وسط تقارير عن تباين داخل الإدارة الأميركية الجديدة بشأن أولوية الملف الإيراني على جدول أعمال السياسات الخارجية للرئيس جو بايدن، وتوقعات بأن تكون عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي بطيئة وحذرة وتتخللها فترات من الشد والجذب، يبدو أن الطرفين علقا عند نقطة البداية.

هذا الجمود انعكس في انحسار الخطاب الإيراني الانقسامي تجاه الملف النووي، وبدا أن التيارات السياسية المختلفة تتحدث اللغة نفسها، وأن الأصوليين، الذين كانوا ينتقدون قبل أسابيع قليلة مجرد الحديث عن تفاوض مع أميركا، تراجعوا خطوة إلى الوراء.

Ad

وظهر ذلك بتصريح لرئيس مجلس الشورى الإيراني "البرلمان" محمد باقر قاليباف، المحسوب على التيار الأصولي والمهندس الفعلي لقرار "الإجراءات الاستراتيجية لإلغاء العقوبات"، الذي تبناه البرلمان والذي يجبر حكومة الرئيس حسن روحاني على رفع تخصيب اليورانيوم تدريجياً، ووقف التعاون بالكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك طرد المفتشين النوويين إذا لم تلغِ واشنطن عقوباتها بحلول 20 فبراير الجاري.

واعتبر قاليباف خلال جلسة للبرلمان، أمس، أن تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تجاه الاتفاق النووي وموقف إدارة بايدن عموماً من الاتفاق "مخيبة للآمال"، ودعا البيت الأبيض إلى "توضيح آليات رفع العقوبات بدلاً من وضع شروط مسبقة لتنفيذ التزاماتها"، مشدداً على أنه "إذا كان لدى هذه الإدارة قناعة بالاتفاق النووي، فعليها إظهار التزامها به".

وقال إن "تجربة الاتفاق النووي أمام أعين الشعب الإيراني"، مؤكداً أن بلاده ليست ساذجة لتدخل مرة أخرى في "لعبة اتخاذ إجراءات عملية مقابل وعود مؤجلة"، مشيراً إلى أن ذلك "يشبه من يدفع ثمن سلعة للبائع، دون استلام هذه السلعة"، وتساءل: "من مستعد لهذه الصفقة؟".

ودافع رئيس البرلمان عن قرار "الإجراءات الاستراتيجية لإلغاء العقوبات" الذي قوبل بانتقادات ضمنية من حكومة روحاني، وقال إنه "مع تحريك أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم إلى %20، عززنا موقف الجهاز الدبلوماسي لرفع العقوبات".

وذكّر قاليباف بزيارته الميدانية الأسبوع الماضي لمنشأة "فوردو" جنوب العاصمة طهران، للاطلاع من كثب على تنفيذ بنود القانون الجديد، معرباً عن فرحه لتعاون الحكومة في تحريك أجهزة الطرد المركزي ورفع تخصيب اليورانيوم.

وكان وزير الخارجية الأميركي الجديد أنتوني بلينكن، قال، الأربعاء الماضي، في أول مؤتمر صحافي له كوزير للخارجية، إنه يجب على إيران أن تتراجع عن الإجراءات المنتهكة للاتفاق النووي، التي اتخذتها رداً على خروج الرئيس دونالد ترامب منه، مضيفاً أن إدارة بايدن ستراقب مدى التزام إيران بالاتفاق وتقييمه قبل العودة إلى الاتفاق، وهذا سيستغرق وقتاً.

في المقابل، تقول طهران، إنه على واشنطن القيام بالخطوة الأولى، وهي رفع العقوبات التي فرضها ترامب في إطار حملة الضغوط القصوى.

وفي خطوة تظهر حجم التعقيدات، ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية في تقرير أن هناك تبايناً داخل إدارة بايدن؛ بين من يرى أن معالجة الملف النووي الإيراني أولوية مبكرة، ومن يرفض وضع إطار زمني للعودة إلى الاتفاق.

وأكد مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، في بيان نشره موقع الصحيفة، أن العودة إلى الاتفاق النووي ستستغرق وقتاً أطول مما قد يرغب فيه العديد من المدافعين عن الاتفاق.

وأشار إلى أن إيران لا تزال بعيدة عن الامتثال لمتطلبات الاتفاق، وهناك العديد من الخطوات التي ستحتاج إلى تقييم.

وفي تصريحات نقلها الموقع، أوضح مسؤول أميركي آخر، أن موظفي الإدارة الأميركية المشاركين في سياسة العقوبات على إيران يفكرون في الخطوات الواجب اتخاذها للعودة إلى الاتفاق، وأنهم يخططون لتقديم أفكارهم إلى المعينين السياسيين من قبل إدارة بايدن، بمن فيهم المبعوث الأميركي الجديد الخاص لإيران روبرت مالي الذي يتعرض لحملة شرسة بتهمة استرضاء إيران.

ونقل الموقع الأميركي عن مساعد لأحد المشرعين الجمهوريين في "الكونغرس" قوله، إن المشرعين الذين لديهم شكوك بشأن الاتفاق سيعارضون على الأرجح العديد من محاولات بايدن لتخفيف العقوبات.