اشتباك صيني - هندي في الهيمالايا عشية «يوم الجمهورية»
هل حوّلت بكين قمم الجبال مسرحاً جديداً لاختبار سياسات إدارة بايدن؟
للمرة الثانية خلال أقل من عام، وبعد جولة أولى من «الملاكمة المميتة» بين الطرفين، عاد التوتر الحدودي بين الصين والهند في قمم هيمالايا، حيث وقع اشتباك جديد قبل أيام بين قوات البلدين، مخلفاً جرحى من الجانبين.
في ثاني حادث من نوعه في أقل من عام، وأسفر عن سقوط جرحى من الجانبين، تواجهت القوات الهندية والصينية الأسبوع الماضي عند حدود البلدين المتنازع عليها في جبال هيمالايا، عشية العيد الوطني الهندي، وبالتزامن مع انطلاق الجولة التاسعة من المفاوضات بين نيودلهي وبكين، التي دعت الأولى إلى الامتناع عن أي أعمال تؤدي إلى تصعيد الوضع.ووقع الاشتباك قبل أيام عند ممر ناكو لا باس الجبلي في ولاية سيكيم (شمال شرق)، الذي يصل سيكيم بمنطقة التيبت الهندية، كما أوضحت مصادر عسكرية. غير أن الجيش الهندي خفف من شأن الاشتباك فوصفه بأنه «مواجهة محدودة». وأوضح الجيش، في بيان مقتضب، أن «جنود البلدين اشتبكوا منذ 3 أيام على طول خط السيطرة الفعلي قرب منطقة ناكو لا باس، عندما حاولت دورية صينية العبور إلى الأراضي الهندية، لكن قواتنا تمكنت من صدها»، مضيفا: «تلقينا استفسارات عدة بشأن مواجهة بين الجيشين في قطاع سيكيم. نوضح أن مواجهة محدودة وقعت في منطقة ناكو لا باس في منطقة نورث سيكيم في 20 الجاري، وقام القادة المحليون بتسوية الوضع وفقا للبروتوكلات المتبعة».
وذكرت مصادر حكومية أن أربعة جنود من القوات الهندية أصيبوا بجروح، مشيرة إلى سقوط عدد من الضحايا في صفوف جيش التحرير الشعبي الصيني. ووردت تفاصيل الاشتباك، والتي وصفتها تقارير بأنها «جولة ثانية من الملاكمة»، عشية «يوم الجمهورية» الـ72، العيد الوطني الذي يُحتفل به في نيودلهي بإقامة عرض عسكري يتضمن أحدث التجهيزات العسكرية.
بكين
وفي بكين، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، أمس، «أود تأكيد أن قوات الحدود الصينية ملتزمة بالحفاظ على السلام والهدوء على الحدود مع الهند».وأضاف ليجيان: «ندعو الجانب الهندي إلى الامتناع عن الأعمال التي قد تؤدي إلى تصعيد أو تعقيد الوضع على الحدود»، معربا عن أمله أن يتخذ الجانبان الخطوات اللازمة لحل الخلافات وضمان السلام والاستقرار على الحدود.مسرح جديد
وقال أستاذ العلاقات الدولية في معهد كينغز كولدج بلندن هارش بانت إن «هيمالايا ليست بنظر بكين سوى مسرح آخر ضمن مشهد أوسع نطاقا، وما يريده الصينيون من خلال التحرك بهذه الطريقة مع الهند والتدابير حيال تايوان، أن يروا كيف سترد إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن على هذه الجبهات المتعددة».وشهدت حدود سيكيم في مايو اشتباكات جسدية ورشقا بالحجارة بين عسكريين من البلدين، أججت التوتر الحدودي بين البلدين الأكبر في العالم من حيث التعداد السكاني.وفي يونيو، قتل ما لا يقل عن 20 جنديا هنديا وعدد غير معروف من عناصر القوات الصينية في اشتباك مسلح بمنطقة لاداخ على الحدود في الهيمالايا، استخدم خلالها الجنود العصي والهراوات وقضبان الخيزران المزودة بالمسامير في الاشتباكات، وكثيرا ما تقع مواجهات بين الدولتين بشأن حدودهما البالغة 3500 كيلومتر، والتي لم يتم ترسيمها بشكل صحيح.