يعد "متحف الفن الإسلامي" بالقاهرة أكبر متحف إسلامي فني في العالم، حيث يضم بين جنباته مجموعات متنوعة من الفنون الإسلامية من الهند والصين وإيران، مروراً بفنون الجزيرة العربية، والشام، ومصر، وشمال إفريقيا، والأندلس.وجرى افتتاح المتحف للمرة الأولى يوم 28 ديسمبر 1903 في ميدان "باب الخلق" وسط القاهرة، وبجوار أهم نماذج العمارة الإسلامية في عصورها المختلفة الدالة على ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية من ازدهار، مثل جامع ابن طولون، ومسجد محمد علي، وقلعة صلاح الدين الأيوبي.
وسُمي المتحف بهذا الاسم منذ عام 1952، نظراً لاحتوائه على تحف وقطع فنية صُنعت في عددٍ من البلدان الإسلامية، مثل إيران وتركيا والأندلس والجزيرة العربية... إلخ، إذ كان قبل ذلك يحمل اسم "دار الآثار العربية".بداية الفكرةوبدأت فكرة إنشائه عام 1869 في عهد الخديوي إسماعيل، ونُفِذت فعلياً في عهد الخديوي توفيق عام 1880، عندما قام فرانتز باشا بجمع التحف الأثرية التي يعود تاريخها إلى العصر الإسلامي في الإيوان الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله، حيث وصل أعداد هذه القطع إلى 111 تحفة عام 1882، ما تطلب تشييد مبنى يضم هذه القطع والتحف الأثرية، لذا جرى بناء مبنى صغير في صحن الجامع عام 1892 أطلق عليه "المتحف العربي" تحت إدارة فرانتيز باشا، أما المبنى الحالي فقد افتُتِح في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1903، وجرى تغيير اسم المتحف من "المتحف العربي" إلى "متحف الفن الإسلامي" عام 1951، حيث كانت كل معروضاته ومقتنياته موزعة وقتذاك بين 23 قاعة.
تفجير إرهابي
وخلال الفترة ما بين عامي 1983 و1984، جرى توسيع مساحة المتحف وزيادة عدد قاعاته حتى صارت 25 قاعة، كما مر المتحف بعدد من مراحل التطوير، منها ما حدث عام 2003 من تغيير نظام العرض المتحفي، ثم افتتاحه عام 2010، لكنه تعرض خلال 2014 لدمار كبير نتيجة تفجير إرهابي استهدف مديرية أمن القاهرة التي تقع في الجهة المقابلة للمتحف، الذي خضع بعد ذلك لإعادة تأهيل وترميم بحلول عام 2015، إلى أن أعيد افتتاحه عام 2017.مقتنيات نادرة
ويتكوّن المتحف من طابقين، الأول يشتمل على سبع قاعات للعرض، والثاني يحتوي على مخازن وقسم لترميم الآثار، ويضم المتحف نحو 100 ألف قطعة أثرية تنتمي إلى كل دول العالم بينها مجموعة نادرة من المنسوجات والأختام والزجاج والخزف العثماني والسجاد الإيراني والتركي، بجانب مجموعة من أدوات الفلك والهندسة التي كانت تستخدم في العصور الوسطى، ومجموعة هائلة من آلات الجراجة والحجامة التي كانت تستخدم في عهد العصور الإسلامية التي تميزت بالأزدهار في كل مجالات الطب والهندسة والكيمياء، بالإضافة إلى ضمه العديد من وسائل قياس المسافات كالذراع والقصبة، وأخرى لقياس الوقت كالساعات الرملية.ويقسم المتحف الإسلامي طبقاً للعصور والطرز والعناصر الفنية، من الأموي والعباسي والأيوبي والمملوكي والعثماني، إلى 10 أقسام طبقاً للعناصر الفنية بداية من العصر الإسلامي المبكر، مروراً بمحمد علي باشا كقسم المعادن والنسيج والأخشاب والسجاد والزخرف والزجاج والحلي والأحجار والرخام والسلاح، كما ينقسم العرض داخل المتحف إلى قسمين طبقاً للمخطوطات الجديدة، بحيث يمثل الأول الفن الإسلامي في مصر ويأخذ الجناح الشمالي، بينما يخصص الجزء الثاني للتحف التي تمثل تاريخ الفن الإسلامي بإسبانيا والأناضول والأندلس، كما يضم المتحف مكتبة ضخمة في الطابق العلوي تضم العديد من المخطوطات والوثائق مدوّنة باللغات التركية والفارسية والإنكليزية والألمانية والإيطالية، وعدد من كتب التاريخ والآثار الإسلامية بما يعادل 13 ألف كتاب.ويعتبر المحراب الخشبي المتنقل من مشهد السيدة رقية الذي أمرت زوجة الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله بإنشائه بين عامي 549 و555هـ من أندر المقتنيات الخشبية الموجودة في المتحف، وقد أُعِيد ترميم المحراب بعد تعرضه للتلف نتيجة التفجير الإرهابي عام 2014، في حين تعد الأفاريز الخشبية من جامع عمرو بن العاص بالقاهرة من أندر القطع الخشبية في العصر الأموي التي ترجع إلى عام 212هـ، وكذلك تعد التحف الفنية من طراز سامراء التي ترجع إلى العصر العباسي، خصوصا العصر الطولوني من أندر التحف الخشبية أيضاً. بينما يعتبر إبريق مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، المصنوع من البرونز ويبلغ طوله 14 سنتيمتراً، من أندر التحف المعدنية.ومن أندر المخطوطات المحفوظة في المتحف، كتاب "فوائد الأعشاب" للغافقي، ومصحف نادر من العصر المملوكي، وآخر من العصر الأموي مكتوب على رق الغزال، كما يعد مفتاح الكعبة المشرفة المطلي بالذهب والفضة باسم السلطان الأشرف شعبان، ودينار من الذهب المؤرخ بعام 77هـ، ومكاحل وأختام وأوزان من العصر الأموي والعباسي، ونياشين وأنواط وقلائد من العصر العثماني ومحمد علي، من أندر التحف المعدنية.