ذكرت نائبة الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني شيخة البحر أن البنك حقق في عام 2020 أرباحا جيدة بلغت 246.3 مليون دينار، على الرغم من البيئة التشغيلية غير المسبوقة التي واجهها، والتداعيات الكبيرة التي خلفتها جائحة كورونا على الاقتصاد، ومصاحبة ذلك لتراجع كبير في أسعار النفط.

وقالت البحر، في مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية، إن أرباح العام الماضي تأثرت بعدد من العوامل، أهمها بيئة أسعار فائدة منخفضة في الأساس قبل الجائحة، ثم حدوث تخفيض إضافي لها بعد الجائحة، ليؤدي ذلك إلى الضغط على صافي هوامش الفائدة، مضيفة أن عمليات الإغلاق وحالة عدم اليقين، التي صاحبت الجائحة، أثرت بشكل كبير على بعض قطاعات عمليات البنك، وبالتالي تأثرت الإيرادات من تلك القطاعات.

Ad

وأوضحت أن أرباح عام 2020 تأثرت أيضا بالارتفاع الكبير في المخصصات، والتي جاء جانب كبير منها بشكل احترازي، وذلك تحوطا لكل السيناريوهات المستقبلية المحتملة، مشددة على أنه رغم ارتفاع مخصصات خسائر الائتمان فإن المركز المالي للمجموعة لا يزال قويا، ويتمتع بمستويات جودة ائتمانية عالية ومستويات رسملة قوية، إضافة إلى القدرة على تحقيق أرباح تشغيلية تساهم في تعزيز استيعاب خسائر الائتمان المحتملة.

الإدارة الحصيفة

وأكدت البحر أنه "على الجانب الآخر فإن هناك عددا من العوامل ساهمت في التخفيف من حدة التبعات التي خلفتها الجائحة على عمليات البنك، وعلى رأسها الإدارة الحصيفة للمخاطر وصلابة مركزنا المالي، وتنوع أعمالنا وانتشارها، وما نمتلكه من ميزة تنافسية في تقديم الخدمات المصرفية التقليدية والإسلامية، حيث منح هذا المزيج والتنوع درجة كبيرة من المرونة لأرباحنا".

وأضافت أن استثمارات البنك الرقمية خلال السنوات الماضية وفرت خلال الأزمة بدائل فعالة، وقامت بتلبية احتياجات العملاء، مشيرة إلى أن امتلاك الوطني للمرونة التشغيلية للتأقلم مع التغيرات الحادة خلال الجائحة مكنه من مواصلة تقديم الدعم لعملائه، وفي نفس الوقت لم يغفل عن تحقيق العديد من أهدافه الاستراتيجية التي وضعها لعام 2020.

ميزانية عمومية أقوى

وقالت البحر: "رغم تحديات العام الماضي فإن ميزانيتنا العمومية أصبحت أقوى بنهاية 2020، مع بلوغ معايير جودة الأصول مستويات جيدة، حيث بلغت نسبة القروض المتعثرة من إجمالي المحفظة الائتمانية 1.72 في المئة، بينما بلغت نسبة تغطية القروض المتعثرة 220 في المئة، كما احتفظت المجموعة بمستويات رسملة مريحة مع بلوغ معدل كفاية رأس المال 18.4 في المئة، متجاوزا الحد الأدنى للمستويات المطلوبة، وإضافة إلى ذلك نمت محفظة القروض بنهاية 31 ديسمبر 2020 بنسبة 5.7 في المئة، وارتفعت ودائع العملاء بنحو 7.4 في المئة".

وشددت على أن الإدارة الحصيفة والمسؤولة للبنك على مدار سنوات عديدة مكنته من دعم عملائه وكذلك الاقتصاد الوطني ومواصلة الاستثمار في علامته المصرفية.

وحول حجم توزيعات الأرباح للمساهمين عن 2020، أكدت البحر أن مجلس الإدارة أوصى بتوزيع 20 فلسا للسهم، وهي تعادل قرابة 55.6 في المئة من صافي الأرباح، إضافة إلى 5 في المئة أسهم منحة، مشددة على أن "قوة أرباح البنك وقاعدة رأسماله المتينة ساهمت في الحفاظ على توزيع الأرباح لمساهمينا على الرغم من التداعيات الكبيرة التي خلفتها الجائحة"، وأوضحت أن المجموعة احتفظت بمستويات رسملة مريحة مع بلوغ معدل كفاية رأس المال 18.4 في المئة، متجاوزا الحد الأدنى للمستويات المطلوبة.

وأشارت إلى أنه وعلى الرغم من تخفيف بنك الكويت المركزي بعض القيود التنظيمية فإن المجموعة نجحت في الحفاظ على مستويات السيولة المطلوبة قبل تعديلات "المركزي" ومتطلبات اتفاقية بازل 3.

