كشف رئيس وحدة الغدد الصماء في مستشفى الصباح د. عادل رضا أن دراسة حديثة شملت أكثر من 1000 طالب وطالبة بين أعمار 14 و16 سنة أكدت أن مشكلة السمنة تبدأ من الطفولة، مشيراً إلى أن هذه الدراسة توصلت إلى أن 60% من الطلبة "ذكورا وإناثا" كان وزنهم فوق المعدل الطبيعي.

وأوضح رضا في حوار مع "الجريدة" أن أهمية هذه الدراسة تكمن في تأكيدها أن السمنة منتشرة بين الأولاد أكثر من البنات وهو ما يخالف ما تم اكتشافه في دراسات أخرى سابقة في هذه الفئة العمرية.

Ad

وأكد انتشار آلام الظهر بين فئات الشباب، وخاصة الإناث في الكويت، وهو ما يتطلب وقفة جادة من الدولة لمعرفة الأسباب وراء هذه الظاهرة. وفيما يلي تفاصيل الحوار:

• ما التعريف الطبي لمرض السمنة؟

التعريف الطبي للسمنة يعني وجود كتلة شحمية وقياس الخصر أكبر من الحد المطلوب طبيا. ويمكن القول إن السمنة وفقدان الوزن الشغل الشاغل لأغلب الناس.

أما أسباب السمنة فهي متعددة، وتعتبر من الأمور الطويلة المدى والتراكمية على مدى السنين، لذلك التعامل معها لا يكون ضمن نطاق الاستعجال، ولا ضمن نطاق الإثارة العاطفية ولا ضمن الدعايات، وبالتأكيد ليس ضمن تجارب شخصية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

وللسمنة بروتوكولات دولية معتمدة للتقييم والتشخيص والانطلاق في التعامل ضمن خريطة طريق علاجية يتم تفصيلها وتنظيمها كخريطة طريق ذات محطات مختلفة، وعند إثبات وجود مريض يعاني السمنة فإن هذا الأمر يتطلب المتابعة الطبية ضمن خريطة طريق معتمدة على بروتوكولات المتابعة الدولية. وبذلك يكون مريض السمنة ضمن حارة الأمان وتحت متابعة حرفية مهنية وممارسة طبية ملتزمة وليس ممارسة طبية استعراضية تجارية ومالية.

• ما أبرز وأهم النقاط التي يتم بها تقييم أي مريض سمنة محتمل؟

عندما يذهب مريض السمنة إلى الطبيب، يجب التفريق بين هل هذه السمنة حقيقية أم لا، لذلك يجب استخدام مسألة قياس الكتلة الشحمية وقياس الخصر، وأيضا يجب تقييم المريض إذا كان يشتكي من أمراض مزمنة من عدمه، وهل هناك تأثير على حياته الشخصية، وهل المريض غير نمط حياته غير الصحي، وأيضا طبيعة عاداته الحركية، وهل راجع المريض فني تغذية متخصصا ومعتمدا لضمان التزامه المهني بأنظمة التغذية السليمة ومن ثم يتم وضع برنامج غذائي رياضي شخصي وأيضا نفسي ويتم الاستمرار عليه ضمن متابعة مستمرة طويلة؟ هناك أمور طبية في التاريخ المرضي الخاص بكل مريض يتم السؤال عنها والتدقيق فيها مثل وجود كسل في الغدة الدرقية أو الإصابة بمرض السكري وأمور أخرى، إلى جانب الفحص الإكلينيكي.

ملاحظات

• ما أبرز ملاحظاتك حول موضوع السمنة في الكويت؟

للأسف هناك من يختصر كل ما هو معتمد في بروتوكولات العلاج العالمية المتعلقة بالتعامل مع أي مريض محتمل للسمنة ويذهب الى الخيار الجراحي مباشرة ومثل هذه التصرفات يتم تجريمها في بريطانيا وأغلب دول الاتحاد الأوروبي.

