سجل الدولار أداءً ضعيفاً على نطاق واسع مقابل معظم العملات الرئيسية خلال الأسبوع الماضي، وذلك بالتزامن مع دعوة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن إلى المزيد من التحفيز المالي. وتقترح إدارة بايدن حزمة تحفيز جديدة لمواجهة أزمة كورونا بقيمة تصل إلى 1.9 تريليون دولار، تشمل تقديم مساعدات للولايات المختلفة وإرسال شيكات مباشرة للمواطنين، وتمديد مزايا البطالة وتوفير المزيد من التمويل لمواجهة الجائحة. كما يشار أيضاً إلى أن الإدارة الجديدة تعد خطة تحفيز اقتصادي ثانية بمليارات الدولارات من شأنها زيادة الإنفاق على البنية التحتية والطاقة الخضراء والرعاية الصحية والتعليم، وسيتم تمويلها جزئياً على الأقل عن طريق زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات.ومن جهة أخرى، وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، أعلنت وزيرة الخزانة الأميركية في الإدارة الجديدة، الرئيسة السابقة للمجلس الاحتياطي الفدرالي، جانيت يلين، تأييدها لإقرار المزيد من الإنفاق التحفيزي في جلسة استماع للمصادقة على تعيينها أمام «الكونغرس». وقالت يلين إنه ينبغي الاستفادة من المستويات التاريخية المنخفضة لأسعار الفائدة لتوفير المزيد من التحفيز المالي بدلاً من القلق بشأن تزايد أعباء الديون.
وأضافت: «أن أعباء الفائدة على الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليست أعلى الآن مما كانت عليه قبل الأزمة المالية في عام 2008، على الرغم من حقيقة أن ديوننا قد تصاعدت». لذلك، حثت اللجنة المالية في مجلس الشيوخ على «اتخاذ خطوات كبيرة» الآن والتركيز بدلاً من ذلك على الفائدة التي يتم تسديدها والعوائد التي ستحققها من خلال دعم الاقتصاد.وأدى هذا التوجه الجديد للسياسات المالية من قبل إدارة بايدن الجديدة إلى صعود الأسهم الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة، إلا أنها قامت في الوقت نفسه بإعادة الاتجاه الهبوطي للدولار المنخفض بالأساس بصورة جوهرية. ويساهم التحفيز المالي الهائل لأكبر اقتصاد على مستوى العالم مقروناً في الوقت ذاته بأسعار فائدة منخفضة في تحفيز المستثمرين على ضخ المزيد من الأموال في العملات ذات العوائد المرتفعة في ظل معنويات التفاؤل تجاه التعافي الاقتصادي السريع بقيادة الولايات المتحدة.
الجنيه الإسترليني يتلقى دعماً
واصل الجنيه البريطاني خلال الأسبوع الماضي رحلة ارتفاعه إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات في ظل اقبال الأسواق على المخاطر، مع ترقّب إقرار حزمة التحفيز الأميركية. كما تلقى الجنيه الإسترليني دعما نظراً لتطرق مسؤولي بنك إنكلترا إلى إمكانية أن يشهد الاقتصاد «انتعاشاً واضحاً» مع طرح اللقاحات.وتقوم بريطانيا الآن بتسريع وتيرة برنامج اللقاحات، مقارنة بأي مكان آخر في العالم تقريباً وتأمل الحكومة في الوصول إلى مرحلة تخفيف القيود بشكل كبير بحلول عيد الفصح.وصرح كبير الاقتصاديين في بنك إنكلترا آندي هالدين، الثلاثاء الماضي، بأنه يتوقع أن يبدأ الاقتصاد البريطاني بالتعافي في الربع الثاني من العام الحالي. وخلال حدث على الإنترنت نظمه بنك إنكلترا في اليوم التالي، ردد محافظه أندرو بيلي تعليقات هالدين قائلاً: «أعتقد حقاً أننا سنشهد تعافياً واضحاً في الاقتصاد مع بدء برنامج التطعيم، كما يحدث الآن».وخلال الحدث نفسه، تلقى الجنيه دفعة أخرى، حيث استبعد بيلي مرة أخرى توقعات تطبيق البنك المركزي لأسعار الفائدة السلبية. وقال بيلي: «لم نتخذ أي قرار بهذا الشأن، وفي واقع الأمر لم نناقش ما إذا كنا سنطبق أسعار الفائدة السلبية أم لا». وأضاف: «الأدلة الدولية حتى الآن تشير إلى أن أسعار الفائدة السلبية لم تكن فعالة إلا في ظروف محددة».ومن المقرر أن ينشر بنك إنكلترا توقعات النمو الجديدة في 4 فبراير، إضافة إلى تقرير حول جدوى خفض أسعار الفائدة إلى ما دون الصفر لتعزيز النمو، كما حدث بالفعل في منطقة اليورو واليابان.البنك المركزي الأوروبي
