وضع البيت الأبيض قدمه باتجاه إحياء المسار الدبلوماسي بين واشنطن وطهران. وذكرت مصادر أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أوعز بتشكيل وفد تفاوضي بشأن مستقبل الاتفاق النووي مع إيران، يشمل خبراء بعضهم من «الصقور» لمواجهة تمسك الجمهورية الإسلامية برفض أي تغيير في بنود الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

ونقل موقع «أكسيوس» عن مصادر مقربة من الإدارة الأميركية، أن بلينكن طلب من المبعوث الأميركي الجديد لإيران روبرت مالي، أبرز «حمائم» إدارة بايدن، تشكيل فريق تفاوض يتكون من دبلوماسيين وخبراء لهم مواقف مختلفة بشأن مستقبل الاتفاق النووي، والاستعانة كذلك بأشخاص ممن يوصفون بالصقور.

Ad

ورأى الموقع أن التعليمات تشير إلى أن إدارة بايدن تحاول تجنب الاعتماد على تفكير فريق واحد عند صياغة سياساتها بشأن إيران، وأخذ وجهات النظر المتنوعة في الاعتبار في ظل معارضة قوى إقليمية لإحياء الاتفاق، الذي يقيد البرنامج النووي لطهران مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وتلويح إسرائيل بشن هجوم عسكري أحادي ضدها لمنعها من امتلاك سلاح ذري.

وقال مسؤولون أميركيون إن المبعوث مالي على اتصال بنظرائه الأوروبيين، وكذلك مع مسؤولين إسرائيليين ودول الخليج.

جاء ذلك بعد نفى خجول من جانب المتحدث الرسمي في وزارة الخارجية الأميركية، ناد برايس، لأنباء الشروع في تشكيل الفريق التفاوضي مع إيران. وقال برايس رداً على سؤال حول تشكيل الفريق، مساء أمس الأول، إن المبعوث روبرت مولي بالكاد بدأ مهمته «وعندما يتم تعيين أعضاء آخرين في الفريق فإننا سنعلن ذلك» في حينه.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت إيران صارت «على مسافة أسابيع من امتلاك الكمية اللازمة من اليورانيوم لصنع القنبلة»، كما سبق وصرح الوزير، قال برايس إن ما قصده بلينكن أنه «لو تُركت طهران على ما هي عليه من انتهاك قيود الاتفاق النووي، عندئذ قد تقترب أكثر فأكثر وربما تكون على بُعد أسابيع» من تحقيق غرضها النووي الذي «نعتزم إبقاءه في الصندوق».

وكشف أن الإدارة بدأت مشاوراتها «مع الشركاء والكونغرس» في هذا الشأن، مؤكداً «أننا لسنا لوحدنا»، ورافضاً الغوص في المزيد من التفاصيل؛ «لأننا لا نتفاوض من على هذا المنبر بل ربما وراء أبواب مغلقة» للحفاظ على السرية.

من جانب آخر، أعرب المتحدث الأميركي عن أسفه لقرار قضاة محكمة لاهاي القاضي باختصاص المحكمة الدولية نظر شكوى إيران بشأن العقوبات التي فرضها ترامب عليها، منتقداً طهران لاعتبارها قرار المحكمة الأولي انتصاراً.

وأكد المتحدث «أهمية استمرار الدبلوماسية الأميركية بشأن إيران»، مشيراً إلى أن واشنطن «تدرس بعناية المخاطر التي تشكلها أنشطة إيران التخريبية».

وهذه المرة الأولى التي تكشف فيها الإدارة أنها دخلت في مرحلة تشكيل فريقها التفاوضي، على أساس أنها «تقارب هذا الموضوع من زاوية الاستعجال».

ويأتي تسليط الضوء على هذا الموضوع في إطار تزايد الحديث في واشنطن عن «أولوية» هذا الملف خلافاً لما قيل عن تأجيله.

تلطيف أجواء

وفي مؤشر إلى إمكانية اتخاذ خطوات بهدف تلطيف الأجواء للتغلب على ما بات يعرف بأزمة «الخطوة الأولى» التي يطالب بها كل جانب الآخر من أجل العودة لتطبيق الاتفاق النووي، أعلن مسؤول بوزارة الخارجية الكورية الجنوبية أن الوزارة تقترب من الانتهاء من محادثات مع واشنطن بشأن استخدام بعض الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية بسبب العقوبات التي فرضها ترامب، في دفع مستحقات طهران المتأخرة للأمم المتحدة.

وأشار المسؤول إلى أنه يبدو أن هذا التقدم في المحادثات لإيجاد حل لقضية الأموال الإيرانية المجمدة قد جعل طهران تقرر الإفراج عن معظم أفراد طاقم ناقلة النفط الكورية الجنوبية المحتجزة لدى «الحرس الثوري» بتهمة تلويث المياه البحرية.

قصف إسرائيلي

في غضون ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي، ليل الأربعاء ــ الخميس، بصواريخ جو ـــ أرض وأرض ـــ أرض مواقع لـ «حزب الله» اللبناني وأخرى للحكومة السورية وميليشيات موالية لإيران في محافظة القنيطرة جنوبي سورية.

وذكر «المرصد السوري» أن الاعتداء استهدف مزارع فيها قوات تابعة لـ «حزب الله» اللبناني وميليشيا «المقاومة الشعبية لتحرير الجولان»، ونقاطاً عسكرية تابعة لـ «اللواء 90 دبابات»، التابع للقوات الحكومية، الذي تتمركز فيه ميليشيات إيرانية، في منطقة الهبارية بريف القنيطرة قرب الحدود الإدارية مع محافظة درعا.

وأوضح أن القصف أدى إلى تدمير تلك المواقع، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية، مشيراً إلى أن المضادات الأرضية الحكومية حاولت التصدي للصواريخ.

وأفاد موقع «صوت العاصمة» المحلي بأن الغارات استهدفت شحنة أسلحة إيرانية قادمة من طهران، حطت في دمشق أمس الأول.

سجن دبلوماسي

إلى ذلك، أصدرت محكمة بلجيكية حكما بالسجن 20 عاماً على الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي بتهمة التخطيط لتفجير اجتماع لجماعة إيرانية معارضة في المنفى، في أول محاكمة لمسؤول إيراني للاشتباه في ضلوعه بعمل إرهابي بالاتحاد الأوروبي منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

وذكر الادعاء البلجيكي أن أسدي، الدبلوماسي المقيم في فيينا، أدين بالشروع في عمل إرهابي بعدما أحبطت الشرطة الألمانية والفرنسية والبلجيكية مخططاً لتفجير تجمع للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بالقرب من باريس في يونيو 2018.

وأثار الملف الذي يجمع بين الإرهاب والتجسس، توتراً دبلوماسياً بين طهران والعديد من العواصم الأوروبية التي تعول عليها طهران للتوسط من أجل إحياء الاتفاق النووي.