انقلاب ميانمار اختبار مبكر لدفاع بايدن عن الديمقراطية

• الصين «المسكونة» بـ «الحزام والطريق» تدعو لعدم «تعقيد الوضع»
• مخاوف على مسلمي الروهينغا

نشر في 03-02-2021
آخر تحديث 03-02-2021 | 00:05
 آلية عسكرية في أحد شوارع عاصمة ميانمار أمس (أ ف ب)
آلية عسكرية في أحد شوارع عاصمة ميانمار أمس (أ ف ب)
تتعرض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لضغوط ليكون لها رد سريع وقوي على الانقلاب العسكري في ميانمار، وهي أزمة قد تكون أول اختبار رئيسي لمسعاها للعمل مع الحلفاء بخصوص استراتيجية جديدة في آسيا لمواجهة الصين، وأول اختبار لتصميم بايدن على الحلول المتعددة الطرف.
يمثّل الانقلاب العسكري في ميانمار (بورما سابقاً) اختباراً مبكراً لتصميم إدارة الرئيس جو بايدن للدفاع عن الديمقراطية في العالم، لكن بخلاف ما حدث قبل نحو 10 أعوام عندما رعت الولايات المتحدة عملية انتقالية للسلطة هناك، فإن الخيارات الآن أمام الإدارة الجديدة محدودة.

وطالما عُدّ صعود الديمقراطية في بورما إنجازاً رئيسياً للرئيس السابق باراك أوباما ونائبه حينذاك بايدن باعتباره شكّل فتحاً لدولة مغلقة تدور في فلك الصين.

لكنّ الزعيمة المدنية أونع سان سوتشي وحاملة نوبل للسلام التي اعتقلت مع مسؤولين آخرين الاثنين اثر انقلاب من دون إراقة دماء، كانت تخسر الدعم الغربي بشكل متسارع مع صمتها حيال وحشية الجيش البورمي ضدّ أقليّة الروهينغا المسلمة، وهو صمت فسّره البعض بأنه محاولة لعدم معادة الجيش.

بايدن

وحذّر بايدن في بيان قوي، أمس الأول، ميانمار من إعادة فرض العقوبات عليها، معرباً عن دعمه الثابت لمبدأ الديمقراطية الذي يتوافق مع وعوده خلال حملته الانتخابية بطوي صفحة سلفه دونالد ترامب الذي اعتاد الإشادة بالحكّام المستبدّين.

وقال بايدن في بيانه إنّ «الولايات المتحدة ستدافع عن الديمقراطية في أي مكان تتعرّض فيه لاعتداء»، مطالباً «المجتمع الدولي بأن يتحدث بصوت واحد لمطالبة جيش ميانمار بالتخلي بشكل فوري عن السلطة التي استولى عليها»، لافتا الى أن العقوبات التي رفعت خلال العقد الفائت «بسبب التقدم المحرز لإرساء الديمقراطية ستكون موضع مناقشة فورية»، مشيراً إلى ضرورة اتخاذ «التدابير المناسبة».

وصرّحت جين ساكي الناطقة باسم البيت الأبيض، بأن بيان بايدن «موجه إلى جميع دول المنطقة» وذلك لدى سؤالها عما إذا كان موجهاً إلى الصين.

وفي أمر نادر في واشنطن، فإن سياسة بورما حظيت بإجماع الديمقراطيين والجمهوريين.

وقال السناتور روبرت مينينديز، أبرز الأعضاء الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن الولايات المتحدة ودول أخرى «يجب أن تفرض عقوبات اقتصادية صارمة إضافة إلى إجراءات أخرى» على جيش ميانمار والقيادة العسكرية إذا لم يطلقوا سراح القادة المنتخبين ويعزلوا أنفسهم من الحكومة.

كما دعا النائب الديمقراطي آدم شيف، رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب، إلى فرض عقوبات على «كبار القادة العسكريين المسؤولين عن هذا الانقلاب».

ووصف زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي تربطه علاقات وثيقة مع سوتشي، الاعتقالات بأنها «مروعة»، وطالب برد قوي.

