على مقربة من ميدان الأوبرا وسط العاصمة المصرية، حركة دؤوبة تجري، وصياح بائعين وزبائن، يتناهى إلى السمع بلهجات جنوبية، فملامح الوجوه هنا تطغى عليها ملامح أهل السودان المألوفة، في حياة كاملة يعيشها أهل الجنوب في حارة الصوفي وسط القاهرة.

وفي هذه الحارة يوجد عدد كبير من الأفارقة من جنسيات مختلفة، على رأسهم سودانيون، وإثيوبيون، وإريتريون؛ إذ تعتبر حارة الصوفي مُلتقى يجتذب "أهل الجنوب" الموجودين في القاهرة، سواء للعمل، أو السياحة، أو من يتخذون مصر محطة انتقال نحو الشمال.

Ad

من بعيد، وقبل أن تدخل إلى المقهى، يتسلل إلى أذنيك صوت الفنان السوداني محمود عبدالعزيز، معشوق أبناء الجنوب؛ حيث يخبرك صوته أنك ستعيش ملحمة غنائية جنوبية، مُشبعة بالبخور الحبشي، والقهوة السوداني، التي تُعدها سلوى.

وفي زاوية بمقدمة المقهى، تجلس سلوى، وهي سيدة سودانية بشوشة، وإلى جانبها مبخرة، وعندما طُلب منها أن توضح معنى "جَبَنَة بالدوا" التي تعدها للزبائن، قالت ضاحكة: كلمة "جَبَنَة" تعني القهوة السوداني، أما "بالدوا" فهو إضافة "تحويجة" مثل الحبهان، الجنزبيل أو القرنفل، مؤكدة أن تناول هذه المشروبات يفتقد روحه بدون حضور البخور أثناء إعدادها، "هذه طقوسنا وعادتنا، لازم الجَبَنَة مع البخور".