قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن الاقتصاد الكويتي أنهى عام 2020، الذي كان شاقاً جداً، على تحسن ملحوظ، في حين واصل الإنفاق الاستهلاكي انتعاشه بدعم من زيادة الإنفاق عبر الإنترنت وتراجع معدلات السفر إلى الخارج والتفاؤل بأن أسوأ فترات جائحة "كورونا" انتهت بالفعل. ووفق التقرير، زادت أنشطة الأعمال وسط تخفيف التدابير الاحترازية التي جاءت مع تراجع أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا (رغم ارتفاعها أخيراً إلى حد ما) واتخذ نمو الائتمان الشخصي اتجاهاً صعودياً، لكن وتيرة إسناد المشاريع التنموية شهدت بعض التباطؤ، وإن كان من المتوقع أن تتسارع في عام 2021.
في التفاصيل أيضاً، وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوياته المسجلة في أربع سنوات عند مستوى 2.8 في المئة في ديسمبر، على خلفية وجود طلب مكبوت وقيود يتعرض لها العرض. وارتفعت أسعار النفط أيضاً خلال شهري نوفمبر وديسمبر مدفوعة بواردات النفط الصينية وزيادة النمو الاقتصادي مع تزايد تفاؤل الأسواق بأن الجائحة سيتم احتواؤها أخيراً بعد حصول اللقاحات على الموافقات اللازمة وطرحها في الأسواق اعتباراً من شهر ديسمبر الماضي. كما ساهم ارتفاع أسعار النفط في تحسين بيانات المالية العامة مقارنةً بوقت سابق من العام، وظلت الموازنة الحكومية تسجل عجزاً كبيراً في الربع الرابع من عام 2020. وتعرضت الأصول السائلة لصندوق الاحتياطي العام للنضوب ولم يتم بعد إقرار قانون الدين الجديد، وبذلك تظل السيولة من أهم القضايا الملحة التي تواجه الحكومة. ويبقى الأمل وعلى الرغم من استقالة الحكومة في يناير، أن تعمل السلطتان التشريعية والتنفيذية على حل هذا الوضع في إطار حملة الإصلاح الموسعة.
ارتفاع أسعار النفط والتفاؤل بــ«اللقاحات»
أنهت أسعار النفط الربع الأخير من عام 2020 على وتيرة أكثر تفاؤلاً مع بدء طرح اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وبعد أن اتجهت "أوبك" وحلفائها نحو تقييد زيادة إنتاجها في يناير إلى 500 ألف برميل يومياً (بدلاً من 1.9 مليون برميل يومياً المعلنة سابقاً). وارتفع سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 23 في المئة على أساس ربع سنوي منهياً تداولات العام عند أعلى مستوياته المسجلة في 10 أشهر تقريباً عند مستوى 50.6 دولاراً للبرميل (بلغ في المتوسط 41.1 دولاراً للبرميل في عام 2020) وذلك حتى وسط مواجهة اقتصادات نصف الكرة الشمالي فرض قيود جديدة على التنقل نتيجة إعادة تطبيق تدابير الإغلاق مرة أخرى. واستمر ارتفاع أسعار النفط في العام الجديد بدعم من قرار السعودية خفض إنتاجها النفطي من جانب واحد بمقدار مليون برميل يومياً في شهري فبراير ومارس، هذا إلى جانب ضعف الدولار الأميركي. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتعافى الطلب على النفط بمقدار 5.5 ملايين برميل يومياً في عام 2021 -مما يعد خفضاً لتوقعاتها السابقة بمقدار 0.3 مليون برميل يومياً- بعد التراجع التاريخي الذي شهده الطلب في عام 2020 بمقدار 8.8 ملايين برميل يومياً. وتتوقع الوكالة أن تؤدي عمليات الإغلاق التي تم فرضها أخيراً إلى تباطؤ وتيرة الانتعاش عن المستويات المتوقعة في الأساس، لكنها ستتسارع في النصف الثاني من العام.واستقرت معدلات إنتاج الخام الكويتي في ديسمبر عند مستوى 2.29 مليون برميل يومياً مما أدى إلى زيادة متوسط الإنتاج في عام 2020 إلى 2.4 مليون برميل يومياً، أي بتراجع بلغت نسبته 8.9 في المئة عن مستويات عام 2019. وواصلت الكويت تسجيل معدلات امتثال جيدة وصلت إلى 100 في المئة أو أكثر في إطار اتفاقية "أوبك" وحلفائها لخفض الإنتاج. ووفق البيان الصادر عن الأوبك وحلفائها عن شهر ديسمبر، تم السماح للكويت بزيادة إنتاجها بمقدار 32 ألف برميل يومياً (+ 1.4 في المئة) في يناير 2021 مقارنة بمستويات شهر ديسمبر، وهو المستوى الذي ستحافظ عليه في فبراير ومارس، وبعد ذلك ستقرر "أوبك" وحلفاؤها ما إذا كانت ستعود إلى جدول الإنتاج الأصلي (2.42 مليون برميل يومياً).