غداة تهديد حاد أطلقه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي بالعمل على إعداد خطط جديدة لتوجيه ضربة محتملة لبرنامج إيران الذري للحيلولة دون امتلاكها قنبلة نووية، أكدت طهران احتفاظها بحق الدفاع عن نفسها وتعهدت بتوجيه رد قوي ضد أي عمل عسكري تقوم به تل أبيب.

وفي وقت تسعى السلطات الإيرانية للحفاظ على احتمال عودة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن للاتفاق النووي المبرم عام 2015 آملة أن يقوم برفع العقوبات والضغوط عنها، قال سفير ومندوب الجمهورية الإسلامية الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي، إن إسرائيل لم تفوت أي فرصة لتقويض «الاتفاق النووي».

Ad

وأضاف روانجي: «كيان الاحتلال طرح مزاعم لم يتم إثباتها حول البرنامج النووي الإيراني وسعى يائساً عبر طرح بعض المعلومات المفبركة للإيحاء بأن أنشطتنا النووية السلمية تشكل تهديداً».

وتابع أن «هذه الاتهامات ليست سوى محاولة لحرف الأنظار عن إنتاج مئات القنابل الذرية من إسرائيل بما يشكل تهديداً للسلام والأمن في المنطقة وما هو أبعد منها».

في موازاة ذلك، وصف مدير مكتب الرئيس الإيراني محمود واعظي، تصريحات كوخافي، بـ»الحرب النفسية» وقال: «هم يتحدثون كثيراً والكيان الصهيوني لا يمتلك القدرة» على تنفيذ تهديداته.

وأكد أن التصريحات «لن تخيف» القوات المسلحة الإيرانية التي أظهرت استعدادها للدفاع عبر المناورات الكثيفة التي أجرتها أخيراً.

وعزا سبب التهديدات الإسرائيلية الأخيرة إلى سعي المسؤولين الإسرائيليين للتأثير على سياسة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه طهران، ومنعها من العودة إلى «الاتفاق النووي»، وقال إن «بعض مسؤولي الكيان الصهيوني يتصورون أن كل ما يصرحون به، تقبل به واشنطن».

وأضاف أن عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد ولّى، متهماً صهره جارد كوشنر بأنه «كان عميل الصهاينة بواشنطن».

تطمين روحاني

في هذه الأثناء، بعث الرئيس الإيراني حسن روحاني، برسالة طمأنة للدول الغربية بعد أن دعت باريس طهران لضرورة احترام التزامتها والعودة إلى تطبيق البنود التي انتهكتها إذا كانت ترغب بعودة واشنطن للاتفاق النووي.

وقال روحاني، إن «هناك إجماعاً في العالم، باستثناء الكيان الصهيوني ودول صغيرة في المنطقة، على وجوب عودة الولايات المتحدة إلى التزاماتها في الاتفاق النووي».

وشدد حسن روحاني على أن «كرة الاتفاق النووي في ملعب الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن «إيران ستعود عن خفض التزاماتها، بشكل سريع وفي غضون ساعة، في حال نفذ الطرف المقابل التزاماته» في إشارة إلى المطالبة برفع العقوبات المفروضة على طهران.

واتهم روحاني الدول الأوروبية بالعجز عن تنفيذ التزاماتها في الاتفاق، مؤكداً أنه «لا يحق لها فرض مطالب جديدة».

تحدٍّ وانتقادات

وتأتي التصريحات الإيرانية بعد أن كشف رئيس الأركان الإسرائيلي، أمس الأول، أنه يتم في هذه الأيام وضع عدة خطط قتالية للتعامل مع احتمال أن تحاول إيران تطوير قنبلة نووية في غضون عدة أشهر أو حتى عدة أسابيع.

وقال كوخافي، بمؤتمر سنوي لمركز أبحاث بجامعة تل أبيب، إنّ عودة بايدن المحتملة للاتفاق الموقع عام 2015، أو حتى لاتفاق شبيه له، أمرٌ سيئٌ بالنسبة لإسرائيل عملياتياً واستراتيجياً، زاعماً أنه «لو كان الاتفاق قد طُبق لكانت إيران اليوم تمتلك قدرات لإنتاج قنبلة نووية».

وأشار إلى ضغوط العقوبات القصوى التي فرضها ترامب على إيران بعد انسحابه من الاتفاق عام 2018، مشدداً على أنه يتعين على إدارة بايدن الاستفادة من الوضع الحالي والتفكير في «اتفاق أفضل لإنهاء البرنامج النووي الإيراني بأكمله، وليس فقط جوانبه العسكرية».

وأثارت كلمة كوخافي انتقادات داخلية في إسرائيل. وحذر سياسيون ومسؤولون أمنيون ومحللون عسكريون إسرائيليون، من أن تصريحات رئيس الأركان التي هاجم فيها إدارة بايدن قد تعقد التفاهم مع الأميركيين وتعكر صفو العلاقات مع واشنطن.

وانتقد وزير الخارجية الإسرائيلي، رئيس أركان الجيش الأسبق، غابي أشكنازي، كلمة كوخافي ونصح بعدم الدخول في صدام علني مع الأميركيين، فيما لفت رئيس مجلس الأمن القومي السابق المقرب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلى أن المسألة الأكثر إلحاحاً أمام إسرائيل هي كيفية المناورة مقابل إدارة بايدن، بحيث تنجح تل أبيب بالحفاظ على «حرية شن عمل عسكري ضد إيران».

قواعد وردع

في سياق قريب، ذكرت وكالة «أسوشيتد برس»، أن الولايات المتحدة تدرس إمكان إقامة قواعد عسكرية إضافية في السعودية تتيح السيطرة على البحر الأحمر.

وأفادت الوكالة بأن واشنطن تدرس استخدام كلّ من ميناء ينبع على ساحل البحر الأحمر ومطاري تبوك والطائف الدوليين.

ونقلت «أسوشيتد برس» عن المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، العقيد بيل أوربان، قوله إن دراسة إمكانية استخدام المواقع الثلاثة بدأت قبل أكثر من عام، وإن الحديث يدور عن «إجراءات تخطيط عقلانية» لا بد منها لجعل هذه المواقع في متناول القوات الأميركية بشكل مؤقت أو في ظروف معينة «في حالات الطوارئ».

وشدد الضابط الأميركي على أن الخطوات «ليست استفزازية إطلاقاً ولا تعني تعزيز دور الولايات المتحدة في المنطقة».

بالتزامن مع تلك التصريحات أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن قاذفة استراتيجية أميركية من طراز «بي 52» غادرت قاعدتها لتنفيذ أول طلعة فوق منطقة الخليج في عهد بايدن الى جانب مقاتلات سعودية، ضمن جهود «ردع إيران».

وفي وقت سابق، كشف قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال فرانك ماكنزي أن جيش بلاده يستخدم مجموعة من الموانئ والقواعد الجوية في الصحراء الغربية للسعودية، ويطور خيارات عديدة ويعزز حجم الحضور العسكري ونوعيته في الممكلة، «تحسباً لأي مواجهةٍ محتملة مع إيران، خصوصاً وسط تنامي قدراتها العسكرية الصاروخية.