وفي هذا الإطار يجب التركيز على مسألتين؛ الأولى هي الالتزام ببروتوكولات التشخيص والمتابعة الخاصة بالسمنة، لحماية المريض من أي استغلال تجاري أو ترويج دعائي، أما المسألة الثانية فإن هناك انطباعا خاطئا يتعلق بطرق الوقاية حيث إن هناك تركيزا على علاج المسألة وليس الوقاية منها.

بشكل عام فإن السبل الوقائية للسمنة تبدأ من الصغر وتكلفتها أقل على النظام الصحي بشكل عام، والفرد بشكل خاص، وهذا ما أكدته دراسة إحصائية محكمة قام بها د. فايز الذربان شملت أكثر من محافظة في الكويت ضمن عينة عددية كبيرة شملت أكثر من 1000 طالب وطالبة بين 14 و16 عاما. وما يميز هذه الدراسة ليس فقط حجمها ولكن نتائجها حيث اتضح أن الخلل يبدأ من الطفولة، حيث إن 60 في المئة من الطلبة "ذكورا وإناثا" كان وزنهم فوق المعدل الطبيعي ومن نفس العينة الإحصائية اتضح أن شخصا واحدا من كل ثلاثة أطفال يعاني السمنة المفرطة. كما أن من مفاجآت هذه الدراسة الكبيرة والمهمة أن السمنة كانت منتشرة بين الأولاد أكثر من البنات وهو عكس المفهوم السائد ويخالف ما تم اكتشافه في دراسات أخرى في هذه الفئة العمرية.

كما أن هذه الدراسة كشفت انتشار العادات الغذائية السلبية وغير الصحية مثل قلة أكل الفواكه والخضراوات، حيث إن واحدا من كل ثلاثة أشخاص في نفس الفئة العمرية يأكل الفواكه بانتظام وأقل من نصف الأطفال يأكلون الخضراوات بانتظام، بينما تنصح منظمة الصحة العالمية بضرورة تناول خمسة أصناف مختلفة من الفواكه والخضراوات يوميا. كما أن هناك أقل من عشرة في المئة من المشاركين في الدراسة لا يمارسون أنشطة حركية اعتيادية.

لذلك مطلوب منا في دولة الكويت وقفة جادة لعلاج السمنة منذ الصغر، ووضع بروتوكول يتناسب مع مجتمعنا بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي بسبب تشابه الخصائص الديموغرافية والمؤشرات الصحية والعادات الاجتماعية ويتم تطبيقه على الجميع ومخالفة من لا يلتزم به.

الاهتمام بالشباب

• هل هناك أمور أخرى في جيل الشباب تتطلب اهتمام الدولة؟

لاحظت أثناء عملي انتشار الشكوى من آلام الظهر وخاصة بين فئات الشباب، وهذه ملاحظة عملية أثبتتها إحصائيا الدراسة ذاتها التي قام بها د. فايز الذربان وأكدت أن آلام الظهر منتشرة بشكل كبير خصوصا بين الإناث وبنسبة 82%، و64% بين الشبان ولكن إذا أخذنا الجنسين فتتراوح النسبة في دولة الكويت بين 64% و75%.

وإذا قارنا آلام الظهر في فئة الشباب في دولة الكويت مع أوروبا، فسوف نجد أن النسبة لدينا مرتفعة مقارنة بالدول الأوروبية حيث تتراوح النسبة بين الدول الأوروبية بين 31% و57% وبمعدل متوسط يعادل 42%، بمعنى آخر أن الأرقام في الكويت أكبر من المعدل الأوروبي. وهذه الأرقام مخيفة وتدق ناقوس الخطر وتدعو الى التساؤل، فهل هي مرتبطة بظاهرة السمنة فقط أم أنها مرتبطة بعوامل نفسية؟ حيث إن الكثير من تلك الحالات في صغار السن تكون مرتبطة بالاكتئاب والمشاكل النفسية. وهذا الأمر يتطلب وقفة جادة من الدولة ودراسات إحصائية طبية موسعة أكثر شمولا لمعرفة الأسباب وراء هذه الظاهرة.

عادل سامي