وقال: «على إدارة بايدن أن تتخذ موقفاً قوياً، وعلى شركائنا وكل الديمقراطيات في أنحاء العالم أن تفعل نفس الأمر فيما يتعلق بإدانة هذا الاعتداء الاستبدادي على الديمقراطية».

وتمثل الأحداث التي شهدتها ميانمار ضربة لإدارة بايدن وجهودها من أجل صياغة سياسة متينة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ للتصدي للصين.

وقال خبير شؤون جنوب شرقي آسيا في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» موراي هيبرت: «من السهل إصدار بيانات لكن الأصعب معرفة ما الخطوة التالية التي يجب القيام بها».

والدولتان الرئيسيتان اللتان يمكن لواشنطن التنسيق معهما هما اليابان والهند لتمتّعهما بعلاقة دافئة مع ميانمار، وقامت نيودلهي قبل أيام بشحن 1.5 مليون جرعة من لقاح مضادّ لـ «كوفيد 19» إلى عاصمة ميانمار، نايبيداو، كما طوّرت الصين علاقات ودية مع القيادة المدنية في ميانمار، لكنّها بدت أكثر اهتماما بمبادرتها «الحزام والطريق» أكثر من الجنرالات هناك الذين يعيشون في عزلة ويتصرفون أحياناً بطريقة فيها شيء من جنون العظمة.

وقال هيبيرت: «هناك شيء مثير للسخرية هو اعتقادي بأنّ الصين لن تتمكّن من بناء علاقة مع الجيش كتلك التي كانت مع سوتشي».

مجلس الأمن

وقبل انعقاد الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن لمناقشة فرض عقوبات على ميانمار، دعت الصين المجتمع الدولي إلى عدم «تعقيد الوضع أكثر مما هو عليه».

وتعارض بكين التي تتمتع بمصالح استراتيجية واقتصادية كبيرة لدى جارتها الجنوبية «التدخل» عادة في شؤون الدول والعقوبات الدولية.

وناشدت وزارة الخارجية الصينية المجتمع الدولي «المساهمة في الاستقرار السياسي والاجتماعي» في ميانمار، في وقت أعربت الأمم المتحدة عن خشيتها أن يفاقم انقلاب ميانمار أزمة نحو 600 ألف من الروهينغا الموجودين بالبلاد.

حملة عصيان

وفي خطوة هي أولى العلامات على تحرك أهلي لمعارضة الانقلاب العسكري، أعلنت جماعة نشطاء «شبكة يانغون للشباب»، إحدى أكبر الجماعات في ميانمار أمس، أنها بدأت حملة عصيان مدني.

وقال ممثل الجماعة على «تويتر»: «شبكة يانغون للشباب أعلنت وحضّت على العصيان المدني كرد فوري»، مشيرا إلى أن الأطباء في مستشفى في ماندالاي بدأوا أيضا مثل هذه الحملة.

«الرابطة الوطنية»

من ناحيته، دعا حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» التي تترأسه سوتشي أمس، إلى إطلاق زعيمته فورا. ويطوق عسكريون مباني سكنية للنواب. وقالت نائبة عن حزب سوتشي «إننا في مركز اعتقال في الهواء الطلق»، موضحة: «لدينا مؤن لكن لا يمكننا الخروج من حرم المبنى بسبب انتشار الجنود».

يذكر أن الجيش الذي طعن في نتيجة انتخابات 8 نوفمبر الماضي التشريعية أعلن حالة الطوارئ وتعهد بتنظيم انتخابات جديدة «حرة وعادلة» ما أن ترفع حالة الطوارئ بعد سنة.

ومع مرور أكثر من 24 ساعة على الانقلاب عادت الاتصالات الهاتفية وخدمة الانترنت أمس، وأعادت المصارف فتح أبوابها إلا أن مطار رانغون الدولي لا يزال مغلقا.

وذكرت صحيفة «ميانمار تايمز»، أن الجيش أعلن تعليق الحركة الجوية الدولية حتى 31 مايو 2021.

وكانت الحركة أقل من المعتاد في الأسواق والشوارع التي تشهد نشاطا كبيرا رغم جائحة «كوفيد 19» مع أن بعض سكان المدينة توجهوا إلى متنزهات عامة لممارسة الرياضة.

«شبكة يانغون» تطلق حملة عصيان مدني
back to top