ومن جهة أخرى، أعلنت شركة نفط الكويت، التابعة للحكومة الكويتية، ثلاثة اكتشافات نفطية جديدة في عام 2020 تحتوي اثنتان منها على النفط الخفيف (حقل حومة -1 بطاقة انتاجية 1.45 برميل يومياً وحقل القشعانية - 1 بطاقة انتاجية 1.81 برميل يومياً) وغاز مصاحب (2.78 مليون قدم مكعبة يومياً) في شمال البلاد، وتم اكتشاف نفط تقليدي في الحقل الثالث الذي يعتبر امتداداً لحقل برقان الكبير. وبمجرد تشغليها بالكامل، سوف تساهم تلك الآبار منخفضة التكلفة في تعزيز الطاقة الإنتاجية لشركة نفط الكويت بما يتجاوز المستويات المستهدفة التي تم خفضها أخيراً إلى 3.10 ملايين برميل يومياً. وتسعى مؤسسة البترول الكويتية لدمج وإعادة هيكلة أعمالها بهدف تقليص عدد الوحدات العاملة من 8 إلى 4 وحدات.العجز يضغط على السيولة قصيرة الأجل
سجلت الحكومة عجزاً مالياً قدره 5.4 مليارات دينار (حوالي 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المحدد تناسبياً) خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2020/2021 (أبريل إلى ديسمبر). ويعزى العجز إلى انخفاض العائدات النفطية بنسبة 49 في المئة على أساس سنوي، إذ انخفض سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 42 في المئة إلى 37.8 دولاراً للبرميل في المتوسط، وانخفض إنتاج النفط بنسبة 13.3 في المئة إلى 2.34 مليون برميل يومياً على خلفية اتفاقية "أوبك" وحلفائها. ومن جهة أخرى، انخفضت الإيرادات غير النفطية بمعدل أقل بلغت نسبته 4.2 في المئة، وإن كانت لا تمثل سوى 15 في المئة من إجمالي الإيرادات. وفي المقابل، انخفض الإنفاق بنسبة 10.1 في المئة على أساس سنوي وسط انخفاض النفقات الجارية بنسبة 8.5 في المئة وانخفاض النفقات الرأسمالية بنسبة 27 في المئة - ويعزى انخفاض البند الأخير إلى تأخير تنفيذ المشاريع التنموية نتيجة لتفشي الجائحة وأيضاً بسبب خفض الميزانية على نحو كبير هذا العام وذلك في إطار مساعي الحكومة لتقليص نفقاتها.وسيرتفع العجز خلال الأشهر المقبلة، إذ قد يقفز معدل الإنفاق المعلن عنه بشكل حاد كالعادة بنهاية العام. لكن الارتفاع الأخير في أسعار النفط وتأثيره المحتمل على الإيرادات الحكومية سوف يؤدي إلى تقليص توقعاتنا لعجز العام بأكمله إلى 9.8 مليارات دينار (30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) مقابل توقعاتنا السابقة بقيمة 10.5 مليارات دينار (33 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي). ويوفر ذلك بعض المرونة البسيطة للحكومة التي تواجه قيود التمويل بسبب تضاؤل السيولة في صندوق الاحتياطي العام وعدم إقرار قانون الدين العام حتى الآن. وما يزال هذا الأخير يمثل أحد أهم الأولويات الملحة، إذ تشير التقديرات إلى أنه سيتم بالفعل إقرار هذا القانون خلال فترة قصيرة لتجنب إمكانية تعديل الإنفاق بصورة جذرية في حالة استنفاد السيولة كاملة. كما أن استمرار الخلاف في الترتيبات المؤسساتية من شأنه أن يجعل تمرير أي قانون جوهري لتعزيز الإيرادات، مثل تطبيق ضريبة القيمة المضافة أو الضريبة الانتقائية، أو ترشيد الدعوم من الأمور المستبعدة في المستقبل القريب.ويجدر الإشارة إلى أن الحكومة أصدرت في نهاية شهر يناير مشروعاً مفاجئاً لميزانية توسعية للسنة المالية 2021/2022 وأظهر زيادة في الإنفاق بنسبة 7 في المئة تقريباً لتصل إلى 23.0 مليار دينار، وعجزًا قدره 12.1 ملياراً (بانخفاض طفيف عن العجز المدرج في الميزانية للسنة المالية الحالية). لكن، لا يزال يتعين الموافقة على هذه الميزانية من البرلمان (مجلس الأمة).