وجهة نظر: حكومة لا تجيد القفز على الحواجز
مشاهد التنافس القائمة حالياً بين النواب والحكومة غير متناسبة لأنها لا تنطلق من قاعدة تسابق موحدة، فالحكومة من عدائي المسافات الطويلة أو المتوسطة، ونواب الأغلبية من متسابقي 110 أمتار حواجز، ومع ذلك يناور النواب لإجبار الحكومة أن تجري في مضمارهم لأنهم يعتقدون أنها لا تجيد القفز فوق الحواجز وستخسر السباق، وتناور الحكومة لتجر النواب الى الماراثون أو اختراق الضاحية لأنها تعتقد أنهم من ذوي النفس القصير، ولن يكملوا السباق إلى آخره، ولذا يحاول النواب حسم المعركة السياسية بالضربة القاضية من الجولات الأولى قبل أن تنقطع أنفاسهم، وتحاول الحكومة جرّهم الى الجولات الأخيرة لتقطع أنفاسهم بعد النصف الأول من السباق.ولأن كل المتصارعين سواء الحكومة أو نواب الأغلبية أو نواب الموالاة أو الواقفون على أعراف السياسة ويرمون سهامهم في كل الجهات أو الذين يجلسون في المدرجات لا يحركون ساكناً ينتظرون الفائز الأخير ليعلنوا ولاءهم له، كل هؤلاء الذين ذكرتهم أو الذين لم أذكرهم لا يمثلون إلا ثلاثة أطراف، كل طرف يحاول أن تكون المباراة الأولى بين الطرفين الآخرين ويبقى هو (باي) ليصل إلى النهائي بلا جهد فيضمن المركز الثاني في أسوأ الاحتمالات.وكذلك من خلال متابعتي المتواضعة لأنشطة الوزراء وجدت أنها في الغالب لا تخرج عن الأجواء التي كانت سائدة في الحكومة السابقة باستثناء قرارين أو ثلاثة لوزير الإعلام عبدالرحمن المطيري ومثلهما لوزير أو وزيرين، وأما بقية الوزراء فلا (حس ولا خبر)، ومع ذلك فلا أحد يحاسب أحداً، ولا أحد يسأل أحداً عن قول أو فعل، فالقوم مشغولون بما يرونه أكبر من نشاط وزاري أو أداء حكومي سواء ارتقى هذا الشاط الى المستوى المطلوب أو كان دونه.
وبخصوص الصراع الحالي بين الحكومة والنواب فإن الحكومة ستبقى عاجزة عن أن تجر النواب الى المسافات الطويلة من السباق، لأنها لا تملك القدرة والأدوات التي تمكنها من ذلك، والنواب عاجزون عن حسم المعركة مع الحكومة في الأمتار الأولى لأنهم لا يملكون القدرة والأدوات لذلك، وهكذا فإن المعركة ستكون في منطقة وسطى لن يستطيع أي طرف فيها حسمها لمصلحته، وستعود الحكومة بكل وزرائها في التشكيلة الجديدة إلا ثلاثة وزراء أو أربعة، كما سيعود نواب المعارضة الى مقاعدهم إلا خمسة نواب أو ستة (إذا ما أجريت انتخابات في القريب)، إلا إذا تغير مرسوم الصوت الواحد، ساعتها ستتغير قواعد اللعبة الانتخابية بطريقة شبيهة بالطريقة التى حدثت في أول انتخابات بعد صدور مرسوم الصوت الواحد عام 2012، إذ سيفقد الجميع التركيز وفهم الظروف وسبل التعامل مع الانتخابات لمجلس أو مجلسين قبل أن يستعيد الجميع توازنهم ويجيدوا توظيفه لمصلحتهم.