وجهة نظر: قضية البدون... والمستثمرون في المصائب
![صالح غزال العنزي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/500_1682523043.jpg)
ولعل الاستثمار في كل قضية كبيرة يطول أمدها من الأمور التي تتكرر دائماً، حيث يبقى صيادو الفرص جاهزين ومتربصين، ولذا فإن بعض هؤلاء المستثمرين لا يفرحون بانتهاء المصائب فإما يدفعون باتجاه استمرارها أو يبحثون عن تفريعات استثمارية لأعراض المأساة الجانبية بعد انتهائها لأن أرزاقهم أولى من نهاية مصائب الناس. وأذكر أني قلت ممازحاً أحد الإخوة الذين نشطوا في قضية الأسرى والمفقودين في فترة وصول رفات الشهداء من العراق قبل سنوات، "الآن لن تجد عملاً بعد عودة رفات الشهداء وإغلاق ملف الأسرى والمرتهنين"، فما كان منه إلا أن قال بإصرار "لن أتوقف حتى الكشف عن مصير آخر مفقود".ولو طال أمد قضية العفو الحالية (مثلاً) فستقوم عليها الكثير من المصالح الشخصية التي سيحاول أصحابها منع صدور العفو أو تأخيره، ولو دققنا في تصاعد الأصوات المطالبة بالعفو ثم تراجعها وربط ذلك بتوقيت التصاعد والتراجع لاكتشفنا الصادق في مطلبه من (المستثمر) في القضية.وأما في قضية البدون (طويلة العمر) فلا داعي الحديث عن (بياعي) الجوازات المزورة، حيث أصبح ضحاياها أشبه بالكائنات الفضائية التي لا يمكن التعامل معها، فلا هم بدون ولا هم مقيمون مخالفون لقانون الإقامة، ولا داعي للحديث أيضاً عن الموظفين (كباراً وصغاراً) من العاملين عليها والذين لو تم حل القضية فلن يجدوا ما يعملون عليه، ولا داعي للحديث كذلك عن المستثمرين في الأعمال الجانبية الذين تكسّبوا من قضية البدون تجارياً أو إعلامياً أو اجتماعياً حتى صاروا اسماً بعد رسم وذكراً بعد ذكرى، بل لعل بعض حملة رايات الدفاع عن البدون من غير البدون ومن بعض البدون أيضاً سيكونون من الخاسرين مع أي حل حقيقي وجذري لأنهم سيكونون عاطلين عن العمل وعن (الكشخة) أيضاً.