وبينت أن البنك دعم خلال العام الماضي قاعدة رأس المال بإصدار سندات مقومة بالدينار وأخرى بالدولار، بهدف تنويع قاعدة التمويل وتعزيز معدلات كفاية رأس المال، حيث منح الطلب القوي من المستثمرين البنك أفضلية كبيرة في تسعير السندات لتكون ضمن الأدنى عالميا وقت الإصدار من حيث العائدات في فئة الشريحة الثانية لرأس المال، كما شهدت إقبالا لافتا من قبل مستثمري أدوات الدخل الثابت والمؤسسات المالية حول العالم.

وشددت على أن "أولويات البنك المستقبلية ستواصل التركيز نحو الحفاظ على مركز قوي لرأس المال، وتوفير مصدات مالية بما يتسق مع التوجهات التي حرصنا على اتباعها على مر السنين".

وبشأن النظرة المستقبلية لعام 2021، أوضحت البحر أنه في الربعين الثالث والرابع من العام الماضي شهدنا بوادر للتعافي، بينما تشير التوقعات الى أن يتواصل التعافي في 2021، وأن تساهم عمليات توزيع اللقاحات في تسريع عملية التعافي.

وأردفت: "شهدنا انتعاشا في الإنفاق الاستهلاكي خلال الربعين الماضيين، ونأمل أن يتواصل هذا الانتعاش خاصة مع وجود طلب جراء توقف بعض القطاعات"، مبينة أن مواصلة مسار التعافي سيكون رهن تطور الجائحة خاصة مع عمليات الإغلاق المتكررة في بعض الدول، والتي يترتب عليها كبح التعافي السريع من الأزمة.

وشددت على أن "الوطني" استعد بشكل جيد لكل السيناريوهات المحتملة عام 2021، فبالإضافة إلى استشرافه فرصا كبيرة داخل السوق الكويتي سيواصل التركيز على قطاعات الأعمال المولدة للأتعاب والعمولات وزيادة الاستثمار في أسواقه الدولية، إضافة إلى التوسع في مصر بسوق التجزئة عن طريق الاستثمار في الخدمات المصرفية الرقمية، والتركيز على تعزيز اكتساب عملاء جدد وتسهيل إتمام معاملاتهم.

ولفتت الى أن البنك الوطني سيواصل دعم أنشطة شركة إدارة الثروات في السعودية، وربطها بمنصة البنك العالمية لإدارة الثروات، تزامنا مع السعي إلى زيادة المنتجات والخدمات المصرفية التجارية لبيع منتجات وخدمات المجموعة لعملاء البنك في المملكة.

وأوضحت أن البنك سيركز أيضا على تعزيز بصمته إقليميا في مجال إدارة الثروات والاستمرار في ترشيد التكاليف دون إحداث تأثير على خطط النمو والأعمال المستقبلية، بجانب العمل على توسيع ريادته الرقمية وزيادة الاستثمار في تطوير المنصات الرقمية واﻟﺗرﻛﯾز ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟرﻗﻣﯾﺔ ﻛﻣﺣرك رﺋﯾﺳﻲ ﻟﻠﻧﻣو اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻲ في كل الأسواق التي يعمل بها البنك.

وحول أداء الاقتصاد الكويتي خلال الجائحة، وآفاق النمو المستقبلية، أكدت البحر أن الاقتصاد الكويتي كان يعاني قبل الجائحة من تباطؤ في النمو، ثم جاءت الجائحة لتتعاظم معها المخاطر الناشئة عن ضغوط شح السيولة الحكومية في وقت يحتاج الاقتصاد إلى تحفيز يسرع من عملية التعافي.

وشددت على أنه رغم المشكلات التي يعانيها الاقتصاد الكويتي والآفاق المستقبلية التي لاتزال حافلة بالتحديات فإن هناك تفاؤلا حذرا بتحسن ظروف الاقتصاد الكلي، ولكن سيكون ذلك رهن اتخاذ خطوات فعالة على عدد من المسارات لتأمين نمو مستدام، من بينها تنويع الاقتصاد وتحفيز القطاع الخاص على خلق فرص عمل. وأكدت ضرورة الإسراع في إقرار أجندة إصلاحات مالية شاملة تدعم زيادة نمو القطاع غير النفطي، وأهمية التوصل إلى حلول مستدامة لتلبية الاحتياجات التمويلية، وسد عجز الموازنة المتنامي، وكذلك معالجة الاختلالات الهيكلية في الميزانية، خاصة مع التذبذب الكبير الذي تتعرض له أسعار النفط كونها تمثل نحو 90 في المئة من الإيرادات العامة.