تقارير التصنيف غير معنية بالاستدامة الاقتصادية للبلد
يجب ألا يُسمح للحكومة ببيع أصول غير سائلة إن لم تقدم ما يضمن استدامة الاستقرار المالي والاقتصادي
أفاد «الشال» بأن الكويت تمر بحقبة من النظرة السلبية لمستقبلها من وكالات التصنيف الائتماني، وسوف يتجسد تأثيرها بارتفاع كلفة الاقتراض الخارجي على المستوى السيادي، وعلى مستوى القطاع الخاص.
قال تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي، إن وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أصدرت في الثاني من فبراير الجاري تقرير تصنيفها الائتماني السيادي للكويت، وبينما ثبتت التصنيف على المدى القصير عند المرتبة (AA)، فقد خفضت النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية لتتوافق مع تصنيف شهر يوليو الفائت لـ "ستاندرد آند بورز"، والأخيرة أيضاً ثبتت تصنيفها لشهر يوليو 2020 في شهر يناير الفائت.ذلك يعني أن الكويت تمر بحقبة من النظرة السلبية لمستقبلها من وكالات التصنيف الائتماني، وتأثيرها سوف يتجسد بارتفاع كلفة الاقتراض الخارجي على المستوى السيادي وعلى مستوى القطاع الخاص.وكانت وكالة "موديز" خفضت التصنيف السيادي قصير الأجل من (AA2) إلى (A1) وأبقت النظرة المستقبلية مستقرة.
المخارج لتحسين تصنيف الكويت السيادي هو الوصفة التقليدية لتلك الوكالات، أي إقرار قانون الدين العام أو التسامح مع الحكومة للمساس باحتياطي الأجيال القادمة.والأخير تم وقف التحويل له بأثر رجعي للسنة المالية 2018/2019 بقانون صادر في أغسطس 2020، ثم وقف التحويلات -10 في المئة من الإيرادات العامة- في كل السنوات المالية اللاحقة حتى تحقق الموازنة فائضاً.وتكرر "فيتش" ما سبق لـ "ستاندرد آندبورز" ذكره، بأن صندوق الاحتياطي العام باع أصولاً على احتياطي الأجيال القادمة تحت ضغط الحاجة الملحة للسيولة، وإمكانية بيع المزيد مثل "مؤسسة البترول الكويتية" إمكانية قائمة وستكون خطيئة لأنه أصل غير سائل ومخالف لغرض احتياطي الأجيال القادمة بالاستثمار بعيداً عن النفط. ويذكر تقرير "فيتش" تقديراً لحجم احتياطي الأجيال القادمة ويضعه بحدود 581 مليار دولار من دون خصم الالتزامات على المالية العامة، ومن ضمنها، كما تذكر الوكالة، دين عـام بحدود 17 في المئة مـن حجـم الناتج المحلي الإجمالي بفوائد سنوية بحدود 400 مليون دينار، ولا يذكر حجم التزامات الدولة "للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية" وهي بعشرات المليارات من الدولارات. وتتوقع الوكالة أن تسجل الموازنة العامة للسنة المالية 2021/2022 عجزاً بحدود 7.5 مليارات دينار عند متوسط سعر لبرميل النفط بحدود 45 دولاراً ومستوى إنتاج 2.4 مليون برميل يومياً، وتقدر سعراً لبرميل النفط لتعادل الموازنة بحدود 80 دولاراً للبرميل.وتذكر أن الدين العام حالياً منخفض وبحدود 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكنه قد يرتفع إلى أعلى من مستويات أقرانها أو إلى 50 في المئة - 60 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لو أقر قانون الدين العام.وتتوقع أن يكون الاقتصاد الكويتي انكمش بنسبة -7 في المئة لعام 2020، موزعة ما بين انكماش القطاع النفطي بنحو -9 في المئة وانكماش القطاع غير النفطي بنحو -4 في المئة. وتتوقع أن يحقق الاقتصاد انتعاشاً معتدلاً عام 2021 مدعوماً بتحسن أسعار النفط وارتفاع مستوى إنتاجه، وأن أي تحسن أو هبوط بنحو 10 دولارات في أسعار برميل النفط قد يخفض أو يزيد عجز الموازنة بنحو 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ولن نضيف إلى ما سبق أن ذكرناه حول ضرورة قراءة تلك التقارير بفهم صحيح لمقاصدها، فهي تقارير جيدة للمتعاملين مع الكويت ائتمانياً أو استثمارياً أو تجارياً، لكنها غير معنية بالاستدامة الاقتصادية للبلد على المدى الطويل، تلك وظيفة واهتمام السلطات المحلية.وما لم تقدم الحكومة ما يضمن استدامة الاستقرار المالي، ثم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على المدى المتوسط إلى الطويل، يجب ألا يُسمح لها ببيع أصول غير سائلة لاحتياطي الأجيال القادمة، ولا الاقتراض، لعل الضغوط تجبرها على تبني سياسات إصلاح جذرية.
إقرار الدين العام أو التسامح في المساس باحتياطي الأجيال هما الوصفة التقليدية لوكالات التصنيف لتحسين تصنيف الكويت السيادي