ذكر أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت د. رياض الفرس أن وكالات التصنيف الائتماني (ستاندرد آند بورز، موديز، فيتش) تقيم الدول أو الشركات بناء على 10 تصنيفات أساسية، لتحديد الجدارة الائتمانية، وإذا تم تخفيض التصنيف الائتماني للدولة يخفض التصنيف للشركات والمؤسسات بالدولة أوتوماتيكيا، أي أنه لا يمكن لأي مؤسسة خاصة أن يكون تصنيفها الائتماني أعلى من الدولة، مؤكدا أن انخفاض التصنيف يؤثر على الدولة والمؤسسات على حد سواء.وتحدث الفرس، خلال لقاء نقاشي في لجنة الملتقى بالجمعية الاقتصادية بأول نشاطها للسنة الجديدة برئاسة سلطان الجزاف، بعنوان «ما تأثير التصنيف الائتماني على المدى الطويل والقصير»، وجرى مناقشة موضوع التصنيف الائتماني لأهميته في الاقتصاد الكويتي، وتقديم المعالجات اللازمة لمشكلة خفض التصنيف الائتماني السيادي للكويت.
وأوضح الفرس أن التأثير الاقتصادي المحتمل لخفض التصنيف هو ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجي، وزيادة أعباء خدمة الدين العام، وخفض ثقة المستثمرين، وخفض الاستثمار الأجنبي، والضغط على سعر صرف الدينار، أما أثر تأثير التقييم السيادي على المؤسسات الخاصة (البنوك) فهم خفض تصنيفها، وخفض جودة أصولها، وتخفيض قيمة ضماناتها التي بصورة سندات حكومية، ورفع تكلفة خدمة الدين.وأضاف أن التصنيف الكويتي لم يتغير منذ آخر تصنيف في يناير، لكن ما تغير هو النظرة السلبية، واستندت الوكالة في التصنيف الأخير إلى مؤشرات عدة، وأخذت جانبين إيجابي وسلبي، فالمدخرات العامة للكويت بحجمها الكبير كان لها التأثير الإيجابي للتصنيف وشكل 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أما في الجانب السلبي فقد استندوا إلى اتساع عجز الموازنة، وقرب نضوب السيولة في الاحتياطي العام، وبطء الإصلاح نتيجة للتشنج الحاصل بين الحكومة والمجلس.وأشار إلى أن الوكالة تطرقت إلى آفاق التصنيف، وهي نظرة سلبية، حيث إنها تعكس في المقام الأول وجهة نظر الوكالة بشأن المخاطر على المديين القصير والمتوسط الناشئة عن ضغوط المالية العامة (نضوب السيولة) دون وجود بدائل لتمويل العجز، والتقدم البطيء في الإصلاح الهيكلي.وكشف أن الوكالات في النقاشات الأخيرة كانت على وشك أن تخفض التصنيف السيادي، لكن من خلال بعض التدخلات في اللحظة الأخيرة قررت عدم التخفيض، وقامت الوزيرة السابقة لوزارة الشؤون الاجتماعية وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية مريم العقيل لأول مرة بتشكيل لجنة عليا برئاستها لدراسة كيفية تحسين التصنيف الائتماني، مما ساعد في لغة الحوار بين الطرفين.وأشار إلى التهديد المبطن في التقرير الأخير لخفض التصنيف الائتماني السيادي للكويت، وخلال 6 - 12 شهرا ستتم إعادة النظر في التصنيف، وأسبابها «ترتيبات مؤسسية مانعة لإيجاد حل مستدام للحاجات التمويلية، إذا ظلت جهود الإصلاح بطيئة، وانخفاض مرونة السياسة النقدية، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية وتعطل طرق التجارة الدولية».وبين أن من ضمن التقرير طرحت الوكالة بعض المعالجات ومدى إمكانية تنفيذها خلال 6 - 12 شهرا، وهي: ضرائب وإصلاح سوق العمل وتنويع الاقتصاد، وذكروا أن علينا إعادة النظر بالنظرة المستقبلية للتصنيف، ومحاولة عودته الى مستقرة من خلال ثلاثة إصلاحات رئيسية:- معالجة الضغوط المالية وقيود التمويل.- إصلاحات هيكلية تعزز الفعالية المؤسسية.- تحسين الآفاق الاقتصادية طويلة الأجل.ورأى الفرس ضرورة أن تقوم الكويت ببعض الإصلاحات الاقتصادية وبشكل جاد وسريع، لان التنفيذ يأخذ وقتا طويلا، فالإصلاح شامل ولا يمكن أن يجتزأ، وقسم الإصلاح الى عدة مستويات:
إصلاح مؤسسي
عندما تنهار المؤسسات سينهار كل شيء معها، فانهيار المؤسسات يعني انهيار الدول، ويجب اتخاذ إجراءات عدة: حوكمة ومكافحة فساد وشفافية وتأهيل الكفاءات ودمج وإلغاء جهات وإعادة هيكلة القطاع العام وتحسين بيئة الأعمال.إصلاح اقتصادي
الإصلاح الاقتصادي يتم عن طريق إعادة الريادة للقطاع الخاص، وهذا الإصلاح يتم من خلال خصخصة وشراكة وتحرير قطاعات واستثمار أجنبي وإصلاح سوق العمل وتنويع الاقتصاد.إصلاح مالي
بما أن الكويت تواجه عجزا في الميزانية العامة، وعدم وجود مرونة في الإيرادات والمصروفات، لذا يجب أن تكون الإجراءات كالتالي: إعادة هيكلة الموازنة العامة وطرق إعدادها وتبني ميزانية الخطط والبرامج وضبط الهدر وتحسين آلية إدارة المالية العامة وإعادة النظر في طرق التحاسب مع مؤسسة البترول وتضمين إيرادات الاستثمارات في الميزانية ووضع سقف للإنفاق وتبني ميزانية متوسطة المدى وإعادة تسعير أملاك الدولة وتحرير المزيد من الأراضي للاستثمار.وفيما يتعلق بالأراضي، قال إنها ثاني أصل غير مستغل بشكل صحيح، «حيث إننا نملك ثروة كبيرة موجودة في الأرض، لكن لا أحد يستغلها، والعديد من الشركات الكويتية بدأت تستثمر في الخليج بسبب الأراضي، ونملك نفس البيئة لكن دول الخليج تعطي حوافز للمستثمرين، مؤكدا ضرورة وجود حوار وطني ليأخذ كل شخص دوره الإصلاحي، فالوضع غير مستدام، والمؤشرات لا تبشر بالخير.