لبنان: «ضياع» أمني في تقييم أحداث طرابلس
ميشال عون وسعد الحريري يستكملان «حربهما»... وماكرون ينعش مبادرته
تتدحرج الأزمات في لبنان ككرة ثلج من الاقتصاد المنهار الذي يئن تحت وطأة الإقفال العام وتداعياته الكارثية التي انعكست عنفا في طربلس، الى الكباش السياسي بين الرؤساء الذي عرقل مسار تشكيل الحكومة.وبقيت التأويلات مفتوحة بخصوص أحداث عاصمة الشمال من دون أن تحسمها المراجع الأمنية والقضائية، وقالت مصادر أمنية متابعة، أمس، إن «الأجهزة الأمنية التي شاركت في مواجهة مسلسل الأحداث لم تتوصل إلى قراءة موحدة لما حصل وللمتدخلين فيها حتى الساعة وإن التحقيقات التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي مع الموقوفين لم يتسرب منها شيء بعد». وكشفت إن «مجلس الأمن المركزي، خلال انعقاده أمس (الجمعة)، لم يجمع سوى على اتهام من قاموا بها بأنهم يرغبون بالمسّ بهيبة الدولة والمس بمؤسساتها الأمنية والإدارية والقضائية، فالسرايا تحوي مختلف وجوه الخدمات التي توفرها الدولة، وهو أمر لم تشهده الانتفاضة في طرابلس منذ بداياتها، وأن المواجهة بين القوى العسكرية والأمنية ومواطنيهم من أخطر التجارب الممكنة».
وتأتي التطورات الأمنية توازيا مع استعار الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الذي يعد واحدا من أهم المطبات التي تعطل عملية التشكيل حتى اللحظة. وبينما لا يشك أحد في أن هذا التصعيد الكلامي من جانب الرئيس عون، معطوفا على الكلام عن «أننا لن نتحدث من الآن وصاعدا إلا بحكومة من 20 وزيرا» في تحدّ مباشر لتشكيلة الحريري من 18 وزيرا، يدل بوضوح إلى أن مخاض الولادة الحكومية لا يزال عسيرا، خرق الساحة السياسية الداخلية موقف واضح ومباشر هو الأول من نوعه منذ إلغائه زيارته بيروت أواخر العام الماضي، إثر اصابته بفيروس «كورونا»، حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيزور لبنان، قائلاً «سأقوم بزيارة ثالثة بعد التحقق من أمور أساسية»، مضيفا: «النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب». وقال: «عاطفتي مع الشعب اللبناني أما قادته فلا يستحقون»، مشددا على أن «خريطة الطريق الفرنسية للبنان لا تزال مطروحة على الطاولة ولا حلول أخرى متاحة». وقالت مصادر دبلوماسية، أمس، إن «اهتمام باريس بالملف اللبناني على حاله، وان فرنسا لا تزال تعتبر الوضع في بيروت أولوّية من أولوياتها الدولية، وأنه رغم التخبط الذي تمرّ فيه مساعيها الانقاذية منذ أغسطس الماضي، فإن فرنسا لن تستسلم». ولفتت إلى أن «باريس تملك المفتاح الذي سيتيح لها رعاية الحل السياسي في بيروت وتثبيت ركائزه. وللغاية، سيتعين على فرنسا، بعد أن تواصلت مع الرئيس الأميركي جو بايدن في هذا الخصوص، استكمال اتصالاتها بكل الدول المعنية بالملف اللبناني، بما يساعد مبادرتها على الانبعاث من جديد». إلى ذلك، استمر التراشق الإعلامي بين تيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، أمس، بعد اعتبار المجلس السياسي لـ «التيار» أنه «يحتّم أن يتوجه رئيس الحكومة المكلف فوراً الى القصر الجمهوري، ويقلع عن التلهي برمي الآخرين بما هو غارق فيه من مآزق وتشابكات سياسية محلية وإقليمية وانتظارات دولية، متلطّيا في خبايا جبهات واهمة».واستغرب «التيار» «منطق «تربيح الجميلة بالحرص على حقوق المسيحيين من جانب الذين رفضوا الاعتراف بشرعية الممثل الأكبر للمسيحيين، فعرقلوا انتخابه سنتين ونصف السنة، الى أن فرضت حاجتهم لرئاسة الحكومة أن يوافقوا على ترشيحه».ورد التيار «الأزرق» على الكلام «العوني» معتبرا أن «اتهام تيار المستقبل باعتماد منطق تربيح الجميلة بالحرص على حقوق المسيحيين هو اتهام مردود للتيار الوطني الحر، بعدما تم اختصار حقوق المسيحيين بحقوق بعض الأزلام، وحجبها عن بقية المسيحيين، وبينها أحزاب وقيادات وشخصيات لها حضورها التاريخي، ولا تلتقي مع التيار على ذرّة واحدة من التوافق».