوم هو الأعنف منذ عام 2018، فجر إرهابيان انتحاريان يرتديان حزامين ناسفين نفسيهما في ساحة الطيران بمنطقة الباب الشرقي القديم، وسط بغداد، بين جموع الفقراء الذين يحتشدون يومياً قرب نصب الحرية في العاصمة بحثاً عن العمل.ووقع الانفجار الأول في سوق لبيع الملابس المستعملة والأجهزة الكهربائية والمنزلية، تبعه انفجار آخر وسط تجمع للمواطنين كانوا يهرعون إلى المكان، مما أدى إلى مقتل 32 عراقياً، وجرح 111.
وعقد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اجتماعاً عقب الهجوم الإرهابي، وأقال اللواء باسل العامري مدير استخبارات قيادة عمليات بغداد. وجاءت التفجيرات بعد يوم واحد من إعلان حكومة الكاظمي تأجيل الانتخابات التشريعية المبكرة التي كانت مقررة في يونيو المقبل إلى أكتوبر، وسط تجاذب بين «الحراك الاحتجاجي» من جهة والفصائل الموالية لطهران من جهة أخرى.ومع بروز علامات استفهام عن كيفية تمكّن الانتحاريين من تجاوز أربع نقاط أمنية قبل الوصول إلى مكان الحادث، غصّت التعليقات السياسية على مواقع التواصل بلغة تحذير من عودة الهجمات الانتحارية بعد نحو ثلاثة أعوام على انقطاعها عن المدن الكبرى وتركزها بالمناطق النائية.وانصبت معظم التعليقات على الاستحقاق الانتخابي المراد إجراؤه في اقتراع الخريف المقبل تحت إشراف دولي يمنع التلاعب وتدابير في آليات المشاركة تتضمن بصمات العيون والأصابع للحد من التزوير، وهو أمر من شأنه تغيير خريطة القوى السياسية في البرلمان المقبل.وتقول مصادر سياسية رفيعة في بغداد، إن الفصائل المتحالفة مع طهران لن تقبل بهزيمة على يد التيار العراقي المؤيد للحراك الشعبي، الذي يحظى باحترام محلي ودولي، ويتلقى دعماً من مرجعية النجف الدينية العليا.وألقت طبيعة التفجير الذي كان بأسلوب انتحاري لا بسيارة مفخخة، بالضوء على جانب آخر وهو توريط المجتمع السني باتهامات جديدة، إذ تحاول الفصائل إجبار القوى السنية على دعم مواقف إيران، ومنع اقترابها من التيار الوطني وحراك «تشرين». وبدأت منصات إعلامية تابعة لما يعرف بمحور المقاومة توجيه الاتهام إلى المدن السنية التي يتحدر منها معظم عناصر تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، في الهجوم، وهو ما اعتبرته شخصيات سنية ضغوطاً جديدة لتقييد مناطق غرب العراق سياسياً في الاصطفافات المتوقعة خلال ماراثون الانتخابات المقبل.وقالت مصادر مقربة من النجف «العاصمة الدينية»، إنها تتوقع منذ شهور هجمات منسقة قد تستهدف مراقد دينية وتحاول إشعال فتنة طائفية لمنع الانتقال السياسي والإصلاحات، التي بدأت منذ اندلاع الاحتجاجات.كما يأتي الاعتداء، الذي يحمل بصمات «داعش»، بعد يوم من تولي إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن السلطة خلفاً للرئيس السابق دونالد ترامب الذي قلّص الوجود العسكري الأميركي بالعراق إلى نحو 2500 فرد، وتزامن مع مقتل جنديين في صحراء الأنبار بانفجار عبوة ناسفة.في غضون ذلك، صدرت إدانات واسعة من عدة عواصم إقليمية ودولية، إذ أعربت وزارة الخارجية عن إدانة واستنكار دولة الكويت بأشد العبارات لـ «الهجوم الإرهابي الإجرامي الآثم الذي استهدف المواطنين الأبرياء وأمن واستقرار العراق الشقيق، ويشكل انتهاكاً للشريعة الإسلامية السمحة ولكل القيم والأعراف».وأكدت «الخارجية» تضامن الكويت مع العراق الشقيق، وتأييدها لجهوده في الحفاظ على أمنه واستقراره، معربة عن خالص التعازي وصادق المواساة إلى أسر الضحايا وتمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل.
أخبار الأولى
انتحاريان يقتلان العشرات في «ساحة الطيران» ببغداد
22-01-2021