أبقى البنك المركزي الأوروبي على سياساته دون تغيير في اجتماع السياسة النقدية الذي عقد الأسبوع الماضي، كما توقعت الأسواق بصفة عامة. وأكد البنك مواصلة برنامج شراء الأصول الطارئ البالغ قيمته 1.85 تريليون يورو والإبقاء على أدوات السياسة المالية الأخرى دون تغيير.وحذر «المركزي الأوروبي» من أن تزايد حالات الإصابة بالفيروس أخيراً يشكل تهديداً لتعافي اقتصاد منطقة اليورو، وأكد مجدداً تعهده بالحفاظ على تكاليف الاقتراض عند أدنى المستويات القياسية لتعزيز الاقتصاد في مواجهة الجائحة. من جهة أخرى، صرحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، في مؤتمر صحافي بأنه «من المحتمل أن تؤدي عودة تفشي الجائحة وما يرتبط بذلك من تكثيف إجراءات الاحتواء إلى تراجع النشاط الاقتصادي في الربع الأخير من عام 2020، ومن المتوقع أيضا أن يؤثر ذلك على نشاط الربع الأول من العام الحالي».إلا أنها كانت متفائلة أيضاً بشأن بدء برامج التلقيح وإبرام الاتفاق التجاري بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وانتعاش القطاع الصناعي، إضافة إلى تراجع حالة عدم اليقين المتعلقة بالسياسة الأميركية. وبصفة عامة، يرى البنك المركزي الأوروبي أن المخاطر ما تزال قائمة، وإن كانت أقل حدة.بنك اليابان
لم يغيّر بنك اليابان على سياساته النقدية بما يتماشى مع توقعات السوق، إلا أنه قام بتحديث توقعاته الاقتصادية. إذ قام بتعديل النطاق المتوقع لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسنة المالية الحالية وخفضه هامشياً إلى -5.6 بالمئة مقابل -5.5 بالمئة في أكتوبر، بينما تم رفع توقعاته بالنسبة للسنة المالية القادمة إلى 3.9 بالمئة مقابل 3.6 بالمئة.وقام أيضاً بتعديل توقعات التضخم الأساسي ورفعها هامشياً للسنة المالية الحالية إلى -0.5 بالمئة مقابل -0.6 بالمئة في أكتوبر، وللسنة المالية القادمة إلى 0.5 بالمئة مقابل 0.4 بالمئة.وتدعم أحدث التوقعات الصادرة عن بنك اليابان بخصوص النمو والتضخم بأنه من غير المرجح أن يقوم البنك بإدخال المزيد من التدابير التيسيرية على سياسته النقدية بشكل كبير، بعد المراجعة التي أجراها في مارس الماضي.ويشير تحسّن التوقعات إلى أن أي تعديلات من جانب بنك اليابان قد تركز على الأرجح على تحسين جودة تدابير التيسير النقدي وليس الكمية.الاقتصاد الصيني
تسارعت وتيرة نمو الاقتصاد الصيني وأنهى عام 2020 بأداء قوي، إلا أنه ما زالت هناك بعض التحديات على جانب الاستهلاك المحلي، نظراً لما تواجهه البلاد الآن من عودة تداعيات الجائحة مرة أخرى. ونما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3 بالمئة في عام 2020 و6.5 بالمئة على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2020، لتصبح الصين بذلك هي الاقتصاد الرئيسي الوحيد على مستوى العالم الذي نجح في تجنّب الانكماش العام الماضي، حيث كافحت العديد من الدول لاحتواء الجائحة.ومن المتوقع أن تواصل الصين قوتها متفوقة على نظيراتها هذا العام، إذ من المقرر أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي بأسرع وتيرة يسجلها في عقد من الزمان بنمو يصل إلى 8.4 بالمئة، وفقاً لاستطلاع أجرته وكالة رويترز.وكانت القوة الاقتصادية العظمي قد تلقت دعماً قوياً بفضل مرونة قطاع التصدير ونمو الصادرات الصينية بمعدلات أكثر من المتوقع في ديسمبر، حيث أدت الاضطرابات الناجمة عن فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم إلى زيادة الطلب على السلع الصينية، حتى مع ارتفاع اليوان الذي جعل الصادرات أكثر تكلفة للمشترين في الخارج. وواصل القطاع الصناعي أيضاً توسعه، حيث ارتفع الناتج الصناعي بمعدل أسرع من المتوقع بنسبة 7.3 بالمئة الشهر الماضي، مقارنة بأداء العام الماضي، مسجلاً أعلى مستوياته منذ مارس 2019.إلا أنه على الصعيد المحلي، تباطأ زخم نمو مبيعات التجزئة مقارنة بشهر نوفمبر، مما يدل على أن طلب الأسر الصينية استمر في مواجهة الضغوط ولم تتسارع وتيرة الانتعاش. ويعزى ضعف معدلات النمو في ديسمبر جزئياً إلى تعديل السلوك الاستهلاكي، بعد ارتفاعه بشدة في نوفمبر، مما أدى إلى تمديد مهرجانات التسوق. وفي الوقت ذاته، أدى ظهور حالات الاصابة المحلية في ديسمبر إلى تراجع الطلب الاستهلاكي. وبالنسبة لعام 2020، تقلصت مبيعات التجزئة بنسبة 3.9 بالمئة.وبصفة عامة، كانت البيانات الاقتصادية متباينة، إلا أنها كانت واعدة بما يكفي لتقليل الحاجة إلى تطبيق البنك المركزي لمزيد من تدابير التيسير النقدي، والذي تعهد في وقت سابق بتقليص بعض سياسات التحفيز في عام 2021.