يا نايم وحّد الدايم
لو يتقدم نائب أو نواب من القلقين على الحالة المالية للدولة بسؤال مستحق لرئيس الحكومة الجديدة بعد تشكيلها، هو: ما خيارات السلطة أمام كارثة الاقتصاد اليوم؟ وإذا كان لديها تصوّر كقروض دولية أو تسييل "البقية" من أصول الاحتياطي العام والأجيال لهذا الوقت الحاضر، فماذا بعد ذلك؟ ماذا تتصور السلطة لحل مشكلة تضخم بند الرواتب وتناقص الموارد النفطية لما بعد زمن "كورونا"؟! وإذا افترضنا أن جواب حكومة أبد الآبدين، كعادتها، يتلخص في حدوتة الفتاة التي كانت تحمل سلّة بيض وتسير وتحلم بأن بيضها سيفقس عن صيصان... إلى آخر الحكاية من حكايات ألف نيلة ونيلة في الإدارة السياسية، بمعنى أنها ستبيع لنا المزيد من الكلام الإنشائي عن تنويع مصادر الدخل، فالسؤال الذي يجب أن يستدرك هو: "متى" تشرعين بالعمل على أرض الواقع لهذه الإصلاحات؟ نريد أن نراها أمام عيوننا، نريد أن نلمسها بأيدينا، وسنسأل: كيف سيكون حالنا معها وبعدها؟نعلم أن هناك كثيراً من الألم والمعاناة التي ستصيب المواطنين والمقيمين، وندري أن نكتة "لن يمس بجيب المواطن" هي خرافة وكلام فارغ يصلح أن يتحدث بها نواب في عملهم السياسي، لكن هذا لا يستقيم من سلطة أحادية تستأثر بالحكم وبيدها الخيط والمخيط.
هل تنوي السلطة فرض ضرائب مباشرة وتصاعدية على الدخول الكبيرة؟ هل ستعيد النظر في أجرة أراضي الدولة، وتحديد الدعم بأهل الدخول المحدودة؟ هل تخيلت إلغاء امتيازات الكثير من الكوادر ذات التكلفة العالية، والتي كانت رشا لأصحابها، وتحديد الدخل وبند المكافآت بما لا يزيد على ثلاثة آلاف دينار شهرياً بداية من الوزير حتى رئيس القسم؟هل تفكر بحلّ المجلس إذا اعترض النواب، وهذا أمر مؤكد، وهل سيكون حلاً دستورياً؟ وإذا عاد المجلس الجديد بنواب أشد معارضة من الحالي، هل ستحله مرة ثانية وثالثة، وتصدر مراسيم الضرورة.. أم سيكون الحل غير دستوري بتعليق بعض مواد الدستور؟قبل أن نجد أي جواب من سلطة "أبخص"... لنسأل ما إذا فكّر شيوخنا بتقديم قرابين التضحية من أقرب المقربين لهم، كأن يقدّموا رؤوس الفساد وأذنابهم دون استثناء إلى محاكمات جنائية حالاً، بدلاً من الرهان على نسيان الناس لجرائمهم، وهل سيبدأون بتنظيف السلّم من الأعلى؟! متى تفعل شيئاً يطمئننا؟... الدولة تغرق اليوم في مستنقع الإعسار والتسويف... وهذه السلطة تخاف من التحدي، وتغلق عينيها عن الحقيقة من عقود طويلة، وفي هذا خرابها. إلى متى تدفنين رأسك في الرمال؟... ويا نايم وحّد الدايم.