وبموجب قاعدة متبعة منذ وقت طويل لتفادي نشوب مواجهة عسكرية فعلية، لا يستخدم أي من الجيشين أسلحة نارية على طول الحدود التي لم تشهد رسميا أي طلقة نارية منذ 1975، وبعد الاشتباك الجسدي في 15 يونيو، التقى قادة كبار من الجيشين واتفقوا على العمل من أجل خفض التوتر. غير أن البلدين أرسلا إلى المنطقة تعزيزات من عشرات آلاف الجنود وأسلحة ثقيلة، وآخر نزاع مفتوح بين البلدين كان حربا خاطفة وقعت عام 1962، وانتهت بهزيمة سريعة للجيش الهندي.واقر وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكر الشهر الماضي بأن العلاقات مع الصين «تضررت كثيرا» جراء حوادث العام الماضي.حظر تطبيقات
وبعد قليل على اشتباكات يونيو، حظرت الهند نحو 50 تطبيقا صينيا للهواتف النقالة، بينها تطبيق «تيك توك» الواسع الشعبية، في سوقها الضخم، وفي يوليو وسبتمبر، حظرت 165 تطبيقا إضافيا، وفي نوفمبر، اصدرت قرارا جديدا بحظر 43 تطبيقا صينيا إضافيا، بينها «علي بابا»، عملاق التجارة الإلكترونية الصيني، معتبرة أنها تهدد «سيادتها وسلامة أراضيها».وفي وقت جرت آخر محادثات لخفض التصعيد بين القيادتين العسكريتين أمس الأول، يشير الحادث إلى التوتر المتزايد في العلاقات بين البلدين. وكان قادة عسكريون من الهند والصين بدأوا أمس الأول جولة تاسعة من مباحثات لنزع التوترات على طول خط السيطرة الفعلية في شرق منطقة لاداخ والتوصل الى حل لإنهاء الخلاف.وكان الجيش الهندي أصر بقوة في الجولة الأخيرة من المباحثات على سرعة فض الصين اشتباك قواتها بالنسبة لجميع نقاط الاحتكاك في شرق لاداخ. وتتواجد قوات كبيرة من كل من الجانبين على طول خط السيطرة في المناطق الجبلية التي يبلغ ارتفاع قممها نحو 5500 متر.بكين تنتقد مناورات «روزفلت»
بعد دخول مجموعة حاملة طائرات أميركية إلى الممر المائي المتنازع عليه واجراء تدريبات فيه، أعلنت وزارة الخارجية الصينية، أمس، أن الولايات المتحدة كثيرا ما ترسل سفنا وطائرات إلى بحر الصين الجنوبي، وهذا الأمر «عرض قوة ولا يخدم السلام».ويعد بحر الصين الجنوبي، الذي تمر عبره تجارة بتريليونات الدولارات كل عام، نقطة خلاف منذ فترة طويلة بين واشنطن وبكين وتغضب الصين تحديدا من الأنشطة العسكرية الأميركية هناك.وأعلن الجيش الأميركي أن حاملة الطائرات «تيودور روزفلت»، التي دخلت بحر الصين الجنوبي، السبت، لتعزيز «حرية البحار»، قامت مع أسطولها بتدريبات، وذلك بعد أيام قليلة من تولي جو بايدن الرئاسة.وقال قائد مجموعة التدخل البحرية التاسعة العميد البحري دوغ فيريسيمو: «أمر عظيم أن نعود إلى بحر الصين الجنوبي للقيام بعمليات روتينية لتشجيع حرية البحار وطمأنة حلفائنا وشركائنا».ووصف الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليغيان التدريبات العسكرية الأميركية بأنها «عرض قوة لا يشجع السلام والاستقرار في المنطقة».ودخلت مجموعة حاملة الطائرات الممر المائي في وقت أوردت فيه تايوان أنباء عن توغل طائرات مقاتلة صينية في القطاع الجنوبي الغربي من منطقة الدفاع الجوي للجزيرة، مما أثار قلق واشنطن.وأكد تشاو مجددا موقف بلاده القائل بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، وأنه يتعين على الولايات المتحدة الالتزام بمفهوم «الصين الواحدة».من ناحيتها، زارت رئيسة تايوان تساي إينغ وين، قاعدة رادار في شمال الجزيرة أمس، وأثنت على قدرات رصد وتعقب القوات الصينية.وقالت للضباط: «منذ العام الماضي وحتى الآن، رصدت محطة راداراتنا نحو ألفي طائرة وأكثر من 400 سفينة شيوعية، ما مكننا سريعا من تتبعها وإبعادها، وحراسة بحارنا وأجوائنا بالكامل».