حكومة كهذه لا يفترض السماح لها بالاقتراض
• رهنت مستقبل البلد للمخاطر بالمناورات السياسية في ظل أجواء احتقان سياسي داخلي
• توزيع النفقات العامة على أبواب الموازنة المختلفة هو نفس التوزيع التقليدي
القلق يشمل معظم المراقبين لسياسة الحكومة المالية، سواء في الداخل أو الخارج، إن من زاوية عجزها عن مواجهة أزمة السيولة، أو من زاوية افتقارها للإبداع في وضع تصور متوسط الأجــل لإطفـاء حريـق الماليـة العامـة، إلا أن كـل ما فعلته هو تبني نفس سياسات زمن رواج أسعار النفط.
قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إن الإعلام المحلي نشر تقدير وزارة المالية للنفقات والإيرادات العامة لمسودة موازنة السنة المالية 2021 /2022، وتشير الأرقام المنشورة إلى حجم للنفقات العامة بنحو 23.048 مليار دينار، وإلى تقدير حجم الإيرادات العامة بنحو 10.929 مليارات دينار، من ضمنها نحو 9.127 مليارات إيرادات نفطية أو ما نسبته نحو 83.5 في المئة من جملة الإيرادات المقدرة.وقدرت الوزارة سعراً لبرميل النفط الكويتي بحدود 45 دولاراً أو أعلى بنحو 50 في المئة عن تقديرات أغسطس الماضي، ورغم ذلك، بلغ حجم عجز الموازنة المحتمل نحو 12.119 مليار دينار أو نحو 32 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2020.وارتفاع النفقات العامة المقدرة من 21.555 مليار دينار للسنة المالية الحالية إلى أكثر قليلاً من 23 مليار دينار، يعني نمو النفقات العامة بنحو 6.9 في المئة، وهو اتجاه مناقض ومسار معاكس لسياسات الإصلاح المالي الموعودة.
وتوزيع النفقات العامة على أبواب الموازنة المختلفة هو نفس التوزيع التقليدي، أو نحو 85 في المئة ضمنها إنفاق جارٍ، والـ 15 في المئة الأخرى والتي سميت بالإنفاق الرأسمالي، والأخيرة لا تعريف لها ولا علاقة تربطها بالأهداف المعلنة للتنمية، ولا بعدد فرص العمل المستدامة المواطنة التي يمكن أن تخلقها. وبينما يشمل القلق معظم المراقبين لسياسة الحكومة المالية، سواء في الداخل أو الخارج، إن من زاوية عجزها عن مواجهة أزمة السيولة، أو من زاوية افتقارها للإبداع في وضع تصور متوسط الأجــل لإطفـاء حريـق الماليـة العامـة، إلا أن كـل ما فعلته هو تبني نفس سياسات زمن رواج أسعار النفط.الفارق أن ذلك لم يكن خياراً، فالكل بات يعرف أنها تتحايل للسحب المباشر أو غير المباشر من احتياطي الأجيال القادمة، ويعرف أن كل همهما شراء بضعة أشهر وربما سنة لعل ذلك يمنحها بعض الاستمرار.ونحن نعتقد اجتهاداً أن ما شجعها على الاستمرار في شراء وقت خطر، هو احتمال أن سنة 2020 كانت سنة جيدة، حققت في استثمارات احتياطي الأجيال القادمة عائداً مرتفعاً بسبب رواج أسعار الأصول كما ورد في إشارة لوزير المالية، ولكنه رواج غير مستدام وهو مجرد نتيجة للسياسات النقدية البالغة التوسع وعمليات التيسير الكمي.ويبدو أن الحكومة فضلت أن ترهن مستقبل البلد للمخاطر وتقويض احتمال الاستدامة بتقديم هدف قصير جداً يتعلق بالمناورات السياسية في ظل أجواء احتقان سياسي داخلي، ولكن تكلفته على المدى المتوسط لن تكون محتملة. ونظل نأمل أن السبب في استعجال الحكومة في إعلان مشروع الموازنة، هو احترام المهلة الدستورية لذلك الإعلان، وأن الإعلان جاء من حكومة مهمتها تصريف العاجل من الأمور، بما يعنيه ذلك من احتمال قيام الحكومة القادمة بمراجعة جوهرية للمشروع وتقديم بديل يوحي بجدية تبني سياسات إصلاح مالي واقتصادي، ومن المؤكد أن حكومة كهذه لا يفترض أن يسمح لها بالاقتراض.