أولاً وأخيراً: حبر على ورق
إعلان المدير العام لبلدية الكويت أحمد المنفوحي تخصيص 11 موقعا للمدن العمالية لاستخدامها كسكن للعزاب أعاد الحديث من جديد حول جدية الحكومة في إنشاء مدن للعمالة الوافدة التي تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على سكن آدمي، كما أنها تسبب مشاكل كثيرة للمواطنين الذين يعانون الأمرين من احتلال الوافدين مناطق سكنهم الخاص، وما يترتب على ذلك من ظواهر سلبية وازدحام في منافذ الخدمات وضغوط على البنية التحتية. وفي الحقيقة أن إنشاء مدن عمالية نموذجية تستوعب الأعداد الكبيرة للعمالة الوافدة في الكويت موضوع قديم ومكرر، ويعود إلى أكثر من 30 عاماً، وظل طوال هذه السنوات حبراً على الورق، وما خرج إلى النور من هذه المدن لا يرقى إلى حجم العمالة المقيمة، فقد تم الحديث من قبل عن طرح أكثر من 6 مدن عمالية كحد أدنى، لكنه لم ينفذ منها إلا مدينتا صبحان والشدادية اللتان لا تتمتعان بمقومات المدينة المتكاملة، ويقتصر دورهما على تأمين السكن فقط من دون الخدمات الأخرى كالمراكز الصحية والأمنية ومقرات الجمعية وخدمات البنية التحتية المختلفة، مما دفع العمالة إلى هجرهما والتوجه إلى مناطق أخرى تتوافر فيها الخدمات التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية.
وقد كشف وباء كورونا المستجد تدني مساكن العمالة الوافدة في البلاد، حيث كانت سبباً في انتشار الوباء، لتكدس تلك العمالة في مساكن غير مهيأة، فتجد أن الشقة الواحدة يقطنها أحيانا 20 شخصاً، ورغم ذلك لايزال حديث الحكومة عن إقامة مدن عمالية متكاملة الخدمات يتوافر فيها المخفر والجمعية والمركز الصحي وبعيدة عن سكن المواطنين وعوداً، وما هي إلا أسطوانة مشروخة وكلام للاستهلاك يقال بين فترة وأخرى، ويُنسى إلى أن يعاد إحياؤه من جديد حسب المواقف والأهواء. ولعل الحديث عن إنشاء المدن العمالية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشكلة التركيبة السكانية، حيث إن الكويت منذ زمن بعيد تتوافد إليها العمالة الهامشية التي لا يتوافر لها السكن الصحي والمناسب لأجورها، وكان من المفترض أن يتم إنشاء تلك المدن منذ سنوات ويمكن للحكومة أن تترك هذا الأمر للقطاع الخاص إذا لم يكن لديها النية لذلك، أو أنها لا تملك السيولة المادية الكافية، وهذا بالطبع مستبعد، فالكويت دولة غنية، وتوزع المساعدات المالية على كل دول العالم، وفي كل الأحوال فإنه يجب الإسراع لإنشاء تلك المدن التي ستحل الكثير من الأزمات، منها ما يتعلق بالقضاء على سكن العزاب في مناطق سكن المواطنين، ومنها ما يرتبط بتوفير السكن الكريم للعمالة الوافدة ومعرفه أماكن إقامتهم وسهولة الوصول إليهم في حال ارتكابهم المخالفات، وكذلك إظهار الكويت بالشكل الحضاري الذي يليق بها أمام العالم، والتخلص من البؤر العشوائية للعمالة الهامشية في الجليب والفروانية وحولي والسالمية وغيرها من المناطق التي ننتظر تحرك الحكومة بجدية هذه المرة لحعلاجه، وكما يقولون " أفلح إن صدق".